كلمات موجزة في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية
الشيخ عبد القادر فاكهاني / مسؤول الإعلام في الجمعية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين وخاتم النبيين.
في نهاية عام 1982م قام طلاب المرشد المربّي العلامة المحدث الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله بالانضواء تحت إطار جمعية يحققون بها أهدافهم السامية في نشر الثقافة المستنيرة وبناء المؤسسات النافعة. وبتاريخ الأول من أيلول 1982 أجريت انتخابات في “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية” وحلّ بنتيجتها رئيسا للجمعية سماحةُ الشهيد الشيخ نزار حلبي رحمه الله. وتضم الجمعيةُ في لبنان حاليا عشراتِ الآلاف من مريدي وطلاب العلامة الشيخ الهرري هذا بالإضافة إلى المنتشرين خارج لبنان في العديد من دول العالم. وهم بفضل الله دعاةٌ إلى التواصي بالحق والصبر عملا بقول الله تعالى: “والعصرِ إن الإنسانَ لفي خُسْرٍ إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحاتِ وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر”.
وتولى سماحةُ الشيخ الدكتور حسام قراقيره حفظه الله رئاسةَ الجمعية بُعيدَ اغتيالِ سماحةِ الشيخ نزار حلبي على يد متطرفين بتاريخ 31 آب عام 1995.
نبذ التطرف
وقد بنتِ الجمعيةُ عشراتِ المساجد والمصليات والمراكز الإسلامية والثقافية والمدارس والمعاهد ودور الحضانة والمستوصفات الصحية والقاعات الاجتماعية، والجامعة العالمية، ومدارس تعليم اللغة العربية، ومراكز تعليم القرآن الكريم والمؤسسات الإعلامية والشبابية والكشفية والرياضية والنسائية وغيرها.
وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية على مذهب أهل السنة والجماعة، وفي الفقه على مذهب الإمام الشافعي، وفي العقيدة على عقيدة إمامي أهل السنة الإمام أبي الحسن الأشعري والإمام أبي منصور الماتريدي.
وتنتهج الجمعية نهج الوسطية والاعتدال اعتقادا وممارسة، وترى في التطرف والغلو في الدين خطرا كبيرا يهدد الأفراد والأسر والمجتمعات والأوطان، ويشكل خطرا كبيرا على الأمة.
وتهتم الجمعية بالشؤون الوطنية والقضايا العامة التي تهم المواطنين، وعندما كانت يد الفتنة تعبث بأمن البلاد كانت الجمعية تدعو إلى الوعي واليقظة والابتعاد عن الفتن. وهي تجتهد من خلال مؤسساتها المتعددة وانتشارها الشعبي في خدمة المجتمع والوطن، وتعمل في الشأن العام من منطلق المصلحة الوطنية العامة والسعي لتحقيق المنافع للفرد والمجتمع. وتتمسك في عملها بالشأن العام بمبدأ: “لا نبيع المبادئ بالمواقع” أي أنها لا تتخلى عن نهجها من أجل الكراسي والمواقع، ولذلك صمدت في وجه المغريات وكل حملات التجني والافتراء والتشويه.
الاهداف
وتهدف الجمعية فيما تهدف إليه إلى:
– نشر العلم الديني بالحكمة والموعظة الحسنة.
– محاربة التطرف والغلو في الدين.
– تنقية المجتمع من الآفات والبدع السيئة والأباطيل الشائعة.
– نشر العلوم العصرية الأكاديمية النافعة، وحث النشء على الاغتراف منها ونيل الشهادات العالية.
– رعاية الشباب والشابات وتحصينهم من الآفات المنتشرة، والاستفادة من طاقاتهم لخدمة المجتمع والوطن.
– الاهتمام بالمرأة والعمل النسائي وتوظيف الطاقات النسائية في شتى الحقول والمجالات المطلوبة.
– الاهتمام بشؤون الفقراء والأيتام والأرامل وكبار السن وتوفير المساعدات وفرص العمل والرعاية النفسية والحماية الاجتماعية.
– الاهتمام بالأنشطة الثقافية والتربوية والاجتماعية والإعلامية والشبابية والكشفية والرياضية ونحوها.
– التواصل والتعاون مع الجمعيات والمؤسسات بغرض الوصول إلى الأهداف المرجوة لتحقيق ما فيه الخير والنفع العام.
وتستمد الجمعية دعمها المالي وتغذي صندوقها من ثقة أعضائها وأحبابها والواثقين بنهجها الإسلامي وخطها الوطني، فهؤلاء يجودون بالاشتراكات الشهرية والتبرعات المالية والعينية، ويسهمون في إقامة المشاريع الجديدة كبرت أم صغرت، وتغطية مصاريف الأنشطة المتنوعة، هذا فضلا عما يجود به أهل الخير من أموال الزكاة والصدقات التي تصرف في مصارفها الشرعية.
الشيخ الهرري
ويعتبر العلامة المحدث الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله المرشدَ الديني والروحي لجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية. وُلِد رحمه الله في مدينة هرر في أثيوبيا حوالي عام 1910، وعكف على الاغتراف من بحور العلم فتلقى العلوم والمعارف من عدد كبير من العلماء، وأولى علمَ الحديث النبوي اهتمامَه فحفظ الكتب الستة وغيرها بأسانيدها.
وفي مطلع الخمسينات من القرن الماضي قدم إلى بلاد الحجاز ثم توجه إلى دمشق ثم انتقل إلى بيروت فاستقبله علماؤها ومشايخها وأعيانها وأهلها بالترحاب. وأخذ يلقي الدروس والمحاضرات في المساجد والبيوت، ويعمل على نشر العلم الشرعي والمعرفة الدينية الصحيحة بكل صبر وأخلاق رفيعة وزهد بما في أيدي الناس، واجتمع حوله طلابُ العلم من الرجال والنساء والشباب والناشئة ينهلون من علومه وأخلاقه.
وافته المنيةُ رحمه الله يومَ الثلاثاء الثاني من أيلول 2008 الموافق للثاني من رمضان 1429هجرية عن عمر يناهز الثامنة والتسعين، ودفن على مقربة من مسجد برج أبي حيدر في بيروت، وضريحه مزار يقصده المسلمون من مختلف البلاد العربية والإسلامية.
ورغم انشغاله بنشر العلم والدعوة إلى الله فقد ترك كتبا وآثارا ومؤلفاتٍ نافعةً حاز كثير منها على المرتبة الأولى مرات كثيرة في فئة الكتب الدينية في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب.
المذهب الشافعي الاشعري
قال المحدث الشيخ عبد الله الهرري:
نحن فـئة من المسلمين لا نـتبع منهجا جديدا ولا فكرةً مستحدثة منذ خمسين سـنة، ولا فكرةً مستحدثة منذ مائتي سنـةٍ، ولا فكرةً مستحدثة منذ سـتمائة سنةٍ، وهذه الأفكار الأولى لسيد قطب وتقي الدين النبهاني، والثانيةُ لمحمد بن عبد الوهاب، والثالثةُ لابن تيمية ومنها أخذ ابنُ عبد الوهاب بعضَ أفكاره.
إنما نحن على المنهج الذي ينتسب إليه مئاتُ الملايين من المسلمين، أشعريةٌ شافعية. أشعريةٌ من حيثُ العقيدة، وهي عقيدة مئات الملايين من المسلمين، ومن حيثُ الأحكامُ العمليةُ نحن شافعية. والإمام الأشعري هو إمام أهل السنة الذي لخّص عقيدةَ الصحابة والتابعين، كان في القرن الثالث الهجري، وتوفي في أوائل القرن الرابع، لم يأت إلا بإيراد الأدلة العقليـة والنـقلـية. ومذهبُ الشافعي مضى عليه ألف ومائتا سنة.
ولا نستحل اغتيال رجال الحكومات لأجل أنهم يحكمون بالقانون، نحن بريئون من هذه الفـئة.
وأما مسألـةُ بيانِ المكفّرات في الألفاظ الكفرية نحن لا نحمل مذهبا جديدا إنما اتبعنا في ذلك أئمةً من المذاهب الأربعة كما يقول الحافظُ مرتضى الزبيدي في “شرح إحياء علوم الدين”: “فقد ألّف أئمة من المذاهب الأربـعة في بيان الألفاظ الكفرية”.
ولسنا مسخّرين لدولة من الدول من أجل الإمداد المالي والله أعلم، ومن نسب إلينا غيرَ ذلك فاللهُ حسيبُه.
هذا باختصار شديد مسارُ وإنجازاتُ جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية التي هي بحق نور في زمن خيمت فيه الظلمات، وما أحوجنا إلى هذا النهج المستنير القويم في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والظلمات.
قال الله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.