الإنتخابات النيابية…وضمائر النواب “المزروبة”!
عيسى بو عيسى/ الديار
فيما نجحت قوى الرابع عشر من آذار بالفوز بالأكثرية النيابية في عامي 2005 و2009، وفازت قوى الثامن من آذار في إنتخابات العام 2018، على خلفية التسوية الرئاسية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل التي قادت إلى تحالفهما في أكثر من دائرة بالإضافة إلى الخلافات التي كانت قد بدأت بالظهور بين أركان الفريق الأول، خصوصاً المستقبل وحزب القوات اللبنانية ، والتي يبدو أنها اّخذة نحو المزيد من التدهور بين المستقبل والقوات مع تبادل الاتهامات من النوع «الكبير».
وتقول أوساط نيابية معارضة أنه منذ العام 2005 حتى العام 2018، كانت الانتخابات النيابية في لبنان تُخاض على وقع انقسام سياسي حاد بين تحالفين: الأول يضم قوى الرابع عشر من آذار، بينما يضم الثاني تحالف قوى الثامن من آذار، إلا أن الاستحقاق المقبل في العام 2022 سيخاض وفق معطيات مختلفة وعناوين جديدة وظهور قوى مدنية ومستقلة مؤئرة عمادها الخلاص من الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد الى المجاعة ، وعلى وقع المتغيرات التي حصلت في البلاد والانهيار الكامل للمجتمع اللبناني ومؤسسات الدولة مما سيؤثر حكما على توجهات الناخبين الناقمين عل اّداء الدولة والنواب على حد سواء حيث بدت منازل النواب فارغة من «مسؤوليها» تجاه من إقترع لهم على خلفية قيام تغيير ما ولو بسيط في خدمة الناس.
وتشير المصادر الى أن أحلام الفوز بواسطة الإحصاءات المدفوعة مغايرة للواقع وأصبح الناس على إطلاع واسع بدقائق الامور لمحاسبة هؤلاء الذين تخلفوا عن أبسط واجباتهم تجاه أهلهم وتركوهم في فم الامراض والمجاعة ، وحتى أن معظم التقديمات التي أعلن عنها النواب كانت إعلامية إن لم تكن كاذبة ، وتضيف : إلى أنه على الرغم من أن قوى الثامن من آذار كانت تسعى دائماً إلى الفوز بالأكثرية النيابية، يبدو أن التجربة الحالية لم تعد مشجّعة للتركيز على هذه المعركة، خصوصاً أن التحالفات تبدلت بشكل كلي، في السنوات الماضية، بحيث بات رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أبرز قيادات قوى الرابع عشر من آذار، الحليف الأساسي لمعظم مكوناتها، كرئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.
وتلفت الى أن ما يسري على الثامن من اّذار يتطابق على ما تبقى من قوى الرابع عشر من اّذار ، فهذه الاخيرة مفككة ومبعثرة و»إنقطع» نفسها وباتت تحارب بشكل إفرادي مما يجعلها عرضة للخسارة وتقزيم كتلها النيابية ، وتقول هذه المصادر : أن هذه القوى تناست أن الناس باتت واعية خصوصا بعد إنفجار الرابع من اّب وسقوط الضحايا حتى باتت لا تسأل عن زعماء هذه القوى ولا نوابها بفعل عامل التخلي عن أنصارها وتركهم بين فكي الذئب ، وبالتالي ليس من الجائز إعتماد بعض نواب كتل الرابع عشر من اّذار «الّدق» على صدورهم وتحويل الخسارة التي ستحصل الى فوز وهمي ، وما كان يصّح في عملية شراء الاصوات التي إعتادت عليها الناس باتت هذه الاموال لا قيمة لها مهما كانت قيمتها في مقابل شراء ذمم الناس !! ، وعلى الذي إشترى أصوات الناس أن يعي أنه هو بالذات من وضع الناس في خانة الشراء والبيع وبالتالي تحضير نفسه ومحيطه وحتى حزبه إما الى عملية «تقريش» الدولارات المتوفرة لديه والدفع بالعملة الصعبة أو الاعتماد على مسألة الخدمات التي كانت بدورها مفقودة مع وعودها لأربع سنوات خلت.
ولا تنسى هذه المصادر الاشارة الى أن الناخبين في هذه الدورة المفصلية وقياسا على كل المجازر الصحية والاقتصادية التي حصلت في البلاد من الصعب دعوتها بشكل كثيف للإقتراع ، حيث تتوقع هذه المصادر تدني قياسي عام في نسبة الاقتراع والتوجه نحو الصناديق بشكل حتمي على قاعدة تخلي هؤلاء النواب عن شعبهم وتجويعه وإقفال البيوت في وجهه ، ولأن ما تمر به البلاد يشكل مرحلة مفصلية في تاريخها سوف تكون المحاسبة على قدر إهمال النواب لشعبهم ، وفي حقيقة الامر تنقل هذه المصادر عن بعض النواب الحاليين قولهم في مجالسهم الضيقة : « في شي على ضميرنا زربنا في بيوتنا « ولا نستطيع تناول الغداء في الخارج!
ويبقى العامل الأهم الذي ظهر على الساحة السياسية والنقابية حيث تم طرد مناصري الاحزاب من نقابة المهندسين وسوف تليها إستحقاقات مماثلة نحو إخراج الاحزاب بعد فشلها الذريع في إدارة شؤون الناس لتظهر توجهات الكتلة الوطنية وهو حزب الأوادم كما جرت تسميته منذ مرحلة العميد ريمون إده ، وهيئات المجتمع المدني وأعضاء الثورة الحقيقيين كعامل فعال في توجيه الهيئات الناخبة نحو مفاهيم خدمة الناس وليس رشوتهم وشراء ضمائرهم على مدى أربع سنوات وتركهم خلال هذه الفترة يعانون الفقر وإنعدام الخدمات العامة والخاصة ، فيما ظهر أيضا وبشكل فعال «مشروع وطن الانسان « الذي شكل نقلة نوعية في العمل الانمائي والسياسي وأصبح قبلة لعشرات المرشحين الذين يشبهون مبادئه وإنطلاقته نحو بناء الانسان أولا ، ويبدو حسب المصادر نفسها أن المسرح الحقيقي لكافة هذه القوى بالذات سيكون داخل الساحة المسيحية بشكل واسع بعيدا عن مصطلحات الثامن والرابع عشر من اّذار اليت باتت من الماضي.