قراءة في القانون النسبي الساري المفعول لانتخابات 2022..التصويت سيبقى طائفياً ومذهبياً ولا تغيير جذرياً في الاكثرية الحالية!
خاص takarir.net
في 14 حزيرن 2017، اقرت الحكومة اللبنانية قانونا جديدا للانتخابات النيابية يعتمد النظام النسبي وتقسيم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، إلى جانب إقرار الصوت التفضيلي على أساس القضاء (الدائرة الإدارية)، واستخدام البطاقة الممغنطة.
واعتمد القانون الجديد الذي يحمل اسم “قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب” اللبناني النظام النسبي لأول مرة في تاريخ لبنان، ويقسم البلاد إلى 15 دائرة انتخابية, وبالتالي تغيير قانون الانتخاب اللبناني المعمول به منذ تأسيس الجمهورية عام 1920. وقد جرى تثبيت الاتفاق داخل الحكومة الائتلافية وفي البرلمان قبل أيام قليلة من انتهاء ولايته.
وبينما اعتبر مؤيدو القانون أنه “نقلة مهمة في مسيرة الحياة السياسية”، اعتبر منتقدوه أنه أفرغ النسبية من مضمونها لأنه جاء ثمرة لتوافق زعماء الطوائف عليه عبر إعادة توزيع الدوائر الانتخابية بما يحفظ التوازن القائم بينهم وبقاءهم في صدارة المشهد السياسي.
أهم البنود
ينص القانون الجديد على تقسيم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، إلى جانب إقرار الصوت التفضيلي على أساس القضاء (الدائرة الإدارية)، واستخدام البطاقة الممغنطة.
وقد قُسم لبنان إلى 12 دائرة في انتخابات عام 1992، وفي 1996 قسم إلى عشر دوائر، وفي 2000 إلى 14 دائرة، واعتمد هذا التقسيم أيضا في انتخابات 2005.
وتنص المادة الأولى من القانون على أن مجلس النواب يتألف من 128 عضوا تكون مدة ولايتهم أربع سنوات، ينتخبون على أساس النظام النسبي، ويكون الاقتراع عاما وسريا، وفي دورة واحدة”.
قراءة سلبية في القانون
وفي قراءة سلبية في القانون، يتعارض القانون مع الدستور الذي يدعو في المادة 22 إلى انتخاب مجلس نواب وطني خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية، وانتخاب مجلس للشيوخ على أساس طائفي والنظام الأكثر.
ويفتقد القانون للمعيار الواحد والمساواة، فتقسيم الدوائر إلى 15 دائرة تم بطريقة مخالفة للدستور لناحية اعتماد المحافظات الست دوائر انتخابية لضمان عملية الانصهار الوطني والارتقاء بالخطاب الانتخابي والسياسي من الخطاب الطائفي والمذهبي إلى الخطاب الوطني. ما جرى أنه تم تقسيم بيروت إلى دائرتين تفصل بينهما خطوط التماس الطائفية التي سادت حلال الحرب الأهلية التي تفجرت عام 1975 واستمرت حتى عام 1990، كما أن هناك بعض الدوائر تتميز بالصفاء الطائفي مثل دوائر زحلة، المتن، وبيروت الأولى، ومن ناحية أخرى لوحظ بوضوح عدم المساواة من خلال اعتماد دوائر انتخابية بقضاء مثل زحلة، المتن، عكار، ودوائر بقضاءين مثل، صيدا ـ جزين، والشوف ـ عاليه، وبعلبك ـ الهرمل، وجبيل ـ كسروان، وصور ـ الزهراني، والبقاع الغربي ـ راشيا، ودوائر بثلاث أقضية مثل، حاصبيا ـ مرجعيون ـ بنت جبيل، وطرابلس ـ المنية ـ الضنية، ودوائر بأربعة أقضية مثل، البترون ـ بشري ـ الكورة ـ زغرتا، وهذا يعني أن أعداد المرشحين والمقترعين تختلف بين دائرة وأخرى. كما أن القانون افتقد إلى بعض النقاط الإصلاحية الجوهرية فهو لم يقر الكوتا النسائية، ولم يلحظ تخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة، مما يؤشر إلى إصرار من قبل بعض إطراف الطبقة السياسية على منع التغيير لما تشكله مشاركة الشباب من ثقل تغييري في الحياة السياسية.
قراءة في الايجابيات
وعلى صعيد الملاحظات الايجابية، مع أن القانون لا يلبي التطلعات بالتغيير ويحتوي على كل السلبيات الأنفة الذكر، إلاّ أنه لا يخلو أيضاً من بعض الايجابيات التي تتيح إمكانية مجيء نواب إلى سدة البرلمان من خارج تأثير الأطراف السياسية التي كانت تحتكر التمثيل عبر قانون الستين الأكثري. وهذه الإمكانية يوفرها اعتماد النسبية الكاملة في القانون، وبهذا المعنى فإن اعتماد النسبية يشكل خطوة إلى الأمام بالقياس إلى ما كان سائداً في السابق. غير أنه يجب الاعتراف بأن ادارج النظام النسبي ما كان ليتحقق لولا الصراع والتوازن بين أطراف القوى السياسية في السلطة اثر وصول الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى الذي طالب بإصرار باعتماد النسبية، ودعمه في ذلك كل من حزب الله وحركة أمل.
وبهذا المعنى فان اعتماد النسبية الكاملة في القانون الجديد إنما جاء في اعقاب سقوط كل مشاريع القوانين التي كانت ترتكز إلى النظام الأكثري، والاقتراب من انتهاء المهلة الدستورية لإقرار القانون، والرفض العارم من قبل غالبية الشعب اللبناني للنظام الأكثري، والمطالبة بالنسبية.
وإذا كان القانون الجديد يصنف، بين النظام النسبي على مستوى الدائرة، والأكثري بسبب اعتماد الصوت التفضيلي في القضاء، فإن اعتماد الصوت التفضيلي جاء بديلاً عن اعتماد النظام التأهيلي، بهدف منع وصول نواب لا يتمتعون بثقل ووزن تمثيلي في طوائفهم، طالما أن نظام الانتخاب يقوم على أساس طائفي، والمرشح يتقدم بترشحه للانتخابات في القضاء عن الطائفة التي ينتمي إليها. ومع ذلك فان القانون هو أفضل من قانون الستين، ولهذا يصنف بأنه خطوة إلى الأمام.