لقاء للمستشارية الإيرانية في ذكرى استشهاد مصطفى شمران: كان مثالاً للتضحية والجهاد
نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان وبلدية الغبيري، في الذكرى التاسعة والثلاثين لاستشهاد القائد مصطفى شمران، ندوة حوارية إفتراضية بعنوان “أمة الشهداء فقدت جنديا مخلصا” بمشاركة عدد من الشخصيات اللبنانية والإيرانية والفلسطينية.
خامه يار
في البداية، كلمة للمستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار استهلها بتوجيه التحية للشهيد القائد الدكتور مصطفى شمران، وقال: “هو المجاهد صاحب العقيدة النقية الخالصة، هو من ضحى بحياته واستشهد مرفوع الرأس، اتصل بالحق فكان مكرما، قدس الله روحه الزكية كما وصفه سيدي وقائدي روح الله الموسوي الخميني”.
وأضاف: “إن هذه الندوة هي بالتنسيق مع المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية في لبنان مع بلدية الغبيري. ولا بد هنا من أن نذكر العلاقة الخاصة التي كانت تربط الشهيد القائد مصطفى شمران ببلدية الغبيري وحضوره فيها وزيارته الى بيوتاتها. كما أن البلدية خصصت شارعا باسم الشهيد القائد مصطفى شمران”.
نصر الله
واعتبر عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب محمد نصر الله ان “الحديث عن الدكتور مصطفى شمران، كقائد وشهيد، هو حديث لا يمكن اختصاره بدقائق، ولكن نحاول أن نضيء على شيء، ربما لم يتطرق اليه الأخوة الذين أحسنوا الكلام عن الشهيد الكبير”.
وقال: “الدكتور مصطفى شمران من خلال ما عاصرناه وعايشناه وما سمعنا لاحقا عن إنجازاته في جهاده في الجمهورية الإسلامية، هو رجل برأينا، تاريخي بامتياز، واقصد بذلك، لو سألني ابني عمن اسمي له شخصا يقتدي به في حياته، فلا اتردد ان اقول له الدكتور الشهيد مصطفى شمران، لماذا؟ لأنه بالإضافة الى ما تميز به من حسن التطبيق للايمان العالي الذي كان يتمتع به، كانت له الملكات الفطرية التي وهبها الله سبحانه وتعالى له”.
واضاف: “لن اتحدث عن زهده وهو الذي أمتلك في الولايات المتحدة الأميركية المناصب والشهادات التي كانت تخوله ان يفتح أبواب الدنيا بأوسع مصاريعها، ولكنه القى هذه المفاتيح جانبا وأغلق الأبواب، وادار وجهه باتجاه الجهاد في سبيل الله، كان وهو يدرس يتابع عمله النضال مع رفاقه، وكان همه ان يعود إلى أرض الوطن، ليحررها من رجس الضغط الذي كان يمارسه الشاه على شعبه، وشاءت الاقدار ان يأتي إلى مصر ومن مصر إلى لبنان، وفي لبنان كانت محطة اساسية جدا بعلاقه مع الامام موسى الصدر، والعمل معه على عدة أهداف اساسية، اذكر منها اثنين وأفصل قليلا، لقد عمل مع الامام الصدر في الخط الجهادي الذي كان عنوانه اولا تحرير فلسطين، والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية بما انها قضية حق وعدالة وانسانية وأخلاق وقيم، فهذه القضية، يجب أن نقف إلى جانبها وجانب مقاومتها، تحت العنوان الكبير الذي أطلقه الامام موسى الصدر عندما قال، المقاومة الفلسطينية تمثل ارادة الله في الأرض، فكيف لا نكون إلى جانب من ينفذون ارادة الله في تحرير فلسطين واعادتها إلى شعبها وأهلها”.
وتابع: “اما الخط الثاني فهو التعاون مع الامام موسى الصدر في انشاء حركة المحرومين في لبنان أفواج المقاومة اللبنانية. وهنا اريد ان اضيء على مسألة، ان الامام موسى الصدر كان وحيدا في المرحلة الاولى التي انطلق فيها، من اجل تنظيم شؤون المجتمع اللبناني المقاوم، ولا اقول الطائفة الإسلامية الشيعية، لأنه لم يكن يرغب ان تكون المقاومة شيعية، أو مقاومة محصورة بفئة من اللبنانيين، أو عدد منهم، لذلك جاء في إعلانه عن أفواج المقاومة اللبنانية، كلام واضح وصريح قال فيه: اناشد جميع اللبنانيين من جميع الطوائف والمذاهب الانخراط في أفواج المقاومة اللبنانية، لأن تحرير لبنان وحمايته من الاعتداء الاسرائيلي، هو واجب اللبنانيين جميعا وحق من حقوقهم”.
واردف: “الدكتور مصطفى شمران وقف إلى جانب الامام موسى الصدر بعمق في هذه المسألة، بدءا من تأسيس الخلايا، نزولا إلى وضع آليات التدريب، والآليات التنظيمية للحركة، لذلك يسمى هو المسؤول التنظيمي، وفي الحقيقة انه كان مسؤول تنظيم حركة “امل” بكل جوانبها، كان شريكا للأمام الصدر في توليد هذا التنظيم، على مختلف المستويات، وأذكر هنا، فخر وشرف لي أن الخلية الأولى التي انتسبت إليها كان الدكتور شمران من أعطانا عدة دروس يشرح فيها أهداف الامام موسى الصدر في انشاء حركة المحرومين من اجل المضي من أجلها”.
وقال: “لكن الدكتور شمران قد تميز عن الكثيرين بأنه كان يعشق الأرض والناس والجهاد، فكان له الفضل في الحفاظ على وحدة الجمهورية الإسلامية واذكر هنا المعركة الكبرى التي اريد منها تقسيم في الجمهورية الإسلامية، التي حصلت في كردستان التي كادت ان تصل إلى حد الانفصال عندما ذهب الدكتور مصطفى شمران وحوصر في الثكنة، حيث قال الامام الخميني، سأزحف انا شخصيا إلى كردستان وزحفت ايران وتمت السيطرة على الوضع، وتمت المحافظة على وحدة الجمهورية الإسلامية في إيران، لم يقبل الدكتور مصطفى شمران الا ان يجمع بين ركني المقاومة في لبنان والمقاومة في إيران، وهذه الصلة بين المقاومة في لبنان التي كان ثاني ركن مؤسس لها إلى جانب الامام موسى الصدر، ودوره في الجمهورية الإسلامية في إيران، يمكنني أن أقول هنا بأن الدكتور مصطفى شمران كان رأس حربة ولادة محور المقاومة الذي نعيش ببركة وجوده اليوم نعيش الكرامة والعزة والعنفوان، سواء في لبنان او في سوريا او في الجمهورية الإسلامية في إيران، أو في غزة او في اي مكان ان شاء الله رب العالمين ان سيتمدد إليها هذا الامر”.
وختم: “محور المقاومة والممانعة بدأ ما بين المقاومة في لبنان وانتصار الثورة في إيران، والقاسم المشترك بينهما كان هذا الرجل التاريخي العظيم”.
خليل
ثم تحدث معن خليل فقال: “نتوجه بالتحية للقائد شمران الذي عرفته الشياح. شمران عاش في أزقة الشياح ونام في بيوت الفقراء. الشياح والغبيري عاش فيهما الشهيد شمران وسكن في بيوت الفقراء فيها وجاهد فيها، وتتلمذ على يديه الكثير من القادة والقادة الشهداء.
للشهيد شمران نقول: أيها القائد لقد عرفناك عزيزا ومطيعا ونصيرا وملبيا لدعوة الامام القائد السيد موسى الصدر في نصرة المحرومين المستضعفين والدفاع عن حقوقهم”.
أضاف: “الغبيري تتنسم عبق الكرامة منك، تشم عطرك، ترفع اسمك شرفا وعزة وكرامة، لها ولأهلها الشرفاء الأوفياء، فسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا”.
وختم: “باسم المجلس البلدي في الغبيري وأهل الغبيري، نعاهد القائد شمران الحفاظ على نهجك الجهادي والخدماتي ونشر ثقافة المقاومة. نعاهدك ليس لتحقيق النصر، لأن النصر والحمد لله قد تحقق على يد إخوانك وأبناء جيلك، أما أجيالنا اليوم فهي تنعم بهذا الزرع الذي أثمر من المقاومة”.
قماطي
ثم تحدث عضو المجلس السياسي لحزب الله الوزير السابق محمود قماطي فتناول “هذه الشخصية التاريخية النوعية التي مرت في لبنان وتابعت دورها في إيران إلى أن انتهت بالشهادة”.
أما عن دوره في لبنان، فقال: “تعرفت إليه عام 1975، في دورة لحركة “أمل”. وشاء المدربون الفلسطينيون، الذين كانوا يدربون بالاتفاق مع سماحة الإمام الصدر، والدكتور الشهيد شمران، أن أكون أنا عميد الدورة، لأنني كنت رياضيا حينها. والذي حضر لتخريج الدورة هو الشهيد شمران، فتمسك بي ولم يعد يتركني لا ليلا ولا نهارا، وكنت معه حيث يجول في بيروت والمناطق الأخرى.
كنا معا بالسر والعلن بالتنظيم والعسكر، بالتدريب والتسليم، وشاركت معه في التأسيس والحمد لله رب العالمين، واستلمت منه هذه البطاقة في مركز لن أبوح عنه حيث كان في عهد العقيد عباس مكي رحمه الله، الذي كان كلفه الإمام الصدر بتنظيم العمل وهو من حبوش”.
محمد نصرالله في ندوة عن شمران: كان رأس حربة في محور المقاومة وشريكا للأمام الصدر في توليد حركة المحرومين
أضاف: “كنا نبحث مع الشهيد شمران في المستشفيات عن الشهداء والجرحى، بين البقاع والجنوب الذين أصيبوا في تلك الدورة التدريبية بسبب انفجار لغم بالخطأ. واضطر الإمام الصدر أن يعلن وقتها عن حركة المحرومين. عشنا كل هذه الفترة، التأسيس وتحضير المقاومة، وكنت معه في هذا الدور في لبنان: في التنظيم، التدريب، العلاقات، المحاضرات، الثقافة، في كل هذا العالم.
كان هو والإمام الصدر وجميعنا يعلم، وقد أعلنا لاحقا أنهما، إلى جانب الدور في لبنان للشعب اللبناني والقضية الفلسطينية، كان لديهم دور مع مجموعة من الكوادر حينها، في عهد الإمام الخميني قدس سره في مواجهة نظام الشاه، وكان الحديث عن تجربته في مصر وتحدث ابو احمد، عن مجاهدين إيرانيين في صفوف المقاومة الفلسطينية، والمنظمات الفلسطينية، وكانوا يقاتلون إلى جانبهم لتحرير فلسطين.
كان ذلك يجري في الساحة اللبنانية بما يتعلق بفلسطين، وما يتعلق بالثورة في إيران، قبل أن تنتصر الثورة الإسلامية هناك، كان هذا العمل الدؤوب المتواصل والذي لا يتوقف أبدا كالآلة التي تشتغل باستمرار. كان الشهيد شمران يتحرك في هذا الاتجاه”.
وتابع قماطي: “لن أتكلم الآن عن دوره في إيران. كان له دور لم يطل ولم يأخذ فرصته ودوره. لكن الحمد لله أخذ أرقى وساما في العمل والجهاد، الذي هو الشهادة. هذا أرقى وساما من المسؤوليات، فرفاقه في المرحلة الأولى قبل انتصار الثورة، مهدي باز كان رئيس حكومة، ابراهيم يزدي وزير خارجية، وغيرهما، وبتكليف من الامام عين وزيرا للدفاع، ليس هذا مطرحا لتقييم الإنسان. لقد نال أعلى وسام”.
وختم: “سأنهي كلامي بحادثة لطيفة. كنا في حسينية الإمام الحسين في برج البراجنة، في محاضرة لسماحة الإمام موسى الصدر لكوادر الحركة، وكنت والدكتور شمران موجودين. وفي نهاية المحاضرة سأل احد الموجودين الإمام الصدر، وكنا وقتها في زمن الحرب الاهلية وخطوط التماس، غربية وشرقية، عين الرمانة والشياح، والمجلس الإسلام الشيعي في الحازمية لا نستطيع أن نصل إليه. فسأله: إلى متى سنبقى صابرين على إغلاق الطريق؟ يجب أن نصنع شيئا لنصل إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وكان تحت سيطرة الجهات الأخرى، وكان الإمام الصدر حريصا على جيرانه هناك في الحازمية، على التفاعل معهم وعلاقات المحبة والمودة… وكانت ظروف الحرب تقتضي أن لا يذهب إلى تلك المنطقة، وذلك يسأله كيف نفتح الطريق. فأجابه الإمام: يجب أن نفكر بطريقة لفتح الطريق، إن شاء الله نجد طريقة. فقام الشهيد شمران ووقف بعد سماعه ما قاله الإمام الصدر، وأتاني محمود محمود فقلت له ماذا؟ فقال لي: أفتح الطريق؟
بالروحية ولحظات قليلة بين كلام الإمام وبين التفكير بأن يريد أن ينفذ فورا. طبعا كان الإمام ينوي قول “نطول بالنا” ويفتح الطريق بطريقة سياسية، بالتفاوض، بالحوار سلميا”.
شمران
وكانت كلمة من طهران للمهندس مهدي شمران شقيق الشهيد شمران، بعد ذلك تحدث نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ابو احمد فؤاد من دمشق. وكانت مداخلة للكاتب العراقي أحمد الموسوي.