الشيخ عمر الفاكهاني
الشيخ عمر الفاكهاني

لنستقبل شهر رمضان المبارك بقلوب نظيفة وذنوب مغفورة!

لنستقبل شهر رمضان المبارك بقلوب نظيفة وذنوب مغفورة!

الشيخ عمر الفاكهاني *

أيام قلائل تفصلنا عن شهر عظيم مبارك، شهر العتق والغفران، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتضاعف فيه الأجور والحسنات، قال الله جل جلاله في القرآن عن هذا الشهر الكريم: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة، وغُلّقت أبواب النار، وصُفّدت الشياطين)، نعم هذا الشهر شهر عظيم ليس كباقي الشهور وأيامه ليست كباقي الأيام.
إن صيام هذا الشهر المبارك فرض من الفرائض العظيمة في الدين وقد كتبه الله على المؤمنين، كما أخبر سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ويكون الصوم بالإمساك والامتناع عن جميع المفطرات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، كالأكل والشرب والجماع ونحو ذلك مما يُفسد الصوم. وقد فُرض صيام هذا الشهر العظيم في السنة الثانية من الهجرة، قال الماوردي الشافعي في الحاوي الكبير: (أَوَّلُ مَا نَزَلَ فَرْضُ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي شَعْبَانَ ‌فِي ‌السَّنَةِ ‌الثَّانِيَةِ ‌مِنَ ‌الْهِجْرَةِ).

شهر القرآن

وقد حصلت في شهر رمضان حوادث كثيرة ومواقف جمة وأمور جليلة، منها أن القرآن الكريم نزل في رمضان في ليلة القدر، ومنها يوم الفرقان أي يوم معركة بدر الكبرى الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، ومنها فتح مكة الذي كان في العشرين من رمضان حيث نصر الله المؤمنين وأعز الإسلام والمسلمين وكان فتحها فتحا مبينا كما أخبر ربنا سبحانه: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)، وفي رمضان كذلك قدم وفد ثقيف من الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون الإسلام، وهدم فيها صنم اللات الذي كانت تعبده ثقيف، وحصلت معارك كثيرة في رمضان منها معركة عين جالوت بقيادة قُطُز سلطان المماليك في مصر، بعد أن صاح بأعلى صوته: وإسلاماه، وانتصر فيها على المغول الذين ولوا الأدبار لا يلوون على شيء، وتم فيها توحيد مصر وبلاد الشام، وإنقاذ الإسلام والمسلمين من همجيتهم.

شهر الصبر والتثبت

رمضان شهر الصبر والتثبت، شهر البذل والعطاء، شهر العمل والتقدّم، وليس شهر الكسل والنوم والخمول والأكل والشرب فقط، ليس شهر النوم في المساجد بل شهر الصلاة فيها، ليس موسم الصراخ والتنابذ بالألقاب بل شهر الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، شهر ليس كباقي الشهور، وليلة القدر التي فيه ليست كسائر الليالي من حُرم خيرها فقد حرم ومن فاز بنورها فقد كسب واغترف، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات والعطايا.
فلنسرع لاستقبال هذا الشهر بالتوبة من الذنوب وطلب مغفرة الخطايا من علام الغيوب، (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ)، فلننظف قلوبنا مما دنّسها خلال العام، من بُغض الإخوان والأحباب، والإسراع إلى طلب العفو ممن آذيناهم، ولنسرع إلى صلة الرحم والتقرب من البعيد والإحسان للفقراء والمساكين والأرامل والأيتام، ولنفرج عن المهمومين ولنتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ) وقوله عليه الصلاة والسلام: (منْ نَفَّس عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبةً منْ كُرب الدُّنْيا نفَّس اللَّه عنْه كُرْبةً منْ كُرَب يومِ الْقِيامَةِ، ومَنْ يسَّرَ عَلَى مُعْسرٍ يسَّرَ اللَّه عليْهِ في الدُّنْيَا والآخِرةِ).
كذلك ينبغي للصائم أن يكف أذاه عن الناس وهذا خلق مطلوب في رمضان وفي سائر أيام السنة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: (إِذَا ‌صُمْتَ ‌فَلْيَصُمْ ‌سَمْعُكَ، ‌وَبَصَرُكَ، ‌وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً).
فاتقوا الله أيها المسلمون واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله، واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره قال سبحانه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وتواصوا بذلك وتعاونوا عليه لتفوزوا بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة، والله سبحانه أعلم وأحكم.

*، مدير أكاديمية المنهاج للدراسات الإسلامية.

شاهد أيضاً

الرئيس نبيه بري

تواصل بين بري ون.صرالله منذ 3 اشهر لتنسيق الموقف ووحدته

تواصل بين بري ون.صرالله منذ 3 اشهر لتنسيق الموقف ووحدته رئيس مجلس النواب: رد الحز.ب. …