ملاحظات ومشاهدات في وسائل التواصل الاجتماعي
الشيخ عبد القادر فاكهاني/ مسؤول اعلام “المشاريع”
المطلع بعين الحكمة والحرص على المصالح العامة ينتابه الضيق الشديد والانزعاج الكبير عندما يتصفح عبر الإنترنت بعضَ ما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك.
تخبطٌ وعشوائيةٌ وبُعدٌ عن التدقيق والتحقيق وغرقٌ في مستنقعات القيل والقال والتجني والتهورِ ونشرِ الأكاذيب.
وإليكم عددًا من الملاحظات:
1- يصر البعض على نشر بعض المسائل المتعلقة بأحكام الشريعة بطريقة يعسر فهمها على كثير من رواد الإنترنت، وأحيانًا ينقصها التفصيل المطلوب. وهذه المسائل بالأصل قيلت في مجالس حضرها طلاب علم وأهل فهم فجاءت على قدر علمهم وفهمهم، وأما نشرها للعموم فأمر يحتاج إلى نظر لأن كثيرًا من رواد الإنترنت لن يفهموها بل قد يفهم منها الكثيرون معاني أخرى غير المعاني المقصودة.
2- يصر البعض على نشر كل ما يصلهم تحت اسم الدين دون أن يتعبوا أنفسهم في التحرير والتدقيق والتأكد من صحة ما يصلهم… وقد تكون مصادرهم أدعياء المشيخة الفارغين وجماعات الجهل المطبق ومتطرفين يفسّرون الدينَ على أهوائهم… وهذه مصيبة كبرى.
3- يصر البعض على جعل وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك مرتعًا لصراعاتهم مع خصومهم وأزواجهم السابقين والسابقات (كما يقول المثل: نشر الغسيل الوسخ)… وتدور رحى المعارك والسجالات والاتهامات… والسؤال الموجه لهؤلاء: ما علاقة أصدقائكم في الفيسبوك مثلًا بمشاكلكم؟ هل بهذه الوسيلة تحلّونها؟ ألا يعطي هذا السلوك انطباعًا أنكم لستم أهلًا للصداقة ولا محلًا لحفظ الأسرار وخصوصيات البيوت؟!!!
4- يصر البعض على أن يكون أداة مجانية، أو غير مجانية أحيانًا، لنشر الأكاذيب والإشاعات المغرضة والأقاويل غير المسندة. وللنوائب والكوارث والأمراض نصيبُها من الاستغلال فمنهم من يخبرك أن انفجارًا هائلًا سيقع بعد أيام… وأن اعتداءً جويًا وبحريًا وبريًا على وشك الوقوع عما قريب… ويخبرك البعض أن مرض كورونا كذبة وأن الدولار ستصل قيمته إلى كذا وكذا… روايات وإشاعات تشغل الناس كل ساعة وتقلقهم وتجعلهم في همّ وسجن كبير… أما الرواة فهم إما متسرعون لا يتحرون ولا يدققون وإما هواة للشهرة وإما عشاق للنكد وإما ضالعون في مسارات يريد أصحابها تحطيم الأمل وزرع الخوف واليأس وبث الفوضى ونشر الفتنة.
5- يصر البعض على ادعاء الفهم في خبايا السياسات الدولية والصراعات الكونية والحروب الباردة والحامية… ويصرون على إطلاق المواقف التي لا يتزحزحون عنها قيد أُنملة وكأني بهم من صنّاع القرارات الحاسمة الدولية، أو على الأقل الإقليمية، أو هم من رواد المطابخ السرية لوزارات الخارجية والداخلية والدفاع والأجهزة الاستخباراتية!!!
6- يصر البعض على ادعاء الفهم العميق في شؤون الطب فيوزعون الوصفات الجاهزة (وغبّ الطلب)… ولا ينسون أن يدلوا بدِلائهم وآرائهم في الكيمياء والفيزياء والهندسة والمواد الانشطارية… وكثير من هؤلاء لا يفهمون في طبائع جسم الإنسان ولا يميزون بين الأمعاء الغليظة والبنكرياس على سبيل المثال!!!
لدي ملاحظات أخرى… ولكن أكتفي بهذا المقدار وأرجو الله أن لا أكون واقعًا في إحدى هذه الحالات التي ذكرتها.
بقلم عبد القادر فاكهاني