مشروع قانون مناهضة العنف الأسري في العراق بين التمكين والتفكيك
د. حسن ابراهيم- مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير
يكثر اليوم الحديث عن العنف الأسري وعن تمكين المرأة وعن الحالات الجنسية الشاذة والعمل على إقرار قوانينها في المجتمعات العربية والإسلامية، وأيضاً الكثير من الأفكار غير المقبولة عقلياً ولا سلوكياً ولا اجتماعياً في المجتمعات المحافظة، وما يجب التوقّف عنده هو أن كل تلك الأفكار والمفاهيم تصبّ في استهداف المجتمع العربي والاسلامي مباشرة وبشكل متعمّد، فهي علاقات اجتماعية فاسدة، لها ما لها من مؤديات لاستهداف البنية الإنسانية والمفاهيم المجتمعية المحافظة المستندة إلى قوة المفاهيم الإسلامية.
ما يدفع للقراءة المتأنية في المفاهيم الاجتماعية الغربية الفاسدة هو هجمتها المتزايدة والمتصاعدة وتيرتها، التي تبيّن الغايات الواضحة للولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بتدمير الممجتمع العراقي وتفكيك الأسرة، ضمن الحرب الناعمة التي ينتهجونها ضد شعوب المنطقة.
يجد الناظر في الحملة الشعواء على المجتمع العربي والإسلامي تركيزاً شديداً على شيطنة الرجل مقابل إظهار مظلومية المرأة بتضخيم غير مسبوق لإظهار أصحاب الحملة على هيئة الناصر والمعين لها، إضافة إلى اختيار المكان والزمان والعناوين وآلية الاستهداف. ويعدّ “مشروع قانون مناهضة العنف الأسري”، الذي أرسلته رئاسة الجمهورية العراقية العام 2019 إلى مجلس النواب، أبرز وأحدث مبتنيات الهجوم الغربي على المجتمع العراقي. ويتألف المشروع من 7 فصولًا و27 مادة.
وانطلاقاً من هذه المؤشرات، يمكننا تقسيم الموضوع إلى ثلاثة شُعب متداخلة فيما بينها، لتبيّن مدى حجم استهداف العرب والمسلمين في مجتمعهم.
أولاً: اختيار المجتمع العراقي وأهدافه
يقع العراق ضمن محيط إسلامي، ويبلغ عدد السكان العراقيين أكثر (44.5 مليون) نسمة وفق مركز موقع “World Population Review” الأمريكي، أو (42,248,900 نسمة) وفق تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية لسنة 2022. وينتمي أغلب سكانه إلى الطائفة الشيعية حيث ترى بعض الدراسات أن الشيعة يشكلون ما بين 52 – 60 % من المجموع السكاني العام، ثم الطائفة السنية، إضافة إلى بعض المذاهب والشرائع الأخرى، وهي قليلة العدد والنسبة.
من جهة أخرى، يحتضن العراق أكبر عدد من المقامات الدينية الشيعية تعود للأئمة المعصومين(ع) التي تشهد حركة استقطاب ديني لا نظير لها على امتداد التاريخ، لا سيّما زيارة أربعين الإمام الحسين(ع)، حيث تشهد هذه الشعيرة تعاظماً متزايداً في السنوات القليلة الماضية، وهو ما تراقبه مختلف الجهات العربية والغربية من مختلف الميادين وتنظر إليه نظرة قلق وخوف من امتداد المفاهيم الدينية الشيعية إلى العالم.
وإضافة إلى المقامات المقدسة، يحضتن العراق أيضاً الحوزة الدينية الشيعية التي تعَد المرشد الأول والأقوى في تسيير الأمة والمدافع عنها على امتداد العصور. وفي تطوّر لافت، أصدرت حوزة النجف قراراً جهادياً عسكرياً غير مسبوق، بفتوى السيد السيستاني الجهادية لمقاتلة داعش وأخواتها.
كذلك يشهد العراق حالة تماسك شعبي شيعي مع المرجعية الدينية العراقية تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على زعزعته، إذ إنه يشكّل استفزازاً للغرب بمكوناته السياسية والاجتماعية والدينية، التي يفتقر إليها على المستوى الشعبي، وهو ما تعتبره نقطة قوة عظمى لا بدّ من توهينها.
يقع العراق في دائرة الاستهداف الأمني والعسكري والثقافي والاجتماعي المركّز على مدى عقود طويلة، ترتفع وتيرته يوماً بعد يوم تبعاً للمستجدات السياسية الإقليمية والتبدلات الإدارية في إدارة الدولة، ويأتي المجتمع العراقي المحافظ على رأس قائمة الاستهداف لتفتيته، إضافة لضرب الحوزة العلمية لما تحمله من إرث ديني عظيم.
ومن المثير للتفكير العميق، أن تتصدر قوانين اجتماعية حصراً بالمجتمع العراقي واعتباره مجتمعاً عنفياً ظالماً، في الوقت الذي تحيط به أنظمة ديكتاتورية بكل تفاصيل الحياة الاجتماعية والسياسية والإعلامية وحرية الرأي والتعبير وطريقة الإعدامات وأسبابها.
ثانياً: تداعيات مشروع القانون لمناهضة العنف الأسري في العراق
بعد انضمام العراق إلى مجموعة الدول العربية والغربية التي تعمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل بكل ما ورد فيها ودون التحفّظ عليها انطلاقاً من خصوصيات المجتمع العراقي العربي والمسلم والعشائري، أصبح يشكل قبولاً صريحاً وفاسحاً في المجال للعمل على الساحة العراقية تحت الضغوط الغربية، بل ذهب أبعد من ذلك، بتشكيل لجان متخصصة وبمساعدة منظمات المجتمع المدني المعروفة ميولها للفكر الغربي وتشجيع انتشارها بحماية مخفية من الخارج.
عند قراءة بنود مشروع القانون لمناهضة العنف الأسري في العراق، يبرز إلى الواجهة عدة ملاحظات نقدية حوله، انطلاقاً من كونه لا يتوافق مع المجتمع الإسلامي بعامة والعراقي بخاصة، بل أبعد من ذلك، هو يعمل على تفتيت الأسرة وتغيير المجتمع إلى ما هو عليه المجتمع الغربي المفكك، ومن أبرز دلائل خطورة هذا المشروع القانون مسألتين اثنتين:
– عدم ذكر أية عبارة تشير إلى اعتماد مشروع القانون على المفاهيم الإسلامية وقوانين الأحكام الشرعية في تطبيق أحكامه، علماً أننا أشرنا إلى أن العراق هو بلد إسلامي بامتياز، نظراً لبلوغ نسبة المسلمين حدّ 95 % من المجموع السكاني العام، حيث تستمد بعض الأحكام القانونية شرعيتها من القوانين الإسلامية، على اختلاف مذاهبها، ومن الشرائع السماوية الأخرى كالمسيحية، في المسائل الاجتماعية المتعلقة بالأسرة كالزواج والطلاق والإرث وغير ذلك، بينما يذكر هذا المشروع القانون اعتماده في أكثر من موضع على المواثيق الأممية وقوانين الأمم المتحدة، في إشارة واضحة على وجوب اعتمادها في المحاكم الجزائية، ما يمهد لاحقاً لاستبدال الأحكام الجزائية الدينية بأخرى من نفس النمط الفكري والاجتماعي للأمم المتحدة والدول الغربية، وهو بذاته خطر حتى على المحاكم الجزائية العراقية، وقد يتذرع الأميركيون والغرب بأن الأحكام الشرعية الدينية غير منسجمة مع التطوّر الحضاري أو عدم تلبية حقوق المرأة، وكل هذه المفاهيم باتت مكشوفة وظاهرة في أكثر من موقع في مختلف وسائل الإعلام والتواصل الغربي، إلا أنهم بالرغم من كل ادعاءاتهم الحضارية لم يستطيعوا أن يقدموا أحكاماً اجتماعية تحفظ المرأة كما حفظها الإسلام، وها هي المرأة الغربية تعيش عدم الاستقرار الاجتماعي والروحي والأسري نتيجة القوانين البعيدة عن روح الإسلام.
إن خير دليل على فشل الغرب بكل قوته العلمية بتقديم قوانين اجتماعية هو تفكك الأسرة، والزواج من بعض الحيوانات التي تبيحه بعض الدول، أو الزواج الشاذّ المخالف للفطرة الإنسانية بما يسمونه “مثلية”، وكذلك ارتفاع حالات الانتحار، حيث كشف تقارير على موقع “arabic.cnn.com” تاريخ 1/10/2022، أن الانتحار في المجتمع الأميركي يشكل “أحد العوامل الرئيسية للوفاة المبكرة في الولايات المتحدة بشكل عام، وهو ثاني سبب رئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و34 عامًا، وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض”، وقد “مات (47،646) شخصًا في الولايات المتحدة انتحارًا العام الماضي”، أي بمعدل حالة وفاة انتحارًا كل 11 دقيقة، ومن أبرز دواعي الانتحار هي المشاكل الاجتماعية مثل ” الانفصال عن الشريك، أو المرور بأزمة مالية، أو التعرّض للعنف، أو أي صدمة أخرى”، وقد زادت “وفيات الانتحار بين الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 10 و14 عاماً، أكثر من أي مجموعة أخرى، يليها الفتيان والشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً”.
– تزامن إرسال مشروع القانون في العام نفسه مع موجة الاحتجاجات التشرينية في العام 2019، وقد شهدت مختلف المحافظات العراقية حالة فوضى ومظاهرات ذات طابع سياسي واقتصادي واجتماعي، لذلك لا يمكن فصل توقيت المظاهرات عن المشروع الذي سبقها بشهر ونيّف تقريباً.
– بعد الإتيان على ذكر افتقاد نص مشروع القانون لاعتماد المفاهيم الإسلامية، جاءت مفردات تأهيل أفراد الأسرة مبهمة لناحية اعتماده على أية مناهج وقواعد سلوكية، إلا أن المضمون بات واضحاً بأنها ستقوم وفق المبادئ الفكرية الغربية والقواعد الاجتماعية الأممية.
ثالثاً: تفنيد المواد في “مشروع قانون مناهضة العنف الأسري”
أما فيما يتعلق ببنود مشروع القانون ومواده، فسيتمّ الحديث عن كل مادة على حدة وفق التسلسل الرقمي للمواد.
أ. في العنوان: “مناهضة العنف الأسري”
تبرز في عنوان المشروع مسألتان اثنتان:
1. يشي باعتماد حالة عنفية مقابلة لما يسمونه “العنف الأسري”، وهذا ما يوجب الوقوع بتنفيذ أحكام جزائية في الشخص المنوي معاقبته قد تفوق ما أقدم عليه من عنف معنوي أو مادي، لا سيّما عدم اشتمال هذا القانون على الأحكام الشرعية الدينية الأسرية، لا سيّما إذا ما قرأنا المواد اللاحقة بما فيها من أحكام قد تصل إلى السجن أو إبعاد أحد أعضاء الأسرة عن منزله، أو فرض عدم التواصل فيما بين أعضاء الأسرة أنفسهم.
2. ماذا عن العنف المعنوي للمجتمع؟ وهل هو مستبعد عن احتمال الوقوع فيه؟ وما هي حالات علاج هذا العنف من أشخاص معنويين كالمجتمع بعامة لأشخاص موجودين؟ على سبيل المثال: التهكم المجتمعي على شخص ما بسبب عادة أو أسلوب أو منقصة خَلقية، هل يحاسب كل أفراد المجتمع؟ لأن تلك التهكمات تصدر عن أفراد بحق أفراد آخرين قد يكونون من الأقارب أو ذوي النسب، فهل ينضوون ضمن العنف الأسري أم العنف المجتمعي؟ وهل تجري محاكمة سلالة عائلية لمجرد اعتبار إحدى العادات والتقاليد تأتي ضمن العنف المعنوي؟
ب. في المواد
تحمل مواد مشروع القانون هِنات كبيرة وفجوات واسعة يمكن استغلالها لتمرير مشاريع أكبر وأخطر منها، أما فيما يتعلّق بتفنيد البنود فهي على الشكل التالي:
المادة 1: لم تحدد المادة ماهية العنف الأسري، لا سيما أنها ذكرت أنه ” كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بأي منهما، يرتكب داخل الأسرة، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي”، وأن الأسرة تشمل كل أعضائها صعوداً ونزولاً، ومن ضمن من تشملهم هذه المادة كل الإناث في الأسرة، سواء كان فعل التعنيف واقع عليها أم هي الفاعلة له. وبالتالي فإن السؤال يطرح نفسه، ماذا لو كانت الأم قد أقدمت على فعل عنفي بحق ابنتها، على مثال منعها من الخروج من المنزل، بينما ينص مشروع القانون على حريتّها، فما هو الحكم على الأم باعتبارها تقوم بفعل التعنيف بالمنع والفعل؟ هل يطبق قانون إبعاد الأم عن منزل العائلة، أم إبعاد البنت وإيوائها في مراكز متخصصة؟ وما تأثير هذين الحكمين على سائر أفراد الأسرة؟ علماً سيؤدي بطبيعة الحال إلى شرذمتها لا سيّما في حال إبعاد الأم وبقاء البنت في المنزل.
أيضاً، ماذا لو كان الرجل يتعرّض للتعنيف من قبل المرأة وفي الوقت نفسه هو الكاد على عياله، هل تطبّق عليهما كل هذه المواد الجزائية والطرد من المنزل ومعاقبة المرأة؟
المادة -2: تقضي بمعاقبة مرتكب فعل التعنيف، وتسمح للأولاد بالشكوى على كل أفراد الأسرة، إضافة إلى ما هو أخطر من ذلك، حيث يوجب مشروع القانون “توفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم”، بمعنى بث مفاهيم الاستقلالية والحرية التامة، إذا ما سارت على النهج الغربي الذي تفرضه الأمم المتحدة، وهذا ما يوضح بشكل صريح استهداف الأسرة العراقية لتفكيكها وتشتيت أفرادها.
المادة -3: يشكل إدخال منظمات المجتمع المدني ضمن “اللجنة العليا لمناهضة العنف الاسري” عنصراً ضاغطاً على قرارات اللجنة الحكومية لما لها من دعم خارجي يفوق إرادة الدولة، بحيث يتوجب حضور “ممثلين إثنين عن منظمات المجتمع المدني”، وهذا مسار واضح نحو إشراك تلك المنظمات بتشريع القوانين، ولطالما أن هذه المنظمات مدعومة وممولة وتحت إشراف الدول الغربية وفق ما تعلنه وما تنشره، إضافة إلى ما تعلنه الدول الغربية الداعمة، فهي ستعمل على التشريع القانوني الغربي بحسب الجهات الداعمة لها.
المادة-5: في البند الثالث منها، يمكن للجنة “الاستعانة بمن تراه من ذوي الخبرة في مجال مكافحة العنف الأسري” وهذا ما يفتح الباب لمزيد من التدخل الخارجي وفرض الوصايات الاجتماعية، بحيث يمكن للأمم المتحدة أو أية دولة ذات نفوذ كالولايات المتحدة الأميركية أو الدول الأوروبية، إرسال بعثات خاصة وتقرير مصير المجتمع العراقي، وفوق ذلك كله تفتح باب الهدر المالي تحت عنوان “منح مكافأة تشجيعية”، وغير محددة السقف المالي أو الشروط العملية.
المادة -6: تتبنى “برامج وحملات توعية لمناهضة جميع أشكال العنف الاسري” وهي سابقة للبند التالي الذي يحدد الجهات المعنية بحملات التوعية، لتبادل الخبرات والتنسيق والتعاون مع “الجهات المختصة على الصعيدين الاقليمي والدولي”، ولم تذكر المادة المصادر المستقاة منها برامج التوعية، ما تفسح المجال لكافة المشاريع والقوانين الأممية، بل ذهبت في توضيح الاستعانة بـ “التعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني”.
المادة – 7: تشكل في وزارة الداخلية دائرة تسمى “مديرية حماية الأسرة”، وهو ما يستوجب توسيع الصلاحيات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية إلى الصلاحيات الاجتماعية والأسرية، وهو ما يشير إلى إدخال المسائل الأسرية والعائلية ضمن المهام الأمنية المباشرة، أي بتساوي أفعال العنف الأسري مع الأفعال الجرمية الجزائية كالقتل وغيره، بينما يفترض تشكيلها ضمن وزارة الشؤون الاجتماعية لكونها تتوافق مع العمل الأسري والاجتماعي.
المادة – 13: تفسح المادة إمكانية التوسّع في النظر بالدعوى على كافة الأراضي العراقية، بحيث “لا تخضع الشكاوى في قضايا العنف الأسري للاختصاص المكاني”، وهنا يمكن طرح أبرز مثال على خطورة هذا المادة، كإقامة بعض الحفلات الصاخبة أو أن تتقدم امرأة بالدعوى في محاكم بعيدة عن مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لعدم رغبتها بارتداء الحجاب داخلهما، وكلاهما من الأمور الممنوعة فيهما، فتلجأ إلى المحاكم البعيدة عن هاتين المدينتين المقدستين، كي لا يخضع أعضاء تلك المحاكم البعيدة عن المدينتين لاعتبارات ضاغطة، أو بحال تشكيل اللجنة الناظرة بالشكاوى من المنتسبين للطائفة الشيعية بحال تعيين أعضاء شيعيين على رأس تلك اللجان في المدينتين المقدستين، هذا فضلاً عن إمكانية تعمّد تعيين قضاة اختصاص في المحاكم من المبغضين لقدسية المدينتين، وهو أمر وارد طالما أن الأمور تسير بما تهواه الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، فيكون الحكم واجب التنفيذ داخل المدينتين دون أي اعتراض/ ما يفتح الباب على مصراعيه لدخول المفاسد الاجتماعية وخلع حجاب المرأة في ضل حماية القانون وتنفيذ أحكام المحاكم الجزائية، وهذا بالفعل ما تريده الولايات المتحدة وحلفاؤها من انتهاك حرمة المدينتين المقدستين وصولاً لخلع الهيبة الدينية عنهما.
المادة – 15: تفسح المادة المجال للاستقلالية المطلقة للأبناء بعد “تقديم طلب الى القاضي المختص لغرض إصدار قرار الحماية وإيداعه في المركز الآمن”، ويتوجب على الدولة العراقية تأسيس مراكز خارج سلطة الأهل كما هو حال المجتمعات الغربية، لفصل الأبناء عن ذويهم بنتيجة الدعاوى، وهذه من أخطر مساوئ المشروع، حيث يكمن تدمير الأسرة العراقية وشرذمتها بشكل مباشر، وحرمان الأهل من أبنائهم.
المادة – 18: ينص البند “ثانياً” منها، على “منع المشكو منه من دخول منزل الضحية أو الاقتراب من أماكن تواجده”، وهذا ما يفرض على الأهل مغادرة المنزل وتأمين سكن بديل لهم، ولم يتطرق إلى حالة تعنيف الأم لابنتها كمثال عنفي، ولم يعطِ حلولاً لمصير الأسرة برمّتها في هذه الحالة، من منهما تخرج من المنزل؟ ومن منهما تبقى مع باقي أفراد الأسرة؟ وما هو دور الأب في هذه الحالة؟ أو حتى في حال كان التعنيف من الأب لابنته، من يخرج من المنزل؟ وكيف يعيل الأب سائر أفراد الأسرة؟ هي أسئلة واجبة الطرح لكونها تمسّ بالأسس العائلية في سائر المجتمعات الإسلامية والعربية التي تفرض على الأب الإنفاق على العيال وعدم وجوب عمل المرأة، فكيف تتوافق هذه الشروط مع أحكام طرد الأب أو الأم من منزل البنت؟
أيضا البند “ثالثاً من المادة نفسها، يخلق هذا البند عداوة مستديمة، عندما يلجأ فيها الولد المتعرض للعنف إلى استخدام قوة خارجية تفوق قوة الأهل، وهذا توهين كامل لهرمية الأسرة، وتحث على عصيان الأبناء لمجرد وجود هذه القوة، وأيضاً تحثّهم على استقلالية السكن خارج كنف الأسرة والأهل، وهذا بدوره يعمل أيضاً على شرذمة الأسرة.
وفي البند “خامساً” من المادة نفسها أيضاً، يفترض انقطاعاً كلياً بين أعضاء الأسرة بعد ما يسمونه تعنيفاً، فينقطع الأب أو الأم عن التواصل مع أبنائهما، حتى يرضى الأبناء وتدخّل مديرية حماية الأسرة، وهذا يفسح الباب للاستغلال العاطفي بين أعضاء المديرية والبنات الخارجات عن طاعة ولي أمرهنّ، ما قد يؤدي إلى إقامة علاقات لأفراد المديريات المنتشرة مع البنات دون وجه شرعي وقانوني، تبيحه أحكام الاستقلالية المطلقة للبنات.
وفي البند “سابعاً” من المادة عينها، يلزم الأهل “بالخضوع لدورات تأهيل من السلوك العنيف في مراكز متخصصة” تحت إشراف اللجان المتخصصة، ما يعني خضوعهم لأحكام منظمات المجتمع المدني وقوانينها، العاملة على بناء علاقات أسرية وفق ما تشتهيه وتمهيداً لتكريس نموذج نظام العائلة الغربية المفككة داخل العراق.
المادة – 20: هي مكمن الخطورة العامة على الأسرة العراقية، حيث تعلن جهاراً بفصل الأبناء عن الأهل بناء على “فتح مراكز آمنة لضحايا العنف الأسري في بغداد والمحافظات كافة، لحمايتهم وإعادة تأهيلهم، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة لذوي الاعاقة، ويحق للمنظمات غير الحكومية المتخصصة فتح وإدارة المراكز الآمنة بموافقة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية”.
أما فيما يتعلّق بإعادة تأهيل الأبناء، فهي المدخل لبثّ السموم الفكرية والعقائدية من خلال استحضار هؤلاء الأبناء إلى فخ التعليم والتأهيل، ويوفر طاقة إيجابية كبرى للمنظمات، وفي هذا ما يطرحه المفكر الأميركي بأسس “الحرب الناعمة” في الإطار الفكري لدى الخصوم خارج الولايات المتحدة الأميركية.
وكل هذا يندرج ضمن أولوية عمل تلك المنظمات المموّلة خارجياً والمدعومة سياسياً واجتماعياً ويضاف عليها هنا الدعم والمشروعية القانونية من داخل البرلمان العراقي، بحيث تحصل على الاعتراف الرسمي من أعلى سلطة تشريعية، فتعمل براحة تامة وتخطيط هادئ، لا يؤرقها نظام ولا يشغل بالها مراقب.
“الأسباب الموجبة”: أما فقرة “الأسباب الموجبة” فتأتي بالإعلان الصريح والتوضيح الأشمل بالالتزام “بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية، التي صادق عليها العراق، وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية، وسيراً على خطى مبادئ المجتمع الدولي”، بعيداً عن التشريعات الإسلامية والقرآنية، وحتى بعض العادات الاجتماعية، ما تؤكد السير بالمناهج الغربية المدمرة للأسرة، من حيث اعتماد المساواة بين الرجل والمراة، أو من حيث الحرية المطلقة دون رادع أو وزاع، بل استصدار أحكام جزائية قانونية وتشريعية لمسيرة التفكك الأسري والشذوذ الجنسي التي تعمل الأمم المتحدة والدول الغربية على تشريعه، ومن هنا نشهد دخول العراق أعلى درجات الخطر الاجتماعي، نتيجة استهداف أهم مرتكزاته وهي الأسرة.
بعض الاستنتاجات
إن ما يتحضر للعراق يُنبئ بخطورة اجتماعية عالية الوتيرة، لا سيّما بعد القرارات والدعايات والتحضيرات المتواترة، وهذا ما بدأت عليه إشارات انضمام العراق إلى جملة الدول العاملة على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بمختلف الجوانب الاجتماعية، أبرزها فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين والقرار (1325)، وجاء طرح “مشروع قانون مناهضة العنف الأسري”، عام 2019، متزامناً في الوقت نفسه مع ما يسمى “ثورة تشرين” التي حملت طابعاً اجتماعياً، حيث أنهما يعدّان التمهيد لبداية الانقلابات الاجتماعية في العراق.
لذلك تكمن عوامل الانقضاض على العراق وتدمير مجتمعه، تمهيداً لدخول الفكر الغربي الحرّ والفاسد وتقديمها كبديل والعبث بالفكر والمفاهيم الاجتماعية والاسلامية، والسير بالمجتمع العراقي نحو الانحلال والانفلات.
ولا يمكن القول إن تأخير مجلس النواب البتّ بمشروع قانون مناهضة العنف الأسري هو مكسب للمجتمع العراقي، إنما هو تسويف وتأجيل تعمل عليه الجهات التي تعبث بالقوانين الاجتماعية العراقية من أجل انتهاز الفرصة لتمريره، وإن الأيام القادمة قد تنبئ بولادة احتجاجات اجتماعية تحمل في طياتها موضوع تمكين المرأة وحقوقها وما يندرج ضمن هذه العناوين البرّاقة، لا سيّما وأنّ السفيرة الأمريكية في العراق أعادت تحريك ملف تمكين المرأة العراقية في الشهر الأخير، والتركيز عليه.
إن انضمام العراق رسمياً إلى قائمة الدول العاملة على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة ومناهضة العنف الأسري، هو التمهيد الأول والأكبر لتمرير هذه القرارات على الساحة العراقية، لا سيما بعد وضع خطة عمل لتنفيذ القرار (1325) الصادر سنة 2000، والمتعلق بـ “المرأة والسلام والأمن”، خلال السنوات 2014 – 2018، حسبما ورد في تقرير رسمي خاص به.
وقد شهدت الساحة العراقية تأسيس جمعيات عديدة في هذا المجال منها جمعية نساء بغداد التي تأسّست سنة 2004، وشركة الذات للتدريب والتطوير والتنمية البشرية، وتحالف القرار (1325)، ومكتب تمكين المرأة وأقسامه المنتشرة في الجامعات وغيرها من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني المدعومة أميركياً وأوروبياً، حيث تعمل كل هذه المؤسسات والجمعيات على وتيرة واحدة يُعدّ لها الأميركي بهدوء ويتحيّن الفرصة لطرحها بقوة بعد اضطرابات عنيفة تسبقها ويعدّ لها.
لم تكتفِ الولايات المتحدة بهذا الإطار من الدخول إلى الساحة العراقية، إنما عمدت إلى نشر بعض التقارير حول الحرية واعتبار أن “النهوض بالمساواة والمساواة بين الجنسين أمراً أساسياً لضمان النساء والفتيات والمثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً” ويجب احترام حقوقهم بغض النظر عن هويتهم الجنسية أو تعبيرهم وأن تحقيق إمكاناتهم الكاملة والحصول على معاملة عادلة ومتساوية الفرصة هي واجب أخلاقي واستراتيجي على حد سواء.
إن من أبرز أهداف الغزو الاجتماعي الغربي هو الوصول إلى المكسب السياسي والاقتصادي وتفتيت المجتمع وشرذمته، وخلق حالة فوضى عارمة، شبيهة بما طرحته نظرية كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية، سنة 2006، تحت نظرية “الفوضى الخلاقة”، وذلك من خلال:
– تدمير الحالة الدينية الموجودة في المجتمع العراقي، التي تعتبر الركن الأساس في تنظيم الأسرة والمجتمع، عبر التطاول على المرجعية ونزع قدسيّتها، لأنها المانع الأكبر في تسلّل المفاهيم الغربية والمعتقدات الفاسدة إلى المجتمع.
– توهين قدسية المقامات الدينية للأئمة المعصومين(ع)، ومحاولة القضاء على الشعائر الدينية المتواترة والمتصلة منذ زمن الأئمة(ع) حتى يومنا هذا، وتفريغ المناسبات والشعائر من محتواها الإصلاحي والتوحيدي للأمة، ونسف العقيدة الشيعية الإمامية من داخل المجتمع الشيعي نفسه وبأيدي أبنائه.
– كسر هيبة العشائر والتقاليد العائلية، وكبح سلطة الأب على أسرته من خلال بثّ مفاهيم الحرية الغربية التي لا تعرف حدوداً ولا قِيَماً أخلاقية.
– التسلّل إلى المجتمع العراقي من بوابة العنف الأسري، الذي يشهد اهتماماً بالغاً وتسليط الضوء عليه في مختلف المحافل الدولية، من خلال جرّ العراق إلى التوقيع على القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، فيما يتعلّق بالمرأة والجندر وصولاً إلى طرح قوانين تتعلق بتفكيك الأسرة العراقية على هيئة القوانين الغربية التي يتيه فيها الفرد والعائلة والمجتمع، ويعيشون حالة انفصام عائلي ومجتمعي.
– السيطرة التامّة على العقول العراقية، من خلال تقديم مناهج علمية وتربوية وثقافية معلّبة وفق المنظور الغربي، وهو ما طرحه المفكر الأميركي جوزيف ناي بنظريته “القوة الناعمة”.
– خلق بؤرة قلق للجمهورية الإسلامية الإيرانية في الساحة العراقية، كونها الجار الشيعي الأكبر، وما تشهد من امتداد وتداخل شيعي عراقي – إيراني، والتأثير المتبادل عليهما، من أجل الوصول إلى حالة عداء على ما كانت عليه في عهد صدام حسين.
– محاصرة سوريا وإغلاق المنافذ البرية كافة، لا سيّما بعد الانتصار العسكري، إبّان فتح الحدود بين سورية والعراق، والتمهيد لدخول سورية من الباب الاجتماعي بعد فشل الدخول من الباب السياسي والعسكري، وهذا ما تشهده إيران.
– تشتيت المجتمع العراقي وسوقه إلى الملذات القائمة على الحرية المنفلتة دون حدود، ما يخلق مجتمعاً متهالكاً.
– ضرب المجتمع العراقي من خلال إشغاله بمسألة المرأة وحريتها وحقوقها، وقد نجح الغرب والإدارة الأميركية من التسلّل عبر منظمات المجتمع المدني في إشغال المرأة وتأليب حركتها لنيل حريتها، مستغلّين المظلومية الأسرية لها، علماً أن للمرأة العراقية مشاركة واسعة في الميادين الاجتماعية والسياسية والإعلامية العامة، وغيرها من المحافل العلمية والاقتصادية والتربوية والثقافية، إلا أن التركيز ينصبّ على شعار “العنف ضد المرأة” وتسريب شعار “المساواة بين الرجل والمرأة”.
بعض التوصيات
– إن المطلوب من مجلس النواب أن يعجّل بالبت بمشروع قانون مناهضة العنف الأسري لناحية رفضه كما هو عليه الآن، وليس تأجيل البحث به، بل يعمل على تضمينه المفاهيم الإسلامية والأحكام الشرعية في المعاملات الأسرية، وتشذيبه وإبعاده عن قرارات الأمم المتحدة التي تسيطر عليها الأفكار الغربية الهدامة في كل ما تطرحه على العالمين العربي والإسلامي، لأن قادم الأيام قد يشهد استثمارًا في المجتمع العراقي، بعدما شهدنا الصراعات السياسية الشديدة الداخلية، وكذلك تحريك بعض المغرّر بهم في المجتمع الإيراني تحت ذريعة الحرية.
– يجب عرض مشروع القانون على المرجعيات الدينية لإبداء رأيها وإصدار الفتاوى الشرعية المنظمة للعلاقات الأسرية، مع طرح قانون العقوبات الإسلامي في هذا المضمار.
– إن وجوب العمل على تبيين مخاطر هذا المشروع القانون هو مسؤولية اجتماعية ودينية ملقاة على عاتق الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل وفق القواعد الإسلامية ووسائل الإعلام والشخصيات النافذة، ويجب التكاتف والتعاون فيما بين هذه المجموعات للوصول إلى نتيجة مرضية وصالحة وطرحها كمشروع قانون بديل يتناسب مع الأحكام الشرعية ومع خصوصيات المجتمع العراقي وفي الوقت عينه يعمل على الوصول إلى حقوق عناصر الأسرة وتأهيلهم وتوعيتهم، وشرح الواجبات على كل منهم، سواء الأب والأم والزوج والزوجة والأبناء والبنات وما علا وما دنا من أرحام والمجتمع بعامة، وصولاً إلى التكامل الاجتماعي وإعطاء كل ذي حقّ حقّه.
– وفي جانب موازٍ، يتوجب على القيّمين الاجتماعيين العمل على تبيين حدود الرجل وصلاحياته تجاه أسرته، الوالد والوالدة والزوجة والابن والبنت والأخ والأخت والأحفاد وما توسّع من أرحام، فيعرف حقوقه ويؤدي واجباته.
– إن النمط السائد في المجتمع العراقي هو نمط القوة للرجل والسيطرة التامة؛ وهي معايير تضبطها الشريعة الإسلامية بما ينتظم معه حال الأسرة وتنتشر معها أجواء المودة والرحمة بين الزوج والزوجة والأب والأبناء، في حين أن الخلل في التنفيذ يجعل الأسرة مهددة بالتنافر واستيلاد البغضاء والعداوة. لذلك تبقى المسؤولية أن يحضر ما أقرّه الله تعالى في شرعه الحنيف منهاجًا وسلوكًا.
– وفي جانب المسارعة لتلافي مثل هذه القوانين، ومن أجل استباق تشريع القانون، وقطع الطريق على الدول الغربية، يتوجب إنشاء مراكز اجتماعية متخصصة في الشأن الاجتماعي والأسري والنفسي، لمعالجة الاضطراب العنفي، وتقديم الشروحات الكافية والوافية المتعلقة بالتوعية الأسرية.
– يجب التوضيح أن دخول الفكر الغربي إلى المجتمع العراقي هو ليس حباً بالمرأة ولا دفاعاً عنها، إنما يستغل ما تعانيه للعبث بأركان الأسرة لما تمثّله من نقطة محورية في الأسرة والمجتمع، وهذا ما تفتقده المرأة الغربية.
ملحق
نص مشروع قانون مناهضة العنف الأسري الذي أرسلته رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب
الفصل الأول … التعاريف والأهداف
المادة-1-يقصد بالمصطلحات التالية المعاني المبينة ازاءها:
أولاً- العنف الاسري: كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد باي منهما، يرتكب داخل الاسرة، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي.
ثانياً-الاسرة: مجموعة من الاشخاص الطبيعيين وتشمل:
أ- الزوج والزوجة/ الزوجات وأبناؤهم وأحفادهم أو أبناء أحد الزوجين من زوج آخر.
ب- والدا أي من الزوجين.
جـ- الاخوة والاخوات لكلا الزوجين.
د- الشخص المشمول بالوصاية أو القيمومة أو الضم، ومن كان في كنف الاسرة.
ثالثاً- اللجنة: اللجنة العليا لمناهضة العنف الاسري.
رابعاً-المراكز الامنة: اماكن معدة لاستقبال ضحايا العنف الاسري المشمولين بأحكام هذا القانون.
خامساً-المحكمة المختصة: محكمة الاسرة المختصة بقضايا العنف الاسري.
سادساً- القاضي المختص: قاضي التحقيق في قضايا العنف الاسري، او قاضي التحقيق في المنطقة عند عدم وجود قاضٍ مختص.
سابعاً- قرار الحماية: قرار يصدر من محكمة الاسرة وفقا لإحكام هذا القانون.
ثامناً- المديرية: مديرية حماية الاسرة التابعة لوزارة الداخلية.
المادة -2 -يهدف هذا القانون الى حماية الاسرة، وعلى وجه الخصوص النساء والفتيات من كافة اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد من انتشاره والوقاية منه، ومعاقبة مرتكبيه، والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الاسرية.
الفصل الثاني … اللجنة العليا
المادة -3- يشكل مجلس الوزراء لجنة عليا تسمى (اللجنة العليا لمناهضة العنف الاسري) يرأسها وزير العمل والشؤون الاجتماعية ويكون وكيل وزارة الداخلية نائباً له وعضوية كل من:
أولاً: قاضٍ يرشحه مجلس القضاء الاعلى.
ثانياً- ممثل عن الوزارات والجهات التالية، لا تقل وظيفة أي منهم عن مدير عام:
أ- وزارة الخارجية.
ب- وزارة المالية.
ج- وزارة العدل.
د- وزارة التخطيط.
ه- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
و- وزارة التربية.
ز- وزارة الصحة.
ح- وزارة الثقافة والسياحة والاثار.
ط- الامانة العامة لمجلس الوزراء.
ي- المفوضية العليا لحقوق الانسان.
ك- ممثل عن حكومة إقليم كردستان.
ثالثاً-ممثلين إثنين عن منظمات المجتمع المدني تختارهما اللجنة كل سنتين لمرة واحدة.
رابعاً- يكون مدير مديرية حماية الاسرة مقرراً للجنة.
المادة-4- تكون قرارات اللجنة العليا ملزمة للجهات كافة.
المادة-5-اولاً- تنعقد اللجنة بدعوة من رئيسها، لمرة واحدة في الاقل كل (60) ستين يوما بحضور أغلبية عدد أعضائها، وتتخذ القرارات بالأغلبية لعدد اعضائها الحاضرين، وعند تساوي الاصوات يرجح الجانب الذي صوّت معه الرئيس.
ثانياً- يحل نائب رئيس اللجنة محل الرئيس عند غيابه لأي سبب كان.
ثالثاً- للجنة الاستعانة بمن تراه من ذوي الخبرة في مجال مكافحة العنف الاسري ولرئيس اللجنة منح مكافأة تشجيعية له.
المادة -6-تتولى اللجنة القيام بالمهام الآتية:
اولاً- رسم السياسات الوطنية الشاملة التي تتضمن التدابير المناسبة للوقاية من اشكال العنف الاسري كافة.
ثانياً- تبني برامج وحملات توعية لمناهضة جميع اشكال العنف الاسري، وانعكاساته على المجتمع وضرورة الوقاية منه.
ثالثاً- المصادقة على الخطط والبرامج والدراسات والمسوحات الميدانية التي تقترحها مديرية حماية الاسرة.
رابعاً- الموافقة على اعتماد الآليات الضرورية والمناسبة لحماية ضحايا العنف الاسري بالتنسيق مع الوزارات والجهات ذات العلاقة.
خامساً- اعداد التقارير الخاصة بالعنف الاسري في جمهورية العراق.
سادساً- تبادل الخبرات والتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة على الصعيدين الاقليمي والدولي.
سابعاً- اعداد البرامج والخطط لبناء قدرات العاملين، ومقدمي الخدمات في مجال العنف الاسري بالتعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني.
الفصل الثالث … مديرية حماية الاسرة
المادة -7-أولاً: تشكل في وزارة الداخلية دائرة تسمى (مديرية حماية الاسرة)، تتولى تنفيذ المهام المنصوص عليها في هذا القانون، يرأسها موظف بدرجة مدير عام، وله خبرة في مجال شؤون الاسرة لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
ثانياً- يكون مقر المديرية في بغداد، ولها فتح فروع في بغداد والمحافظات كافة.
المادة -8- أولاً- تتولى المديرية مهمة البحث والتحقيق في شكاوى العنف الاسري وعرضها على القاضي المختص.
ثانياً- على القائم بالتحقيق في المديرية عند ورود بلاغ يتضمن خرقاً لقرار حماية نافذ عرض الحالة على القاضي المختص لغرض اتخاذ الاجراءات القانونية.
المادة-9-تنظم تشكيلات المديرية ومهامها واختصاصاتها، بتعليمات يصدرها وزير الداخلية وتكون الاولوية لتمثيل المرأة في هيكلها الاداري.
الفصل الرابع … الاخبار عن الجرائم
المادة-10- يشكل مجلس القضاء الاعلى محكمة مختصة، أو أكثر في المناطق الاستئنافية للتحقيق في قضايا العنف الاسري.
المادة -11- لكل من تعرض للعنف الاسري، أو من ينوب عنه قانوناً التقدم بشكوى الى أي من:
أولاً- قاضي التحقيق المختص.
ثانياً-الادعاء العام.
ثالثاً-مديرية حماية الاسرة.
رابعاً-المفوضية العليا لحقوق الانسان.
المادة -12-اولاً- على الموظف أو المكلف بخدمة عامة، أو كل من قدم خدمة طبية أو تعليمية أو اجتماعية أو المنظمات غير الحكومية المختصة، في حال يشتبه معها، وقوع جريمة عنف أسري، الاخبار الى أي من الجهات المنصوص عليها في المادة (11) من هذا القانون.
ثانياً- يلتزم من يتلقى الاخبار عدم الكشف عن هوية مقدم الاخبار الوارد ذكره في البند (أولاً) من هذه المادة.
المادة -13-لا تخضع الشكاوى في قضايا العنف الاسري للاختصاص المكاني.
المادة -14-للمحكمة أن تقرر، سرية الجلسات، بناءً على طلب أحد الطرفين، أو كلا طرفي الدعوى، أو بناء على طلب الادعاء العام، أو إذا ارتأت المحكمة ذلك.
المادة -15-أولاً- لمن تعرض للعنف الاسري، أو من ينوب عنه قانوناً، تقديم طلب الى القاضي المختص لغرض إصدار قرار الحماية وايداعه في المركز الآمن.
ثانياً-على المحكمة اصدار قرار الحماية خلال (24) أربع وعشرين ساعة ولمدة لا تزيد على (30) ثلاثين يوماً قابلة للتجديد وفقاً لأحكام هذا القانون.
ثالثاً- يجوز الطعن بقرار المحكمة أمام محكمة الجنايات المختصة، بصفتها التمييزية خلال (7) سبعة أيام من تأريخ تبليغه بالقرار.
رابعاً- لطالب الحماية التقدم إلى المحكمة بطلب الغاء قرار الحماية.
خامساً- تعفى الطلبات المنصوص عليها في البند (أولاً) من هذه المادة من الرسوم كافة.
المادة-16-للمحكمة المختصة إصدار قرار الحماية أثناء النظر في الدعوى.
المادة-17- للقاضي المختص عرض الضحية على اللجان الطبية والنفسية المختصة، واتخاذ ما يلزم لنقلها الى المركز الصحي للعلاج وله تأمين إيوائها في المركز الآمن خلال (48) ساعة.
المادة -18-يتضمن قرار الحماية إلزام المشكو منه، بتدبير أو أكثر من التدابير الآتية:
أولاً: عدم التعرض للضحية وعدم التحريض عليها، أو على أي فرد من أفراد الأسرة أو على مقدم الإخبار.
ثانياً- منع المشكو منه من دخول منزل الضحية او الاقتراب من أماكن تواجده.
ثالثاً- تمكين الضحية، أو من يمثلها من دخول بيت الأسرة بوجود الموظف المكلف، لأخذ ممتلكاته الشخصية بموجب محضر اصولي.
رابعاً- ضبط أي سلاح بحيازة المشكو منه إذا كان ذلك ضرورياً.
خامساً-عدم الاتصال بالضحية سواء في المنزل، أو في مكان العمل، إلا إذا قصد منه الصلح الأسري بأشراف المديرية.
سادساً-اشعار الجهات ذات العلاقة، بإيقاف العمل بالوكالة العامة أو الخاصة الممنوحة من الضحية للمشكو منه من تاريخ تقديم طلب الحماية.
سابعاً- إلزام مرتكب العنف بالخضوع لدورات تأهيل من السلوك العنيف في مراكز متخصصة.
المادة-19-أولاً: يحيل القاضي أطراف الشكوى إلى البحث الاجتماعي لإصلاح ذات البين، وله الاستعانة بمحكمين من طرفي الشكوى للغرض المذكور.
ثانياً- إيقاف الاجراءات القانونية المتخذة بحق المشكو منه إذا حصل الصلح والتراضي بينه وبين الضحية.
الفصل الخامس … المراكز الآمنة
المادة-20-اولاً-على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فتح مراكز آمنة لضحايا العنف الاسري في بغداد والمحافظات كافة، لحمايتهم وإعادة تأهيلهم، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة لذوي الاعاقة، ويحق للمنظمات غير الحكومية المتخصصة فتح وإدارة المراكز الآمنة بموافقة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية.
ثانياً- تحدد بتعليمات يصدرها وزير العمل والشؤون الاجتماعية مهام المراكز الآمنة.
الفصل السادس … الاحكام الجزائــية
المادة-21-يعاقب المشكو منه على خرق قرار الحماية بالعقوبات الآتية:
أولاً- بالغرامة التي لا تقل عن (500,000) خمسمائة ألف دينار ولا تزيد على (1,000,000) مليون دينار، وفي حالة عدم الدفع تكون العقوبة الحبس البسيط مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على (6) ستة أشهر.
ثانياً- بالغرامة التي لا تقل عن (3,000,000) ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على (5,000,000) خمسة ملايين دينار، في حالة العود، أو إذا ارتكبت الجريمة من الفروع على الأصول، أو إذا كان الضحية صغيراً، أو حدثاً، أو كبير السن، أو حاملاً، أو من ذوي الإعاقة أو خرق قرار الحماية باستخدام العنف ضد أي من المشمولين به، وفي حالة عدم الدفع تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر ولا تزيد على (1) سنة واحدة.
المادة-22-يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر ولا تزيد على (1) سنة واحدة كل موظف او مكلف بخدمة عامة، حاول اكراه الضحية بعدم تقديم الشكوى، او أهمل في تسجيلها.
المادة-23-للمحكمة الحكم بالتعويض بناءً على طلب المتضرر، أو من يمثله قانوناً.
الفصل السابع … احكام عامة
المادة-24- تطبق أحكام قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 وقانون الاحداث رقم (76) لسنة 1983 أو أي قوانين عقابية أخرى في قضايا العنف الأسري فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون.
المادة-25-لا يعمل بأي نص يتعارض وأحكام هذا القانون.
المادة-26-يصدر مجلس الوزراء الانظمة والتعليمات لتسهيل تنفيذ احكام هذا القانون خلال ثلاثة أشهر.
المادة-27-ينفذ هذا القانون بعد مضي (90) تسعين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
الأسباب الموجبة
بغية الحد من مظاهر العنف الأسري، والقضاء على أسبابه، وحماية للأسرة وأفرادها، وتحمل الدولة لمسؤولياتها، ووقاية المرأة من الأفعال التي تشكل عنفاً بأشكاله المختلفة، مما يستوجب السعي الحثيث لتجريم تلك الأفعال وملاحقة مرتكبيها، وتوفير الخدمات اللازمة، ونظراً لكون العنف ضد المرأة يعد شكلا من اشكال التمييز، وانتهاكاً لحقوق الانسان، والتزاما بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية، التي صادق عليها العراق، وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية، وسيرا على خطى مبادئ المجتمع الدولي، وتنفيذاً لأحكام المادة (29) من الدستور، شرع هذا القانون.