انفجار مرفأ بيروت (صورة جوية)
انفجار مرفأ بيروت (صورة جوية)

حرب بلا حرب: إنفجار مرفأ بيروت تخريب اسرائيلي ام حادث عرضي؟

حرب بلا حرب: إنفجار مرفأ بيروت تخريب اسرائيلي ام حادث عرضي؟

محمد الايوبي

الانفجار المدمِّر الذي هزّ بيروت يوم الثلاثاء نتيجة إنفجار مرفأ بيروت، أثار ردود فعل عارمة في لبنان والخارج، وتصدّرت سيرته العناوين والاهتمامات، بحكم قوته وخسائره وملابساته. ومع أن التحفظ كان إجمالاً سمة الردود الأولية التي بقيت حتى وقت متأخر من الليل في حدود التفسير الرسمي اللبناني للحادثة التي اعتبرته النتائج الأولية بأنه حادث عرضي، إلا أن هناك العديد من التحليلات  التي تعتبر بأن الحادث مفتعل، وبأن أصابع الاتهام بشأن انفجار مرفأ بيروت تتجه إلى إسرائيل، لكن السؤال هو كيف ترى حكومة الاحتلال الإسرائيلي ذلك التدمير الشامل الذي حلّ بالمرفأ الأهم في لبنان ودمّر العديد من المباني والمنشآت من حوله وأودى بحياة مئات الشهداء والجرحى وأحدث ضرراً اقتصادياً يُقّدر بالمليارات في بلد منهار اقتصادياً؟

التكهنات بشأن طبيعة الانفجار

وانتشرت مقاطع الفيديو المصورة بواسطة الهواتف المحمولة لتنقل مشاهد مروعة تنمّ عن حجم الانفجار الهائل، وتثير في الوقت نفسه التكهنات بشأن من يقف وراء الحادث ولماذا؟

في البداية، كانت القصة المتداولة بشأن الحادث أن مستودعاً يحتوي على عدة أطنان من المفرقعات والألعاب النارية المقرر استخدامها في احتفالات قد انفجر. بعد ذلك، نفت مصادر رسمية تلك الرواية، وقالت إن المستودع كان يحتوي على مواد قابلة للاشتعال أو الانفجار، موضحة كذلك أنها مادة “نترات الأمونيوم”، كانت مخزنة في أحد المستودعات منذ ست سنوات.

ومع ذلك، وفي الوقت الذي كانت فيه السلطات اللبنانية لا تزال في خضمّ تحقيقاتها الحثيثة للتوصل إلى نتائج أولية بشأن الواقعة، سارع بعض الناس إلى الترويج والتلميح بأن الحادثة لم تكن عرضاً أو نتيجة إهمال ما، بل هجوماً إرهابياً، وكان مضمون تلك التلميحات أن إنفجار المرفأ ناتج عن تفجير نفّذته جهات لبنانية تعمل لخدمة إسرائيل.

وعلى الفور، سارع العديد لاستثمار هذه  الحادثة وترويج الشائعات للتصويب على حزب الله، واعتبار الموضوع قصفاً “إسرائيلياً” على مخازن أسلحة لحزب الله، على الرغم من النفي الإسرائيلي، ونفي حزب الله أنه يخزّن الصواريخ في المرفأ وهذا ما أكده سماحة السيد حسن نصر الله.

إلا أنَّ طريق السلاح إلى حزب الله برّية عبر سوريا في الدرجة الأولى، ويتعذَّر استقدام السلاح عبر البحر، وذلك بسبب وجود قوة اليونيفيل البحرية التي تنتشر منذ تشرين الأول 2006 على امتداد الساحل اللبناني، وأهدافها بحسب موقعها الرسمي: “دعم القوات البحرية اللبنانية في مراقبة مياهها الإقليمية، وتأمين السواحل اللبنانية، ومنع دخول الأسلحة غير المصرّح بها أو المواد ذات الصلة إلى لبنان عن طريق البحر”.

ومع ذلك تنهمر التحليلات حول سبب الكارثة، وإذا كان الكلام عن تحقيق محلي أو دولي، يزاحم الأزمة في ظلالها الإنسانية، إلا أنه من المؤكد أن انفجاراً بهذا الحجم، لن يترك خلفه دليلاً، فلا أحياء نجوا ليحكوا عن الذي حدث في مرفأ بيروت، ولا أدلة تبقى ولا آثار.

آلاف الاطنان من نترات الأمونيوم، مخزّنة في ظروف سيئة، منذ سنوات مع ألعاب نارية ومفرقعات، في ذات المنطقة، واذا كان البعض يتحدث عن تماس كهربائي، أو وجود عمليات لحام بالأوكسجين في تلك المنطقة أدت الى الحريق أولاً، أو أن ارتفاع حرارة الطقس مع سوء التخزين أديا إلى هذه الكارثة، فإن السيناريو الإسرائيلي لا يغيب أيضاً.

وإذا كان الغضب الشعبي ينصب على مؤسسات الدولة اللبنانية بسبب الإهمال، وترك مدينة بحرية عائمة على شبه قنبلة نووية طوال هذه السنوات، بحيث وجد من أراد بلبنان شراً قنبلة جاهزة للتفجير دون أن يتحمل أي مسؤولية علنية، فإن هذا لا ينفي أن الحادث يصب في إطار آخر، هو المعركة بين حزب الله وإسرائيل، والحاجة لخلخلة لبنان كلياً فوق أزماته.

انفجار مرفأ بيروت، هناك من يستغله سياسياً لانزلاق لبنان إلى الفتنه والحرب الأهلية ويدفع إلى تدمير لبنان وتفتيته واغراقه، وهناك من استغل الحادث إلى وضع لبنان تحت الوصاية لأن هناك طابور خامس لا يعترف بالحكومة ويريد سحب سلاح المقاومة، وإن هذا الأمر يدفع لبنان للخضوع إلى شروط دولية وأمريكية كما حدث مع اليابان وذلك لإضعافها وتقديم تنازلات وتطويق المقاومة وعدم قدرة لبنان وحزب الله على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

النفي الإسرائيلي للحادث

من الطبيعي جداً أن ينفي الإسرائيليون علاقتهم بالحادثة حتى لا يتحمّلوا الكلفة أمام العالم كلفة الضرر الواقع على الأبرياء، وتدمير مدينة بأكملها، وتجنباً لرد فعل حزب الله، إلا أنه في الوقت الحالي لن يرد على الحادثة حتى لو تأكد أنها مجرد عمل تخريبي، كون لبنان اليوم في أضعف حالاته، ولا يحتمل الدخول في حرب، ولا جرّ البلد إلى مواجهة بهذا الشكل.

حادثة التفجير لمرفأ بيروت غامضة، وهي تذكّرنا بعشرات حوادث التفجير والحرائق في إيران، وهي حوادث لم تستطع إيران تفسيرها، تبدأ فجأة وتضرب أهم المنشآت، وكأننا أمام شبكات إسرائيلية تقوم بأعمال تخريبية في كل مكان، أو اختراقات تقنية تؤدي الى الحوادث وفقاً لبعض التفسيرات، ومَن يحلّل حوادث إيران وحادثة مرفأ بيروت يجد شبهاً غريباً، فالحرائق تبدأ فجأة ودون سبب واضح في مؤسسات حساسة وأساسية.

شاهد أيضاً

محمد سعيد الخنسا

دمعة فراق

دمعة فراق محمد سعيد الخنسا ودع لبنان والعالم الإسلامي عالماً جليلاً عاملاً عاملياً مجاهداً حجة …