هناك وثائق رسمية إذا سلكت مسارها الصحيح ستؤدي الى محاسبة رؤوس كبيرة
– عقد النائب حسن فضل الله مؤتمرا صحافيا ظهر اليوم، في مجلس النواب، تناول فيه موضوع الحسابات المالية للدولة، وقال: “كما أعلنا، هذا المؤتمر الصحافي مخصص للحديث عن الحسابات المالية للدولة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في الهيئة العامة لمجلس النواب اثناء مناقشة البيان الوزاري، ووجهنا طلبا لدولة رئيس المجلس وفق الاصول بضرورة إيداع هذه الحسابات لدى المجلس النيابي، فكان متجاوبا بشكل سريع، وطلب اثناء الجلسات من وزير المال ان يضع تقريرا نهائيا في يد رئيس المجلس، وفي عهدة المجلس النيابي ليبنى على الشيء مقتضاه”.
أضاف: “كلنا نعرف ان الحسابات المالية انجزت بالكامل وأعيد تكوينها، وهنا أتكلم عن ضرورة تنظيم هذه الحسابات وتصحيح القيود لان هذا الملف هو الذي يؤمن الانتظام العام لمالية الدولة، فإذا لم نصحح القيود لن تنتظم مالية الدولة وتبقى الاخطاء تتراكم مع مرور الزمن وتحصل انحرافات كبيرة في مسار المال العام. إذا من دون انتظام المالية العامة لا يمكن انجاز قطع الحساب السنوي، وهذا يؤدي حكما الى تعطيل انجاز الموازنة لان النص الدستوري يؤكد ضرورة اقرار قطع الحساب قبل نشر الموازنة. لقد رأينا ما حصل في السنوات التي لم يكن فيها موازنة، وما سأطرحه اليوم من معطيات وارقام وارد في مستندات ووثائق رسمية اذا سلكت المسار القانوني الصحيح فستؤدي الى محاسبة رؤوس كبيرة لا تزال في الحياة السياسية اللبنانية”.
وتابع: “نريد ألا تتكرر معنا التجارب الماضية، حين قمنا بواجبنا كاملا وقدمنا ملفات للقضاء، لكنها ضاعت في ادراجه. تذكرون كم عقدنا من المؤتمرات عن قطاع الاتصالات، وان شاء الله لا يلقى هذا الملف ما لقيه ملف الانترنت. الملف اليوم، يتعلق بـ13 حسابا ماليا منها القروض، السلفات، الامانات والهبات، هذه عملية تقنية تتم داخل وزارة المالية، وأريد ان اتحدث عن عناوين اساسية اولها القيود المحاسبية وهذا الموضوع بدأ يظهر في العام 2010، فمن ضمن ورشة العمل التي انطلقت آنذاك، لاعادة تصحيح الحسابات، تبين ان الحوالات كانت تقيد ثم تلغى ثم يعاد قيدها، والحسابات التي بطبيعتها دائنة تصبح مدينة والعكس صحيح”.
وأعطى مثلا عن قيد ملغى، وقال: “هناك المئات بل الالاف من الوثائق موجودة ومن يريدها ليراجع وزارة المالية. المفترض وفق ما ابلغنا به وزير المال انها تحول الى الجهات المختصة، ديوان المحاسبة. نريد ان نعرف لماذا مثلا 7 او 8 مرات تقيد هذه الحوالة ثم تلغى، وتعطى رقما مختلفا، ما يعني ان الحوالة صدرت 8 مرات، فإذا مئة مليون تريد وزارة المالية ان تصرفها، فقد اصبحت 800 مليون”.
وسأل: “لماذا يتعارض التسلسل الرقمي للعمليات مع التسلسل التاريخي لها في حين ان هذه العمليات تصدر عن المحتسب في المالية نفسه وتعود لسنة الموازنة نفسها”.
وأعطى امثلة عن تغيير في الحوالة، وسأل: “ما هو سبب تسجيل القيد مرتين لرقم الحوالة نفسه بتواريخ متفاوتة، اي بعد 11 شهرا، ثم اجراء قيد عكسي في 31/12/2005، هذا نفس الحساب لماذا قيدت الحوالة كذا بتاريخ 10/5/2005 ثم ألغيت بتاريخ 27/6/2005 وقيدت من جديد بتاريخ 13/7/2005؟ وما هي الاسباب للتفاوت بين التواريخ لهذه القيود التصحيحية؟ ومن هو المرجع الصالح للقيام بها؟”.
وقال فضل الله: “من خلال القيود لهذه العملية بالذات يتضح ان رقم الحساب نفسه كان رصيدا مدينا بقيمة معينة ثم اصبح رصيدا دائنا، ما لذي حصل؟ ومثلا هناك حوالة صرف لها رقم قيدت به وألغيت مرتين ثم قيدت للمرة الثالثة، هذا يعني ان هناك مليارات لا ندري اين ذهبت. وبنتيجة هذه القيود والتي استحصلنا عليها عبر نموذج سندات القيد حسب رقم الامر، يتبين ان رصيد حساب رقم كذا، عن نموذج هذه العملية اصبح مدينا، ورصيد الحساب رقم 40101 اصبح دائنا وبالرجوع الى القيد الاساسي فإن المبلغ المتوجب دفعه باستثناء المحجوزات هو مبلغ معين. اذا يتبين ان حساب السلفات الطارئة زاد رصيده المدين، وحساب السلفات الدائمة زاد رصيده الدائن، في حين ان هذه العملية عبارة عن سلفة طارئة اعطيت في العام 2004 وسددت بموجب حوالة صرف في العام 2005، وبالتالي يجب ان يكون رصيد حساب السلفات الطارئة عند اصدار الحوالة لجهة هذه العملية صفر. أين ذهبت الاموال، لو انه خطأ حصل مرة او ثلاث مرات نقول إنه خطأ اداري، انما عندما يكون هناك مئات الالاف من هذه الاخطاء بالقيود، فماذا يكون الامر؟ نحن نتكلم عن سنوات طويلة”.
أضاف: “مثل آخر، هناك حوالة في سنة 1997 لها جدول صرف ورقم اصدار ورقم جدول، كل التواريخ موجودة هي نفسها انما غيروا في الرقم. هذه حوالة صرف مطلوب بقرار من مجلس الوزراء تحويل مبلغ او المساهمة في موازنة لوزارة الداخلية – المصلحة الادارية المشتركة لمديرية الدفاع المدني، هي نفسها الحوالة مرة ب 18 مليارا و150 مليونا، ومرة ب 19 مليارا و150 مليونا مع التاريخ نفسه 19 حزيران 1997 والموظف نفسه. اذا كان هناك المئات مثل هذا النموذج، فكم من اموال الدولة اللبنانية قد ذهبت؟ هذا الملف هو واحد من اهم ملفات المال العام في الدولة، واذا لم ننظم ذلك فسنبقى ذاهبين الى “المزراب”. على كل حال ميزان الدخول أعيد تنظيمه واعلن عنه من قبل وزارة المالية حسبما اعتقد في العام 2004″.
وتابع: “هذه النماذج من المستندات التي تحدثت عنها سببها ان النظام الذي كان معمولا به قد أتاح مثل هذا التراكم في الاخطاء. النيابة العامة في ديوان المحاسبة أرسلت كتابا الى المالية العامة ردا على كتاب من الاخيرة، وهناك ما اريد ان اسميه الفوضى المقصودة والمنظمة، فديوان المحاسبة يقول ان البرنامج المعتمد من قبل الخزينة خلافا للاصول القانونية، يسمح بإضافة او إلغاء قيود سبق ودونت الامر الذي يتيح امكانية اخفاء انحرافات او اخطاء او مخالفات. ومثال على ذلك، هل يعقل ان حساب قيد في العام 2006، يصحح في العام 2010 اي بعد اربع سنوات، وهناك مستندات. والتغيير يتم عبر الهاتف ايضا وهناك مستندات ومراسلات داخل الادارة العامة”.
وتطرق الى حساب الهبات بين عامي 1993 و2012، موضحا أن “الذريعة كانت أن الهبة هي حسب رغبة الواهب”، وقال: “عام 2012 اصبح هناك قبول لدى الواهب عندما صدر القرار ان كل هبة يجب ان تسجل، وهناك تقريبا 4 بالمئة مسجل بحساب الخزينة والهبة مفترض ان تقبل بمرسوم في مجلس الوزراء. هناك ملايين دولارات كان تأتي على شكل هبات ليس من المفترض ان تسجل وفق الاصول، بل سجل جزء كبير منها على حساب الهيئة العليا للاغاثة لان في هذه الهيئة شخص واحد يأخذ القرار هو رئيس الحكومة، بينما وفق الاصول يجب ان تسجل في حساب الخزينة في مصرف لبنان، وعندها هناك اكثر من شخص يجب أن يوقعوا على أمر الصرف، ونحن نتحدث عن مليارات”.
أضاف: “ان الهبات التي جاءت الى لبنان بعد حرب تموز -وانا من النواب الذين تابعوا هذا الملف لانه يرتبط بتعويضات المتضررين- كانت كفيلة بتنفيذ جزء من البنى التحتية. لكن أين هي الاموال؟ كان السفراء يقولون لنا إنكم لا تتحدثون عن مساعداتنا. لقد فتشنا عنها ولم نجدها”.
وتابع: “هناك مئات ملايين الدولارات فماذا فعلوا بحساب سلفات الخزينة. أعطيت سلفات خزينة لمؤسسات مجلس الانماء والاعمار والكهرباء والهيئة العليا للاغاثة، ولكن عندما تعطى سلفة يجب أن ترد إما أموالا وإما فواتير. ليقل لنا احد اين هي المستندات التي تظهر كيف صرفت السلفات؟ وإذا لم نجد تبريرا قانونيا فمعنى ذلك أن لا أحد يعرف كيف صرفت. أقول للجهات الرقابية، هناك الاف مليارات الليرات وضعت في عهدة المؤسسات منذ عام 1993 الى اليوم، وهي لا تعود الى المالية، كيف صرفت هذه السلفات؟ في الهيئة العليا للاغاثة اين التبريرات؟ في مجلس الانماء والاعمار وفي الكهرباء كيف تصرف هذه الاموال؟ في غياب التبرير القانوني الشك سيكون موجودا حول كيفية الصرف. ليتفضلوا ويأتوا الى المجلس النيابي ويقلوا لنا كيف صرفت، ليتفضل القضاء المختص، القضاء اللبناني، ويدافع عن المال العام ولا يستنفر فقط من اجل مصالحه كقضاء، فليقم بدوره ومسؤولياته”.
وقال فضل الله: “تبين لنا ان هناك فوضى منظمة ومعتمدة كي تضيع الحسابات والاموال، لا نعرف اين صرف المال وكيف والى جيوب من ذهب، هناك مستندات مفقودة ضائعة او ضيعت عن قصد، أخفيت معلومات اساسية عن الايرادات والنفقات، الارقام غير متطابقة والقيود فيها اخطاء لا تحصى وجميع الحسابات فيها مخالفات كثيرة ومشاكل خطيرة، وهو ما يدعو الى طرح اسئلة عن مصير الاف مليارات الليرات اللبنانية من الهبات والسلفات والقروض وغيرها من الحسابات، ومن بين هذه الاموال الـ 11 مليارا. الان المطلوب هو السير في تحقيق جدي وحقيقي واخراج هذا الموضوع من اي حسابات سياسية، واقول للجميع من اخذ لجيبته، فليخرج من الحسابات الشعبوية ومن المزايدات، وأقول لكل الناس، لا احد يذهب ويستنفر ليدافع عن فلان وفلان، لم يأت شيء لجيبك ايها المواطن ذهبت لجيوبهم وبطونهم انتفخت وبطونكم خاوية”.
أضاف: “هدفنا ان نعرف اين ذهب هذا المال ونسترجعه. انجزت الحسابات وننتظر ان يتسلمها المجلس النيابي بعد قرار دولة رئيس المجلس الطلب من وزير المال ايداع المجلس نسخة من التقرير الخاص، يلخص كل الحسابات وستكون هنا امام رقابة برلمانية كواحدة من الخيارات الثلاثة المطلوبة: المسار البرلماني، المسار الاخر وهو مسار ديوان المحاسبة المعني بالدرجة الاولى، وهناك مسار القضاء المختص. وهناك مسؤولية على مجلسي الوزراء والنواب والقضاء وليتحمل كل وزير ونائب وكتلة وقاض مسؤوليته. تفضلوا في التعيينات غدا آتوا بقضاة غير محزبين وغير تابعين لطائفة، تفضلوا يا نواب قوموا بدوركم، والرأي العام هو جزء من هذه المعركة، والشعب يتحمل مسؤولية عندما ينتخب هكذا نواب يسكتون عن هكذا ملفات. نحن سعينا الى قانون نسبي ليصل صوتك، إحمل المسؤولية بالموقف”.
وختم: “الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هو من أعلن الالتزام بمجلس الخدمة المدنية من اجل التوظيف. وشخصيا لم أوجه اي تهمة لاي شخص مباشرة لان هناك اكثر من شخص وهذه مسؤولية القضاء، ولا يمكنني التشهير بأحد قبل توجيه اتهام من القضاء، واذا لاحظنا اي تلكؤ فسأقول ان هناك اسماء وادلة ووثائق”.