مذكرة “التيار” بحِبر “الهواجس الوجودية”: التوطين والنازحون
كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم السبت 27 شباط 2021
بكركي مرة جديدة، في واجهة الحدث السياسي والمسيحي تحديداً، والبطريرك الماروني بشارة الراعي يستعيد حقبة قرنة شهوان والعام 2000 وحضور البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، والذي كان سقف مواقفه السياسية عالياً ومرتفعاً لكنه لم يخض في اي معركة او اعلن صراعاً مباشراً مع احد.
وتشير اوساط مسيحية بارزة وقريبة من 8 آذار لـ”الديار”، الى الانقسام المسيحي الحالي والواضح والذي يفرز الساحة المسيحية الداخلية ، ولا سيما بين اكبر قوتين متمثلتين بـ”التيار” و”القوات اللبنانية” وبينهما هناك فئة مسيحية تتشكل من المستقلين ومن الشباب ومن نواة حراك 17 تشرين الاول.
وتكشف الاوساط ان كل فريق مسيحي يرى في شخصية الراعي ما يلائمه، فالـ”القوات” ترى فيه شخص ومسيرة صفير، بينما يرى العونيون فيه انه المطران الراعي الذي احبوه وناصر العماد عون عندما كان مطراناً لجبيل وهو المقرب من الفاتيكان.
وتشير الاوساط الى ان العونيين كانوا ولا يزالوا يراهنون على “تطبيع” العلاقة مع الراعي. ويبدو ان ما يصعب هذا التقارب هو الخلاف المسيحي- المسيحي المستحكم بين “التيار” و”القوات” وبين “التيار” و”المردة” وبين “التيار” و”الكتائب” وبين “التيار”، والشارع المسيحي المستقل ممن يطالبون باستقلالية المسيحيين وبالخروج الى دولة مدنية، بينما يواجه البطريرك ايضاً فئة مسيحية، ولو صغيرة ترى في الفدرالية حلاً للحفاظ على بقاء المسيحيين في لبنان في ظل تمدد اسلامي وانعدام التوازن الديموغرافي الطبيعي بين المسيحيين باقي الطوائف.
في المقابل يبدو “التيار” وحيداً وفق الاوساط في هذه الجبهة المسيحية العريضة وحيداً ولديه ثغرة يتم تناوله من خلالها ان تفاهم مار مخايل اليوم اصبح عبئاً على المسيحيين.
بينما يراه “التيار” انه حاجة سياسية هامة له في ظل هذه التكتلات ضده، ويضاف اليها الخلاف مع جزء من الدروز وجزء من السنة.
كل هذه التلاوين السياسية والاجتماعية والمدنية والمكونة للشارع والمجتمع المسيحيين ستكون حاضرة اليوم في بكركي وستاتي لتؤيد مواقف الراعي ولتكرس تمايز “التيار” عنهم مسيحياً بينما يرى آخرون ان “تظاهرة بكركي” ستكرس “عزلة” و”مأزق” التيار الوطني الحر.
وتقول الاوساط باستثناء جمهور “البرتقالي”، سيكون كل جماهير الاحزاب المسيحية وباقي القوى غير الحزبية حاضرة .
ووسط اعلان “ضمني” من كل الاحزاب، انها لم تحشد او تدعو مناصريها للاحتشاد، حتى لا يكون هناك مخاطر اختلاط وبسبب خطورة تفشي “كورونا” الكبيرة.
بينما يرى آخرون ان اي حشد سياسي وحزبي سيعطي طابع سياسي وحزبي لدعوة الراعي الى الحياد والمؤتمر الدولي لانقاذ لبنان.
في المقابل لاقى “التيار الوطني الحر” طروحات البطريرك الراعي بمذكرة وجهها بإسم رئيسه جبران باسيل الى السفير البابوي في لبنان.
وبقي مضمونها حتى اليوم مكتوماً ويرفض “التيار الوطني الحر” نشر مضمونها، وتعلل اوساط قيادية في “التيار” لـ”الديار”، الاسباب وانها يجب ان تصل الى قداسة البابا اولاً وان يقرأها ويبدي رأيه فيه قبل ان تنشر وهذا المنطق الطبيعي للامور.
ووفق الاوساط نفسها، فإن المذكرة في خطوطها العريضة ركزت في جانبها الاساسي، على موضوع التوطين والنازحين والوجود المسيحي، والمخاوف الحقيقية على هذا الوجود.
وتطلب المذكرة وفق الاوساط في بند اساسي يتعلق بالأزمة الإقتصادية والإجتماعية وربطها بأزمة النازحين السوريين، من الفاتيكان بإيجاد حل سريع لمساعدتنا في حل أزمة النازحين نظرا إلى الخسائر التي يتكبدها لبنان سنويا خصوصا مع ارتفاع سعر الدولار، والتي وصلت إلى 40 مليار دولار، بعدما حدد البنك الدولي في تقريره السنوي الكلفة ب 900 مليون على المالية العامة و3 مليارات على الاقتصاد اللبناني.
ورغم ان كثيرين فسروا مذكرة “البرتقالي” انها “قوطبة” على حراك الراعي والتوجه نحو المجتمع الدولي والدول الاوروبية والعربية والخليجية، وتسجيل موقف اعتراضي وأكثر “استلحاقياً” شعبياً، وان “التيار” حريص على المسيحيين ومستقبلهم مصيرهم، تنفي الاوساط هذه المقولات، وتجزم ان العلاقة مع بكركي ثابتة وراسخة رغم التباينات المرحلية في مقاربة بعض المواقف، ولكن في الاساسيات متفقون.
والمذكرة التي قدمت الى البابا سلمت الى الراعي امس، وهي تتكامل وفق الاوساط البرتقالية وجودياً مع هواجسه لبقاء لبنان وصيغته المتنوعة .
وبالتالي ركز الحديث المطول منذ ايام بين وفد “التيار” الحزبي والنيابي مع الراعي، على الحكومة والتدويل والمذكرة الى الفاتيكان.