الشارعان السني والعلوي: نعم لقد خذلنا ميقاتي الحريري
كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الجمعة 11 تشرين الاول 2019
غليان الشارع الشمالي من عكار الى طرابلس مروراً بالمنية والضنية وكل احياء طرابلس من باب التبانة الى جبل محسن وهما عقارياً منطقة واحدة ليس مصطنعاً وليس من “مؤامرة كونية” او “حياكة” الاجهزة او نتيجة “تضافر” جهود دولية واقليمية، هذا ما تجمع عليه فاعليات عكارية وطرابلسية وعلوية وتقول ان الغضب الشعبي هو نتيجة طبيعية لتردي الاوضاع التي وصلت اليها المناطق المذكورة.
وتكشف الاوساط ان معظم التحركات التي شهدتها طرابلس ليست مقتصرة على شباب من الطائفة السنية بل هي وللمفارقة وللمرة الاولى منذ انتهاء الاحداث بين جبل محسن وباب التبانة في العام 2014 يجتمع الحرمان السني والعلوي في شارع واحد وفي تظاهرة واحدة منذ ايام. وتقول الاوساط ان “بعبع” اللعبة المذهبية والتخويف بين السنة والعلويين سقط الى غير رجعة ومن حسن الحظ ان “غدر” القوى السياسية كافة في الشمال بأهله وفق ما تؤكد الاوساط كشف زيف إدعاءات هذه القوى واللعبة التي كانت تُمارس لإذكاء المحاور وإبقاء التقاتل السني- العلوي واستخدام الفزاعة الفارسية والشيعية والايرانية وكذلك النظام السوري وامتداداته العلوية. وتلفت الاوساط الى ان الشمال اليوم يستعيد نبضه العروبي ويرحب بعودة احزاب 8 آذار والمقاومة ولو بشكل تدريجي وحتى لا نبالغ كثيراً في التحول الحاصل كما تقول الاوساط.
وتؤكد الاوساط ان ابرز دلالات التبدلات كانت في انتخابات بلدية طرابلس اذ ساهم الضغط الشعبي الرافض لتدخل تياري المستقبل والعزم في الانتخابات البلدية في اسقاط التأثير الثنائي المذكور على الانتخابات ونجحت القوى المدنية التي ينتمي اليها معظم اعضاء بلدية طرابلس في انتخاب من يمثلها وبعيداً من نفوذ الحريري وميقاتي. وتكشف الاوساط ان الانتخابات البلدية والاختيارية الفرعية تجري التحضيرات لها في وسط إحباط ولا مبالاة شعبية باستثناء بعض العائلات المسيسة وبطبيعة الحال تياري المستقبل والعزم المتحالفان وفق الاوساط فوق الطاولة وتحتها. اذ يفضل كل من الحريري وميقاتي ان “يُقسما” الغلة والحصص على اثنين بدل ان يكون لهما شركاء سنة في المكتسبات والخدمات والنفوذ. وتقول الاوساط الى ان ورغم ان الحريري وميقاتي لا يريد اي منهما ان يحصل الآخر على حضور واصوات اكثر منه الا انهما يتكتلان وفق الطاولة وتحتها لتحجيم القوى السنية الاخرى في 8 آذار او اللقاء التشاوري الذي يمثله كل من النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد ولكل منهما حيثية وحضور سني وووطني وشمالي لافت.
وفي انتخابات المجلس الاسلامي الشرعي تجري كل المحاولات اليوم لتوزيع المقاعد بين الحريري وميقاتي وخصوصاً في طرابلس وفي محاولة للامساك بالملف البلدي والديني في عكار ومنطقة الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً فيما يؤمن التحالف الثلاثي المعلن بين ميقاتي والصمد وكرامي المقاعد الطبيعية للقوى المذكورة في المجلس الشرعي ومن دون تحقيق مكتسبات نوعية لكرامي والصمد.
وتقول الاوساط ان رغم كل هذه المحاولات التي يقوم ميقاتي والحريري ومهما فعل الرجلان هذا لا يلغي حالة الاحتقان الشعبي ضدهما وخصوصاً ضد ميقاتي، اذ تكشف الاوساط ان ما قبل الانتخابات النيابية الاخيرة في العام 2018 كان تيار المستقبل والحريري “خارج التغطية” وخارج “الخدمة” انمائياً ومالياً وخدماتياً وتراجع “التيار الازرق” قابله تمدد لتيار العزم عبر تقديم الخدمات الصحية والطبية والتعليمية والمساعدات المالية للشارعين العلوي والسني وخصوصاً قبل شهر من الانتخابات. وقد تلقى العلويون والطرابلسيون سيلاً من الوعود بالتوظيفات والخدمات والتقديمات من المرشحين المفترضين على لوائح ميقاتي لكنها كلها “تبخرت” بمجرد صدور النتائج. وتكشف الاوساط ان احد نواب كتلة ميقاتي الحاليين بات لا يحوز على رضى عائلته وابناء منطقته لكثر ما وعد الناس باسم ميقاتي ولم يتحقق ولو وعد يتيم مما ذكر. وتؤكد الاوساط ان التخلي عن الوعود وخذلان الناس واغلاق المكاتب في وجههم والتخلي عنهم على ابواب المدارس وتبخر كل وعود المساعدات الطبية والمالية والخدماتية باتت تؤرق بال الطرابلسيين والعلويين والذين مع تردي الاوضاع الحالية باتوا تحت خطر الفقر وشارعهم يغلي ومحتقن مع تفشي البطالة والفقر والعوز والتسرب المدرسي وغياب اي تقديمات صحية واستشفائية ولولا جهود بعض الخيرين والتبرعات من جهات وفاعليات شعبية لمات كثيرون على ابواب المستشفيات. وتكشف الاوساط ايضاً ان الشارع الشعبي وحتى اصحاب العمائم الذين كانوا يراهنون على بعض القوى السياسية كالمستقبل والعزم هم اليوم في حيرة من امرهم مع غضب الناس على اهل السياسة والمهللين لهم من بعض القوى والمرجعيات الدينية، وهذا ما يؤكد وفق الاوساط ضرورة اعادة المستقبل والعزم وكل النواب والقوى السياسية في طرابلس والشمال وعكار حساباتهم لان ما يجري من احتقان واحتجاجات ليس الا البداية فقط والآتي اعظم.