“خامه يار” يودع أعيانَ مسيرته الثقافية الزاخرة في بيروت
برعاية وزير الثقافة اللبناني “القاضي محمد وسام المرتضى”، عُقدَ اللقاء التكريمي الوداعي للمستشار الثقافي الایراني لدى لبنان، “الدكتور عباس خامه يار”، بحضور ومشاركة ممثلي الفعاليات الثقافية ونخبة من الشخصيات العلمية والفكرية وأصحاب القلم والفن.
وبرعاية وزير الثقافة اللبناني “القاضي محمد وسام المرتضى”، وبدعوة من الفعاليات والمؤسسات الثقافية والإعلامية والسياسية في لبنان، وتكليلًا لمسيرته الثقافية الزاخرة، وتوثيقًا للجهود المباركة في مد جسور التبادل الثقافي بين لبنان وإيران، وعرفانًا بالدور الكبير الذي أدّاه في هذا الصدد، عُقدَ اللقاء التكريمي الوداعي للمستشار الثقافي الایراني لدى لبنان، الدكتور عباس خامه يار، بحضور ومشاركة ممثلي الفعاليات الثقافية ونخبة من الشخصيات العلمية والفكرية وأصحاب القلم والفن.
وقدم الحفل ممثل اللقاء الإعلامي الوطني “حسين عز الدين” الذي افتتح الحفل قائلًا: “في محضر اهل المعرفة والفكر والسياسة أيضاً ينعكس التفاعل الثقافي ليستدير شكلاً من اشكال الحضارة وسبباً من أسباب تكوينها، فالشعوب التي تستطيع الاستفادة من أخطاء وصواب شعوب أخرى هي اكثر المجتمعات وعياً واكثرهم قدرة على النهضة والمسؤولية، السادة الحضور في احتفالنا التكريمي هذا لشخصية ثقافية فذة استطاعت ان تطوي المسافات وتختصر الجغرافية لتكون حلقة وصل بين جمهورية اسلاميه إيرانية ثوريه، نعم أيها الحفل الكريم ان المخزون الراكد لاستمرارية التطوير المعرفي وتنمية الثقافة هو اهم ما يمكن ان يحققه التفاعل بين الشعوب لصنع النصر ونشر المحبة وحماية السلام الحقيقي، والتقريب بين مذاهب واديان هذه المعمورة عبر حوارّ بناء لتستقيم الحياة في دورتها على قاعدةّ وديه وايجابيه، والاحترام المتبادل، من هنا كنت أيها الصديق العزيز رفيقاّ وصديقاّ ليس لنا فقط بل للقلم والكتاب والفكر والثقافة، سعادة المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار، كنت تؤمن بالتفاعل الثقافي والانفتاح على جميع مكونات هذا البلد دون استثناء واستطعت بحقبه زمنيه لم تتجاوز سنينها الثلاث ان تتابع ما سبقك علية اسلافك بدماء الجزرية في التبادل المعرفي، في كل ظروفه وان تخرج من حدود ايران الإسلام ثقافتها الاصلية والأصيلة لتتشاركها مع الشعوب الأخرى تؤثر وتتأثر ترفض وتنهال، ولا تبخل ان توفر كل ما فيها مصلةّ للشعبين وخاصهّ في المجال العلمي والثقافي.
المطران جورج صليبا
وأول المتحدثين كان المطران جورج صليبا، مطران السريان الأرثوذكس فقال: “سعادة الدكتور عباس المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية في لبنان عرفته انساناّ محباً للعلم وملتزماً بالمعرفة الذي يعرفها العلماء أيضا المعرفة نور، ووهج أساس في تقدم الشعوب، رأيته تيقن اللغة العربية على احسن ما يران ونحن نلتقي كثيراً ولمناسبات متعددة التي تجمعنا دائماً، لهذا أرى في تكريمه تكريم هذه الشخصية الفذة واجباً لازماً”.
الشيخ غازي حنينة
ثم كانت كلمة الشيخ غازي حنينة رئيس مجلس أمناء تجمع العلماء المسلمين في لبنان حيث قال: “يقول نبي الله(ص) لو كان العلم في الثريا لناله رجالّ من فارس، ولعلك يا دكتور عباس انت وجه من الوجوه التي اكرم الله سبحانه وتعاله الامة الإسلامية والبلاد العربية برجال فارس الذين اتحفوا هذه الامة بكل الابعاد العلمية سواء كان كعلم التفسير والفقه والحديث والتاريخ والطب والهندسة ، واللغة العربية التي يعتبر اهل فارس هم روادها وسادتها ولذألك ان واحدا من أؤلئك الرجال الذين اطلوا على التاريخ المعاصر والتاريخ القديم ليحملوا كل المعاني الثقافية الجميلة والطيبة، لكل الشعوب في صرف النظر عن انتمائها الديني او المذهبي او السياسي، او الفكري فهذا هو نهج العالم المنفتح وانت واحدا منهم، دكتور عباس كل الشكر لله عز وجل الذي انعم علينا بهذه الرجال الذين اتحفوا امتنا العربية والإسلامية بذخائر العلم والثقافة والمعرفة.
الشيخ حسن عبدالله
بعد ذلك كانت كلمة للمفتي الشيخ حسن عبدالله المسؤول الثقافي المركزي في حركة أمل الذي قال: “المحتفى به بالأمس القريب كان اللقاء مع الأخ العزيز الدكتور عباس خامه يار وبسرعة الأيام مرت وها نحن اليوم نود ان نكرمه او نودعه على امل اللقاء في مرات ومرات، هو واحد ممن استطاع في الوقت الصعب ان يمزج علاقات في ظروف صحيه غير عادية، فأقام مجموعه من الأنشطة كرس رؤيه تحملها كما تحمل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، صله وصل بالأخر والخروج عن التقوقع المذهبي والطائفي لتكون كما كان متجاوزة الطوائف والمذاهب”.
الشيخ حسين شحادة
ثم تحدث الشيخ حسين شحادة رئيس ملتقى الاديان والثقافات والحضارات حيث قال: “الحمد الله على نعمة التوحيد والسمع والبصر، والاختلاف في الألوان والالسنة. اذا كانت الثقافة هي انت من منازلك ومزاياك وأسلوب حياتك، فكراً وادباً وديننا واخلاقا وسياسة، فان المثقف هو العارف بمزايا ثقافة الاخر المختلف او النقيض، الدكتور عباس خامه يار المثقف الزاهد، المتواضع العابد، والعرفاني أيضاً عرفته قبل نيف واربعون عاما،ً في قلب الثورة وفي قلب حركتها الطلابية، وفي قلب حراكها الشبابي وفي قلب يقظتها الثقافية”.
منير شفيق
وكانت أن تحدث بعد ذلك د. منير شفيق الباحث السياسي حيث قال: “تعرفت على الأخ الحبيب الدكتور عباس عندما كان طالباً شبلاً من اشبال الثورة الإسلامية منذ عام 1979 وكان منذ ذلك الوقت فتى متوقد نشطاّ، ومؤمناً بقضية الثورة والمبادئ التي أسسها قائدها العظيم الامام الخميني والتي سار على نهجها واتمها وطورها الامام العظيم الخامنئي”.
الشيخ حسان عبد الله
من جهته، قال الشيخ حسان عبد الله رئيس الهيئة الإدارية لتجمع العلماء المسلمين قال: طبعا لا استطيع ان افيك حقك بدقيقتين دكتور عباس، ولكن أقول انا تعرفت عليه منذ نعومة اظفاره ونعومة اظفاري، كنا معًا نعمل في العمل الطلابي، كنت مسؤولاً تعليمياً في الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين وكان هو عضوًا في منظمة طالبية من منظمات الثورة الإسلامية، التقينا في العام 1979 وكانت اللقاءات من اجل تأسيس عمل طلابي ثوري يسير بنهج الامام الخميني وكنت شغوفا بان استمع منه في تلك الأوقات عن الثورة وحكاياتها ودور الطلاب فيها وما يمكن الطالب في لبنان ان يفعل أيضا من اجل ان يغير واقعا مظلما وظالما في لبنان”.
النائب علي فياض
وثم قال النائب الدكتور علي فياض، عضو كتلة الوفاء للمقاومة: “أنا اعرف الدكتور خامه يار منذ سنوات بعيدة، لكن قدر لنا خلال الفترة الماضية ان نلتقي لساعات طويلة تحت سقف واحد، مرةً في أمسية صيفية، بين الحبق والياسمين في منزل قروي في جبل عامل، ومرات في ليالي شتوية طويلة، على مقربة من موقدة الحطب متكئين على جدران عتيقة، كان اشبه بسفرٍ لكنه ليس بسفر، السفر الذي يسمح لك ان تكتشف الخبايا العميقة الخبيئة لرفيق السفر، فهمت شخصية الدكتور خامه يار اكثر، اعرفه كاتباً، مجداً ومثقفاً ودبلوماسيا محترفا، لكنني تمكنت من ان اتلمس حنانه ونزعته الإنسانية العميقة، وكم هو ينطوي على سريرة طيبة وقلبٍ ابيض”.
أندريه الحاج
ثم تحدث المايسترو اللبناني أندريه الحاج قائلًا:”العمل الموسيقي والغنائي الذي نُفذ في طهران لمدينة بيروت وعنوانه (بيروت المك هو المي) ما كان لينفذ لولا جهود الدكتور عباس خامه يار، وهذا العمل هو الذي جمعني بالمستشار”.
الشيخ نزار سعيد
بعد ذلك كانت كلمة الشيخ نزار سعيد مدير جمعية مراكز الإمام الخميني(رض) حيث ألقى كذلك كلمة جمعية المعارف الإسلامية، حيث تحدث قائلًا: “لن اضيف الى ما جاب به قلوب الاخوة الذين سبقوني بالحديث، ان على مستوى البصمات التي كانت لسعادة المستشار منذ الطلقات الأولى ببناء المقاومة ومشروعها في لبنان”.
فادي ناصر
ثم تحدث د. فادي ناصر مدير معاهد الآفاق فقال: “لن اتحدث عن بصماتكم في الثقافة، ولا في الفكر ولا في العلم، بل سأتحدث عن شيئ خاص جداً من بصمةٍ لا تنسى، ولا يمكن التغافل عنها، هي بصمات الحب التي تركها الدكتور في كل شخص وكل فرد وعائله زارها وتواصل معها، أقول للدكتور عباس وزوجته الفاضلة نحن نعتز من معرفتنا بكم، ونفتخر بهذه العلاقة”.
الوزير السابق طراد حمادة
بعد ذلك كانت كلمة الوزير السابق والشاعر د. طراد حمادة الذي قال: “إن شخصية الدكتور عباس خامه يار شخصية جامعة، متعددة الخصال، وتمتاز بانها جمعت جدلية ثقافه الدبلوماسية ودبلوماسية الثقافة، وهذا عنوان كبير، كما جمعت بين قطبي الحضارة الإسلامية، الثقافة الفارسية والثقافة العربية”.
الشيخ محمد أسدي
ثم كانت كلمة الشيخ محمد أسدي موحد ممثل رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إيران الذي قال: إن هذا النوع من اللقاءات والاجتماعات يعدّ في التعاليم الدينية نوعًا من العبادة والتقرب إلى الله تعالى، لما تحمله هذه اللقاءات من تكريمٍ واحترامٍ لمقام العلم والثقافة والأدب.
هذا اللقاء ليس لقاءً تكريميًا لشخصٍ لذاته، بل هو تكريمٌ وتقديرٌ لمقام العلم والثقافة والأدب. وأنا بصفتي ممثلًا لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية أودُ أن أقول:
إن بالإمكان أن نعرّف الدكتور عباس خامه يار في عدة كلمات: الرجل النشيط، ذو الطاقات الكبيرة، الذي لا يكلّ والأهم من كل شيء، المدبّر وصاحب البصيرة، والمفكر النبيل المحبّ للمعرفة، المتبحّر في الشؤون السياسيّة والثقافية للعالم الإسلامي.
محمد رضا مرتضوي
وكانت بعد ذلك كلمة المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان التي ألقاها الملحق الثقافي السيد محمد رضا مرتضوي فقال: “نحن بدورنا، رفاق درب مستشارنا الثقافي الدكتور خامه يار، وأبناء هذه المؤسسة التي لم توفر جهدًا لتحقيق الغايات الثقافية الكبرى التي عمل عليها الدكتور خامه يار في مدّ جسور التبادل بين إيران ولبنان تحديدًا خلال السنوات الأخيرة، نثني على جهوده ونعرب عن تقديرنا وامتناننا لعطاءاته الكبيرة في هذا المجال”.
وزير الثقافة محمد وسام المرتضى
و الكلمة ما قبل الاخيرة لراعي الحفل وزير الثقافة القاضي السيد محمد وسام المرتضى والذي قال: منذ أيام في معرض بيروت للكتاب، أطلق الصديق الدكتور عباس خامه يار كتابه “جرحٌ وزيتون، أعيانٌ وأزمان”، كأنه أراد أن يتوّجَ مسيرته الثقافية في لبنان بأثرٍ أدبيٍّ إنساني يقول لنا عنوانه الجميل: مثلما يداوي زيتُ الزيتون الجرحَ، وكما يصنعُ الأعيانُ الزمانَ، هكذا تفعلُ الثقافةُ التي هي خيرُ وسيلةٍ للتواصلِ بين الشعوب، تُضمِّدُ الجراح وتُبلسم القلوب وترهُنُ الأزمنةَ للإبداعات.
وعن الدور المميز الذي قام به الدكتور خامه يار في المضمار الثقافي لفت المرتضى الى ان الدكتور خامه يار أثناء وجوده سنواتٍ طويلةً ضمن طاقم سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، وسابقًا في مناصبَ ثقافيةٍ أخرى، كان عملُه تعبيرًا حيًّا عن إيمانه بهذا الدور الجامع الذي ينبغي لمن كان في موقعه أن يلعبه. وهو لم يقتصر على تعريف اللبنانيين بتجليات الثقافة في وطنه فحسب، بل كان أيضًا جسر تواصل بين الثقافتين والمثقفين في البلدين طردًا وعكسًا، جيئةً وذهابًا، وهذا ما تشهدُ له به المنتدياتُ والمواقعُ الثقافية في لبنان كُلِّه، من العاصمة إلى الجنوب فالشمال فالبقاع فالجبل، التي جال فيها وتبادل معها، فأخذ وأعطى من غير ما تفرقة بين منطقة وأخرى، أو طائفة وأخرى، مؤكدًا الطابع التعددي للثقافة الحقيقية.
الكلمة الاخيرة للمستشار الثقافي الدكتور عباس خامه يارالذي قال:
لبنان … ليس وداعًا
الحياة دفتر ذكريات
شخصٌ في قلب الليل
وآخرُ في قلب التراب
شخصٌ يشاركُنا الفرح
وآخر يشاطرنا الصعوبات
يمضي عمرنا
كلنا عابرون
ولا يبقى إلا الأثر الطيب
يحقُّ ليَ القول بأنّ هذا التكريم هو ليس لشخصي ولا لإنجازاتٍ معيّنة وإنما هو تكريمٌ للثقافة واحتفاءٌ بنجاحِنا معًا، في إعلاء شأن عملية التبادل الثقافي بين إيران ولبنان على مدى السنوات الأخيرة وبين الإيرانيين والعرب عمومًا. ربما هي مهمّةٌ تعود إلى فتراتٍ سابقة، وليس إلى هذه السنوات الأخيرة. فإنّ لي مع لبنان تاريخًا عريقًا من الخبز والملح مع أهله، فأنا لم أعاشرهم أربعينَ يومًا وإنما أربعين سنةً وأكثر، حتى صرتُ لبنانيَّ الهوى والطبيعة، لبنانيَّ الذائقة والسليقة، وأكادُ أقولُ لبنانيَّ التفكيرِ حتى صرتُ أرى نفسي من هذا البلد ومن أهله، أحملُ عاداته وطباعَه.
وفي نهاية الحفل جرى تقديم عدد من الدروع التكريمية من قبل الجهات الداعية للحفل للدكتور خامه يار تقديرًا وعرفانًا بالدور الثقافي الكبير الذي أداه في لبنان خلال السنوات الأخيرة.