حراك جبل محسن يرفض اقتراح النائبين عن لجنة “المجلس العلوي”: مشروع فتنة
كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الجمعة 6 كانون الاول 2019
رغم كل التعقيدات التي تعيشها الساحة الاسلامية العلوية وخصوصاً المعيشية والحياتية منها ولا سيما في جبل محسن، وإنصباب الاهتمام كله في الشهرين الماضيين على الهم المعيشي اسوة بمناطق الشمال وعكار وطرابلس وكل لبنان، يتحدث اهالي الجبل عن حالات عسر شديدة الى درجة عدم توفر “الخبز الحاف” للكثير من العائلات هناك بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية، وتوقف اكثر من 800 عامل مياوم وطرد موظفين وبطالة وغيرها من حالات البؤس الاجتماعي، وفق ما تؤكد اوساط اسلامية علوية واسعة الإطلاع على ما يجري.
وتقول الاوساط ان العلويين من عامة الناس الى المثقفين والحقوقيين وطلاب وخريجين الجامعات والاطباء والمهندسين والصيادلة، يروون ان انتخابات المجلس الاسلامي العلوي فرصة للتغيير ولتحسين الاحوال ولدفع الامور قدماً نحو الافضل، ولتعزيز حضور الطائفة الاسلامية العلوية على خريطة الاهتمام الرسمي. وان تُسّن القوانين اللازمة لانصاف هذه الطائفة المشاركة في تكوين تاريخ لبنان اسوة بغيرها من الطوائف الكبرى. فلا يجوز على مقربة من العام 2020 ان يبقى هناك طائفة كبرى وطائفة صغرى ومواطن بـ”شريطة” ومواطن “حاف”. ومنذ اكثر من عامين وعلويو جبل محسن ومناطق عكار يغلون ويطالبون الناس بإنتخابات شاملة “اي من الصفر” لم يكتب لها النجاح حتى الان.
واخر التطورات امس عندما دعا نائبا الطائفة مصطفى حسين وعلي درويش الى إجتماع في مقر المجلس الاسلامي العلوي في جبل محسن، قاطعه القائمقام بالرئاسة ونائب الرئيس الشيخ محمد خضر عصفور وقام بإغلاق مكتبه. ولم يحضر بينما حضر تسعة اعضاء من المشايخ وغير المشايخ من اعضاء الهيئتين التنفيذية والشرعية. وجرى تلاسن بين هؤلاء الاعضاء وانسحب إثنان وبقي اثنين من المعترضين وفق الاوساط بسبب محاولة النائبين فرض لجنة انتخابية ومن دون استشارة الاعضاء كما ينص العرف والقانون، لكن الاعضاء الذين بقوا في المجلس مع النائبين سموا 12 عضواً فيها 8 منهم من المشايخ و4 من غيرهم اي المدنيين ومناصفة بين عكار وجبل محسن اي 6 اعضاء عن كل منطقة ولكن الاجتماع لم يثبت بمحضر وبقيت هذه اللجنة مجرد إقتراح ولم تبت بسبب الخلاف بين الاعضاء السبعة الحاضرين.
الرفض الذي جاء من الاعضاء الاربعة المعترضين على تشكيل هذه اللجنة، والتي يعتبرها هؤلاء الاعضاء، وما بات يعرف بالحراك المدني والاهلي في جبل محسن، انها مشروع “فتنة” و”تقسيم” وهي ممارسة لا تمت الى الواقع بصلة، اي انها لا تستجيب لمطالب الناس. وللغالبية في جبل محسن والتي تعتبر ان اللجنة الانتخابية يجب ان تنبثق عن الهيئة العامة، والتي تتكون من المتعلمين والمثقفين والاطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين ومن خيرة مشايخ الطائفة وما اكثرهم. فلماذا اختزال اللجنة على قياس معين وبناء لرغبة واهواء النائبين او جهات محددة؟
الانقسام الحاد مستمر في إنتخابات المجلس الاسلامي العلوي
ومنذ 10 ايام تفرملت الانتخابات الشاملة في المجلس الاسلامي العلوي مرة جديدة بعد صدور تعميم عن مدير عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية، يقضي بمصادقة هيئة التشريع في وزارة العدل على صحة قرار الهيئتين الشرعية والتنفيذية الغير مكتملتين في المجلس العلوي لناحية العدد والنصاب، والقاضي بعزل القائم بمقام رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ محمد خضر عصفور في 2 آب الماضي من مهامه ككقائم بالرئاسة. وهو الامر الذي كان يتحضر عصفور الى الطعن به لانه غير قانوني كون الهيئتين في حكم تسيير المرفق العام، وفق مذكرة رقم 653/ 2013 صادرة عن الرئيس نجيب ميقاتي لعدم حصول فراغ اداري حينها ولم تجر انتخابات المجلس بعد انتهاء الولاية بسبب الاحداث الامنية بين جبل محسن وباب التبانة.
وقبل قرار مكية كان عصفور يتحضر مع نخبة من فاعليات الطائفة الاسلامية العلوية من مشايخ اجلاء تجاوز عددهم الـ50 واكثر من 300 من الحقوقيين والمهندسين والاطباء والصيادلة وخريجي الجامعات لاجراء الانتخابات الشاملة في المجلس بعد تشكيل الهيئة العامة واللجنة الانتخابية وتفويض هؤلاء جميعاً الشيخ عصفور بإجراء الانتخابات. بعد تثبيت موقعه في المجلس بقرار من المجلس الدستوري رقم 22/2019 وبعد قبول المجلس بالطعن المقدم من عصفور. حيث قرر المجلس الدستوري تعليق مفعول القانون المطعون في دستوريته رقم 140 تاريخ 11/7/2019، المتعلق بتمديد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الاسلامي العلوي وانتخاب رئيس ونائب رئيس والتحضير لانتخابات عامة وتعديل المادتين 12/ و /16/ من القانون رقم 449 تاريخ 17 اب 1995 والمنشور في الجريدة الرسمية في العدد رقم 34 تاريخ 11/7/2019، مع حفظ بت مراجعة الابطال في الشكل والاساس. وهذا القانون للتذكير هو مقدم من حسين ودرويش.
وملابسات ما جرى امس وفق الاوساط لا تزال مجهولة وما يتردد عن إتفاق “ضمني” بين عصفور ودرويش على عدم تقديم طعن مقابل بقائه نائب الرئيس حتى وصوله الى التقاعد غير صحيح. وينفي عصفور اي اتصال بدرويش ويقول ان كل ما يقال كذب وإفتراء وفق الاوساط لكل من راجعه كل ما يرمى في الشارع، ويؤكد انه كان ماض في الانتخابات الشاملة قبل حدوث مذكرة مكية والتي تعالج بالقانون وانه مستمر في مهامه كما يبنص القانون. كما تردد معلومات عن تدخل جهات عليا لبنانية وغير لبنانية لـ”فض” الاشتباك بين النائبين وعصفور ايضاً، تقول الاوساط انه كلام يتردد من دون إثبات او نفي. بالاضافة الى كلام آخر عن لقاء سيعقد الاثنين بين السفير السوري في لبنان والنائبين والاعضاء.
وتقول الاوساط ان المؤكد ان الايام ستظهر اذا كانت هذه المعطيات صحيحة او مجرد كلام للاستهلاك في الشارع، وان تشكيل اللجنة من دون استشارة الناس والفاعليات في الجبل هو مشروع تقسيم وفتنة وليس مشروع حل. وفي كل الاحوال استمرار الانقسام يعطل الانتخابات في المجلس العلوي، كما يُعطّل اي فرصة للوحدة بين ابناء الطائفة كما يعطل اي فرصة لتقدمها ورقيها وتحسين اوضاعها .