حالة الطوارىء: واجبة أمس قبل اليوم (1)
المحامي رفيق غريزي/ خاص takarir.net
على اثر تفشي حالة الكورونا، وقيام السلطات الرسمية والاعلامية والمجتمع المدني بأسره بمناشدة اللبنانيين بالتزام منازلهم والتعاون في سبيل التغلب على هذا الوباء العالمي الذي لا يرحم روحا، ولا يميز بين دين أو طائفة أو عرق، استفزت اللبنانيين مشاهد الاستهزاء وعدم الاكتراث وعدم جدية بعض المواطنين وعدم التزامهم منازلهم.
وأثناء التزامنا بالحجر المنزلي، كان لا بد لنا أن نقوم بما قد يفيد لو بالقليل. وأن نتساءل، هل أن الاجراءات التي اتخذت كانت صحيحة وصائبة وملائمة؟! وماذا عن حالة الطوارىء، هل يصح اعلانها بسبب تفشي الأمراض والأوبئة؟ّ
جوابا على هذه التساؤلات، قمنا باعداد الدراسة التالية، في محاولة لفهم الصلاحيات وواقع الامور.
أولا، لا بد أن نشير الى أنّه تم اعلان حالة الطوارىء في لبنان أكثر من مرة:
المرة الاولى: في 31 تشرين الاول من العام 1956 ايام الرئيس كميل شمعون
الثانية والثالثة: في عهد الرئيس شارل حلو اعلنت مرتين في 5 حزيران من العام 67 وفي 23 نيسان من العام 1969.
واعلنت مرتين ايضا في عهد الرئيس سليمان فرنجية في 16 ايلول 72 وفي 7 ايار 1973.
ونذكر بعض المراجع والمراسيم المتعلقة باعلان حالة الطوارىء وبرفعها خلال مراحل التاريخ اللبناني:
اعلان حالة الطوارىء بتاريخ 5 حزيران من العام 1967 بموجب المرسوم رقم 7508 حيث تم اعلان حالة الطوارىء على جميع الأراضي اللبنانية.
عهد سليمان فرنجية
وبموجب المرسوم رقم 9107 الصادر بتاريخ 13 كانون الثاني سنة 1968 تم رفع حالة الطوارىء باستثناء بعض المناطق وهي منطقة الحدود اللبنانية الجنوبية، والمناطق العسكرية المعلنة بموجب المرسومين 9671 تاريخ 29\6\1955 و 6439 تاريخ 18\1\1967.
ومن ثم تبعهما المرسوم رقم 4068 الصادر في 4 تشرين الأول سنة 1972 المتعلق برفع حالة الطوارىء المعلنة في جميع الأراضي اللبنانية باستثناء محافظة الجنوب.
وبعدها بتوقيع رئيس الجمهورية الرئيس سليمان فرنجية تم اعلان حالة الطوارىء بموجب المرسوم رقم 3991 الصادر في 16 أيلول من العام 1972تم اعلان حالة الطوارىء في جميع أراضي الجمهورية اللبنانية.
وبتاريخ 7 أيار من العام 1973 صدر المرسوم رقم 5513 بتوقيع فخامة الرئيس سليمان فرنجية باعلان حالة الطوارىء على جميع الاراضي اللبنانية حيث ورد في المرسوم “نظرا لوجود عناصر تخريبية أخذت تعبث بأمن البلاد وتعمل على التدمير والتقتيل وتزرع التفرقة”
وبتاريخ 23 أيار من العام 1973 تم رفع حالة الطوارىء المعلنة في جميع الاراضي اللبنانية بموجب المرسوم رقم 5515 باستثناء منطقة الحدود الجنوبية.
وهنا لا بد أن نشير الى أن اعلان حالة الطوارىء خلال هذه الفترات كان لأسباب أمنية وعسكرية، فهل يصح اعلان حالة الطوارىء عند تفشي الأوبئة أو الأمراض؟!
للجواب على هذا الموضوع، يقتضي العودة الى النص القانوني والمراجع القانونية. وعليه، ينص المرسوم الاشتراعي رقم 52 (اعلان حالة الطوارىء أو المنطقة العسكرية) (والصادر بعهد الرئيس شارل الحلو وبتوقيعه في بيت الدين) على ما يلي:
حددت المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي المذكور أعلاه على أنه”
“تعلن حالة الطوارىء أو المنطقة العسكرية في جميع الأراضي اللبنانية أو في جزء منها:
– عند تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند حدوث وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة.
أما المادة الثانية، فتنص على أنه “تعلن حالة الطوارىء، أو المنطقة العسكرية بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء على أن يجتمع مجلس النواب للننظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية أيام وان لم يكن في دور انعقاد.”
وبالعودة الى حالتنا الحاضرة، فبرأينا أنه بحسب النص المذكور فان البلاد وكما العالم معرض لخطر مداهم ناتج عن تفشي وباء خطير، لم يعثر على علاج له بعد، ومن شأن تفشيه أن يودي بحياة الآلاف من المواطنين، وانّ مثل هذه الحالة لا يمكن وصفها الا بالكارثة. وعليه، فان الوضع الحالي يستوجب منذ اليوم الأول اعلان حالة الطوارىء.
أما عن أهمية اعلان حالة الطوارىء، فان الاجراءات المتخذة في ظلها لها من الجدية والصرامة بحيث لا يعود بامكان المواطنين أن يأخذوها بتساهل، لأن الأمرة تكون حينها للجيش، وفي هذا المجال فانّ المادة الثالثة من المرسوم الاشتراعي المذكور، تنص على الاجراءات المتخذة فور اعلان حالة الطوارىء، حيث نصت على ما حرفيته:
“فور اعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية:
– تتولى السلطة العسكرية العليا صلاحية المحافظة على الامن وتوضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة ويفهم بذلك قوى الامن الداخلي والامن العام والجمارك ورجال القوى المسلحة في الموانئ والمطارات ومخافر الاحراج وفي وحدات الحراسة المسلحة ومفارزها بما فيهم رجال الاطفاء وتقوم هذه القوى بواجباتها الاساسية وفقا لقوانينها الخاصة وتحت امرة القيادة العسكرية العليا.
– تختار السلطة العسكرية العليا، بقرار بعض العناصر من هذه القوى لتكليفها بمهام خاصة تتعلق بالعمليات الحربية والامن وحراسة النقاط الحساسة وعمليات الانقاذ، فتصبح عندئذ خاضعة للقوانين المعمول بها في الجيش فيما يتعلق بانظمة الانضباط، وفي هذه الحالة تستفيد هذه العناصر من تعويض مباشرة العمليات الحربية المنصوص عنها في قانون الجيش. ”
وما يدل على ضرورة اللجوء الى اعلان حالة الطوارىء، فهو أن نص المادة الرابعة تعطي صلاحيات واسعة للسلطة العسكرية العليا والتي لها طابع الجزم، وعندها لن يتمكن الناس من تنظيم أعراس، وفتح المحلات والتجول الخ.