خاص موقع تقارير. نت
في خضم الدوامة السياسية المستمرة والشد والتجاذب في ملف تشكيل الحكومة، يعيش المواطن دوامة اقتصادية واجتماعية ومعيشية متفاقمة وهي في وتيرة متصاعدة والازمة تشتد ليقبع تحتها كل الشعب اللبناني وغالبيته من المعدمين والفقراء وذووي الدخل المحدود بينما ينعم 5 في المئة فقط من اللبنانيين بالثروات التي يكدسونها ومن اموال لا يعرف مصدرها.
ووفق خبراء اقتصاديين فإن ارقام التضخم والغلاء وارتفاع الاسعار في تصاعد منذ مطلع العام 2018 تاريخ السير بسلسلة الرتب والرواتب والتي انصفت موظفي القطاعات العامة والاسلاك العسكرية في الفئات كافة لكنها ظلمت في المقابل شريحة واسعة من اللبنانيين الذين يعمل ربعهم في القطاع الخاص والذي لم تلحظه زيادة الرواتب او غلاء المعيشة بينما يعيش 50 في المئة من اللبنانيين وخصوصاً جيل الشباب والمتعلم منهم بلا وظيفة. ومع تأكيد احقية السلسلة لاصحابها، ولكن الاهتراء الذي يعانيه الاقتصاد وغياب السياسات الاقتصادية يدفع بالدولة الى رفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة والى التفتيش عن مصادر دخل لتمويل العجز في السلسلة الامر الذي يرفع الاسعار بشكل جنوني بنسبة تتراوح بين 4 ونصف بالمئة الى 5 ونصف بالمئة عن كل فصل من فصول العام 2018.
جمعية حماية المستهلك: المواطن ضحية العقم الاقتصادي والدولة متواطئة مع حيتان المال
احصائية
ووفق تقارير واحصاءات جمعية حماية المستهلك، سجّلت اسعار السلع الإستهلاكية ارتفاعاً هو الأول منذ أكثر من عامين، بلغ أكثر من 5 بالمئة خلال الفصل الاول من العام 2018 كما سجل تقرير لجمعية المستهلك ارتفاعا بلغ 4.75 بالمئة خلال الفصل الثاني من العام 2018 بالمقارنة مع الفصل الثاني من العام الماضي، وعلى سبيل المثال ارتفعت اسعار الفاكهة 6 بالمئة، والألبان والأجبان 3 بالمئة، والمعلبات والحبوب 5 بالمئة والمحروقات 22 بالمئة.
ومع ارتفاع الاسعار مع حلول الفصل الاخير من العام الحالي، ثمة اسئلة كبرى تطرح نفسها اين حكومة تصريف الاعمال مما يجري على المواطن؟ وهل سيكون تشكيل الحكومة هو الحل؟ وهل تحمل مقررات “سيدر” الحلول “السحرية” للاقتصاد اللبناني؟ وما هو دور الاجهزة الرقابية في الدولة في محاسبة المخالفين؟
“حماية المستهلك”
وللاجابة على هذه الاسئلة، يجيب رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان الدكتور زهير برو الذي يعتبر ان اسباب التضخم الاقتصادي هو من جراء السياسات الاقتصادية العقيمة التي تعتمدها الدولة فاقتصادنا تجاري ويعتمد على المصارف والتجارة وبشكل جزئي على السياحة اي يعتمد على قطاعين ونصف لذا فهو اقتصاد ضعيف ومريض والعقم والضعف يبقى مستمراً ويولد ازمات. ويشير الى ان منذ الطائف وحتى اليوم وما يجري من علاج للمشكلات من داخلها يعالج الظواهر وليس علاجاً بنيوياً.
فمن دون جعله اقتصاداً منتجاً وفي ظل البطالة السياسية ومع غياب غياب الحلول البنيوية سيبقى في فوضى منظمة يحكمها زواج بين المصارف والطبقة السياسية.
ويشدد برو على ان الجمعية في طور اعداد تقاريرها عن الفصل الاخير من العام 2018 وهي تلحظ زيادة في الاسعار. ويضيف ان لبنان يتجه اليوم الى التضخم وغلاء الأسعار، ويسأل هل اقتصاد هش كالاقتصاد اللبناني يمكنه مواجهة هكذا أزمات؟ ويؤكد ان الاقتصاد اللبناني سوف يهتز حكما خاصة مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن اللبناني حيث الاكثرية الساحقة من اللبنانيين لن يستطيعوا مواجهة غلاء الاسعار، وأوضح انه خلال فترة قصيرة تم امتصاص القدرة الشرائية لمن تم الزيادة لهم بالاضافة الى غيرهم من المواطنين مما سينتج المزيد من الازمات، ويرى ان نسبة الفقر ستزداد مع وجود مخاطر اخرى لا يمكن الكشف عنها حاليا، ويلفت الى ان البنك الدولي أصدر بيانا قبل فترة حذر فيه من تدهور الاوضاع في الاقتصاد اللبناني، ويوضح ان جزءا من التقرير الدولي لم ينشر بطلب من بعض السلطات والجهات اللبنانية، ويششير الى ان الموضوع الاقتصادي يجب ان يتم مسكه بالكامل وعدم السماح بحصول اهتزازات في ظل ثبات الوضع الأمني.
وحول الاقتراحات الممكنة للخروج من الأزمة يقول برو: إن الاقتراح الوحيد هو ان تتدخل الجهات المعنية مباشرة وتصدر قرارات حاسمة بمنع زيادة الاسعار خلال مرحلة معينة على سبيل المثال ستة أشهر أو سنة قابلة للتجديد حسب الظروف.
ويشدد برو على ان المصلحة العامة تتطلب ذلك والحكومة قادرة على ضبط الوضع اذا ما اتخذ القرار السياسي بذلك، وينبه من ان هناك قطاعات كالمصارف وغيرها حضرت نفسها لزيادة الاسعار والارباح لتعويض بعض الضرائب التي فرضت عليها والتي كانت تعارضها بكل الاشكال. ويشدد على انه يجب الضغط على الحكومة كي تضبط حيتان المال في البلد وتلجم طمع هؤلاء عبر تطبيق القوانين وعدم السماح بحصول تهرب ضريبي بعد اليوم، ويدعو هيئات المجتمع المدني الى تكثيف تحركاتها للضغط على الحكومة لحماية المواطن ومنع التسبب بآثار اجتماعية واقتصادية سلبية على البلد.
ويعتبر برو ان تشكيل الحكومة الجديدة لن يغير الاوضاع طالما بقيت الذهنية والممارسات نفسها كما ان مقررات سيدر لن ترى النور في ظل غياب الاصلاحات الجذرية المطلوبة.