هل نحتاج إلى قائد حقاً ؟
نسيب شمس/ (باحث وأكاديمي لبناني)
يتبادر لذهن البعض عدم ضرورة وجود قائد أو مدير أحيانا لإنجاز المهام وتحقيق الأهداف. لكن وبشكل مؤكد يجب أن يكون هناك قائد، وإذا لم تصدقوا ذلك ، قوموا بتشكيل فريق من الأفراد لتحقيق هدف ما، بدون تحديد قائد وقوموا بمراقبتهم، فستجدون أنهم يتصرفون بدون رؤية، وسينحرفون بعيداً عن تصبون إليه من هدف من الأهداف أو النتائج المتوخاة. ذلك أن عدم توفر قائد جيد للفريق بقسم في شركة أو في قمة شركة أو مؤسسة أو على رأس أسرة؛ يؤدي إلى العديد من الأمور التي ستحصل، كما أن النتائج التالية تصبح حتمية:
– بدون قائد، تضيع الرؤية: في حال وضع فريق ما رؤية معينة من ضمن خطة استراتيجية، لكن لدون تحديد قائد فستولد مشكلة؟ لماذا؟ نعم مشكلة، لأن الرؤية ستنسب بعيداً عن الأهداف، وبدون قائد تتبدد الرؤية، وسينجرف الفريق وراء اتجاهات متعددة وغير دقيقة بعيداً عن الهدف المحدد أو الغاية المتوخاة من عمل الفريق أو تحقيق الرؤية.
لكن إذا بدأ الفريق مع قائد وبدون رؤية، فالأمور ستسير بشكل ملائم وجيد، حيث يستطيع القائد أن يحدد الرؤية، وقد يكون القائد “صاحب الرؤية”. لأن لدى القائد دائماً مكان ما يريد الوصول إليه، القادة لديهم رؤية، كما يستطيع القائد أن يحدد ويضع الرؤية الملائمة، كما أن تلك الرؤية لا تعطيه وحده الاتجاه المطلوب بل تعطي تابعيه ايضاً.
– بدون قائد، يتأخر اتخاذ القرار؛ يقول الرئيس الأميركي رونالد ريغان (1981 – 1989) أنه عندما كان مراهقاً اخذته عمته لتفصيل زوج أحذية، فسأله صانع الأحذية كيف يريد مقدمة الحذاء؛ مستديرة أو مربعة. ويتذكر ريغان أنه لم يكن قد قرر بعد، فقال له صانع الأحذية: تعال بعد يوم أو يومين، واخبرني ماذا قررت”، لكن ريغان لم يعد ثانية، وعندما شاهده الرجل بالشارع صدفة سأله مرة أخرى ” كيف يريد مقدمة الحذاء” فكان الرد ” لم أقرر بعد”. فكان جواب الرجل ” سيكون الحذاء جاهزاً غداً”. وذهب ريغان لتسلم الحذاء فأكتشف أن أحدهما كان بمقدمة مستديرة والآخر بمقدمة مربعة. ويقول الرئيس ريغان: ” عندما رأيت ذلك الحذاء تعلمت درساً، وهو إذا لم انخذ قراراتي، فسوف يتخذها عني شخص آخر”.
لذلك ليس كل صناع القرارات الجيدين قادة، لكل كل القادة المميزون صانعو قرارات، فغالباً يتطلب الأمر من القائد ان يكون صانع قرارات، وإذا لم يحسن صناعة القرار فهو يساعد آخرين على صناعتها بصورة أسرع.
– بدون قائد، تتحكم المصلحة الشخصية: عند اجتماع مجموعة من الأفراد معاً لتنفيذ أمر بدون تحديد قائد، سيبدأ الجميع بالسعي إلى مصالحهم الشخصية، ولن يتم تحقيق الهدف المحدد، وسيمر الوقت، ولا بد أن يتفرقوا كل فرد في سبيله دون تحقيق الأمر المرجو. الفريق يحتاج إلى قيادة ليتوفر صوت واحد يعبر عن المصلحة العامة للجميع.
– بدون قائد، يقع الخلاف ويبدأ الشقاق: أن أهم ادوار القائد هو حل النزاعات، في غياب القائد تتسع الخلافات وتستمر وقتاً طويلاً مما يتسبب في خسائر أكثر، لذلك يحتاج الأمر لتقدم القائد وتدخله، وحث الجميع للدخول في الحوار لتصفية الأجواء، لذلك على القائد ن يكون مستعداً دوماً لفعل ما يلزم لمساعدة الفريق على تصفية خلافاتهم وحل نزاعاتهم.
– بدون قائد، تنهار المعنويات: قال نابليون بونابرت إن ” القادة هم تجار الأمل”. في حال عدم وجود قادة، فأغلب الناس يفقدون الأمل وتنهار معنوياتهم. لماذا يحصل ذلك؟ بكل بساطة لأن المعنويات هي ” الثقة والأمل بالقائد الموجود في موقع القمة في موقع المتصدي للمسؤولية”.
– بدون قائد تنخفض الإنتاجية: من صفات القائد قدرته على تحقيق الأهداف وتصويب الأمور، إن القائد المبتكر يستطيع إيجاد الطرق لمساعدة الأخرين ليكونوا منتجين، فقد يحتاج الأمر من القائد أن يضع تحدٍ ما. واحياناً قد يكون هناك حاجة لبعض التدريب أو التشجيع أو إعطاء محفزات أو حوافز.
لو كان الناس متشابهون ومتساوون في القدرات في كل المواقف، لما كان هناك حاجة لوجود قادة. وبما أن كل فرد مختلف والظروف دائمة التغير، لذلك يستلزم الأمر وجود قائد لمعرفة ما هو المطلوب لإيجاد الحلول وتحقيق الأهداف.
– بدون قائد ، لا نجاح: يعتقد الكثر من الناس بعدم أهمية القيادة فيما يتعلق بنجاح المؤسسات إنهم لا يرون القيادة؛ والأصح إنهم لا يريدون رؤيتها.
لكن القادة أصحاب الإرادة القوية والتواضع الشديد، هم من يقودون المؤسسات إلى النجاح كما أكدت الأبحاث، وابرزها أبحاث جيم كولينز، والتي ذكرها في كتابه Good to Great .
واخيراً، تظهر القيادة ودورها وحتى إذا لم نرغب بذلك، لأن المؤسسة لن تعمل بكفاءة بدون قادة اذكياء واشداء بكل الأقسام والقطاعات. نحن نحتاج إلى قادة أكفاء ومميزين في مختلف المستويات كي تدار المؤسسات المنظمات بكفاءة وتميز للوصول إلى الأهداف المحددة وتحقيق النجاح والإمتياز.