لن نيأس… حتى يأتي اليقين
الشيخ عبد القادر فاكهاني/ مشؤول اعلام “المشاريع”
كنت قد آليتُ على نفسي منذ مدة أن لا أكتبَ في الوضع اللبناني لكنّ كثرةَ الانفجاراتِ المادية والنفسية جعلتني أعدلُ عن هذا فأكتب بصفتي مواطنًا لبنانيًا.
لقد قررتُ أن لا أقعَ فريسةَ اليأس رغم أنني أعيشُ في بلدٍ تدفعُك الوقائعُ والحوادثُ وأفاعيلُ المفسدين المتحكمين برقاب العباد كلَّ يوم إلى هاويةِ اليأسِ وحافةِ الإحباط.
ولعل الأنسب أن أقول إنني أحاول أن لا أيأس، أما الإحباطُ فهو نفق تم وُلوجُه منذ أمدٍ ولم أصل إلى خاتمته بعد. وقد يقول قائل إن الإحباطَ هو بوابةُ اليأس، وإن اليأسَ تربع في قلوب اللبنانيين، ولن أدخل في هذا النقاش الآن.
قررتُ أو أحاولُ أن لا أيأسَ رغم المؤامراتِ الخارجيةِ والداخلية… رغم تسلطِ الدولار على عملتنا الوطنية… رغم الانقطاعِ اليومي للكهرباء والمياه… رغم انقطاعِ أو ندرةِ المازوت والبنزين والدواء والرغيف وارتفاع أثمانها… رغم البطالةِ وقلة الأشغال… رغم ما آلت إليه أحوالُ المستشفياتِ المهددةِ بالإغلاق التام أو الجزئي.. رغم انفجاراتِ خزاناتِ نيترات الأمونيوم والمحروقات ومحطات الكهرباء… رغم الألمِ والجوع… رغم الغلاءِ والبلاء… رغم القرفِ الذي يرافقُك منذ الصباح… رغم الضجيجِ اليومي الذي يُكربُ النفوسَ والذي نسمعُه يوميًا من سياسيين يصرون على الأسلوبِ عينِه والأداء عينه والعبارات عينها والمماحكات عينها والوعود عينها… يقولون إنهم يعملون من أجل الوطن ونهضة الوطن ونصرة الوطن والإصلاح ومكافحة الفساد وبناء دولة المؤسسات!!!
ولكن… أيُّ دولةٍ وأيُّ مؤسسات؟! الدولة التي تبحثُ منذ أشهرٍ طويلةٍ أمرَ البطاقةِ التمويليةِ دون أن تبصرَ هذه البطاقةُ النورَ رغم الضجيجِ والوعود!!!
الدولة التي تركت الناسَ يتقاتلون عند محطات الوقود!!!
يقولون إنهم في خدمة الشعب!!! ولكن… أي شعب!!! قد لا يبقى هناك شعب خاصة إذا فتحت دولةٌ واحدة بابَ الهجرة أو حتى اللجوء إليها… هل بعد ذلك سيبقى شعب؟!
لن نيأسَ بإذن الله… واليقينُ الذي عنيتُه بقولي: “حتى يأتي اليقين” هو الموت… سنصمدُ ونصبر ونكافح حتى الرمقِ الأخير أي إلى أن يحين الأجلُ… موتُنا نحن أو موتُهم هم… قد نكون نحن السابقين وهم اللاحقين وقد يحصل العكس.
فلننتظر… إن غدًا لناظره لقريب.
لن نيأس بإذن الله.
(ملاحظة: عندما بدأتُ كتابة هذا المقالِ القصير قررتُ أن أخفف من حدة الأسلوب ليس خوفًا… إنما ادخرتُ كلماتٍ بانتظار انفجار جديد… ولن نيأس)