كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار اليوم السبت 23 شباط 2019
لم تتوقف بعد “الهزات” الارتدادية لتمسك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بصلاحياته المنصوص عليها دستورياً لناحية المعاهدات الدولية والسياسة اللبنانية العليا خارجياً وتحديد المصلحة الوطنية فيها، واستعمال عون لهذه الصلاحية في ما خص العلاقة مع سوريا والتنسيق مع الدولة السورية في ملف النازحين وان تنظيم العلاقة بين الدولتين لا غنى عنه لاعادة النازحين الى ارضهم ووطنهم سوريا بمعزل عن كل مشاريع الامم المتحدة والولايات المتحدة والدول الاوروبية في استعمال ورقة النزوح للضغط على نظام الرئيس بشار الاسد وانتزاع تنازلات سياسية منه لجهة السلطة الجديدة او شكل الدستور الجديد. وتقول اوساط نيابية مقربة من العهد ان قام به عون يندرج في إطار القيام بدوره وواجباته الطبيعية وفي قول الكلمة الفصل في ملف خلافي داخل مجلس الوزراء وخارجه وإعطائه من بعض القوى داخل مجلس الوزراء طابع سياسي محض بينما هو في جوهره الحقيقي ملف انساني واجتماعي واقتصادي ضاغط على اللبنانيين والسوريين ولكن المتضرر الاكبر منه لبنان وشعبه وبناه التحتية واقتصاده بينما يريد تيار المستقبل والقوات والحزب الاشتراكي اي القوى المتخاصمة مع سوريا ان تحوله الى ملف سياسي خلافي داخلي وان ننتظر ما يقرره المجتمع الدولي وان نبقى تحت رحمته.
وفيما كان لافتاً غياب التعليقات او التصريحات النيابية او الوزارية او السياسية من شخصيات ونواب ووزراء المستقبل ونشوب سجال بين القوات والتيار الوطني الحر واوساط الرئيس عون عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، تؤكد معلومات امتعاض رئيس الحكومة سعد الحريري الشديد مما جرى في جلسة مجلس الوزراء امس الاول واعتباره الامر يمس بجوهر ممارسة العمل السياسي داخل الحكومة. فإذا كان همنا الاول كسر الاصطفافات السياسية ومنع المكاسرة والكباش داخل الحكومة لتجنب العرقلة وفرملة الانتاجية والاصرار على الانجازات وتحقيق المطلوب خلال الاشهر الثلاثة الاولى من عمر الحكومة، فإن من الطبيعي ان يعمد اي فريق سياسي على طرح هواجسه وافكاره ومطالبه وتصوراته ونقاشها وعرضها على طاولة الحكومة فأي ملف خلافي مكانه الطبيعي داخل المؤسسات وليس خارجها.
المستقبل: الحريري “حذر” من ان يكون رفع الرئيس للجلسة مقدمة لنهج مستمر
وفي هذا السياق تؤكد اوساط سياسية في تيار المستقبل ان الرئيس الحريري صامت بحذر وينتظر توضيحات او شرح من الرئيس عون عما جرى امس الاول وهو ممتعض من طريقة رفعه للجلسة وانهائه لها بهذه الكيفية وهو متوجس من ان يكون الامر مقدمة للاستقواء او لفرض رأيه وتكريس نهج جديد في الملفات الخلافية وفرض وجهة نظر محددة وتحويلها الى امر واقع. وتشير الاوساط الى ان ستجري اتصالات في الساعات والايام المقبلة لتحديد مسار الامور وتوضيحها بالحد الادنى للبناء على الشيء مقتضاه ولتكون الامور واضحة منذ البداية.
وتقول اوساط المستقبل ان الحديث عن الغدر السياسي في بيان كتلة المستقبل منذ يومين وبعد قرار المجلس الدستوري إبطال نيابة ديما جمالي المحسوبة على المستقبل يأتي في سياق الرد على وجود نية مبيتة وواضحة لاستهداف الحريري والمستقبل عبر الضغط على اعضاء الدستوري لتغيير آرائهم من رفض الطعن الى قبوله وكأن هناك من يقول للحريري مع بداية الحكومة اننا نستطيع زكزكتك وتعقيد مهمتك الحكومية مع إنطلاق عمل الحكومة اذا لم تقم بما نريد. وتلفت الاوساط الى اننا نامل في المستقبل ان لا يكون هناك مشروع “إستقواء” من فريق على آخر داخل مجلس الوزراء او بوجود تكتلات وكارتيلات تحت الطاولة لتمرير قضايا استراتيجية لا تخدم النأي بالنفس او تعتبر مستفزة للمحيط العربي والدولي.