التغلب على كورونا بالايمان والامل
التغلب على كورونا بالايمان والامل

فينا ألفُ كورونا وكورونا… ولكن لن نفقدَ الأمل

فينا ألفُ كورونا وكورونا… ولكن لن نفقدَ الأمل

عبد القادر فاكهاني/ مسؤول إعلام “المشاريع”

قال لي بعضُ الأصدقاء عن مقاليّ السابقين إنه كان فيهما كثيرٌ من الخوف والتخويف وبدَوتُ فيهما متشائمًا وربما قاسيًا… أجبتُهم لستُ متشائمًا ولا قاسيًا ولكنني واقعي وصريح… أما عن الخوف فلم أجبهم!!!
لقد كشف فيروس كورونا كثيرًا من عيوبنا وعوراتنا حتى لو لم يقتحمْ أجسادَنا… إنه أشبهُ ما يكونُ بجرس الإنذار الذي يُنْبِئُنا بوقوعِ حريقٍ أو مَقدمِ زلزالٍ أو إعصار… يهلعُ الناسُ ويتراكضون نحو ملجإ يقيهم لهيبَ نار أو حممًا من بركان أو أمواجًا عاتيات أو رياحًا عاصفات أو انشقاقَ أرض… يخافون اللهيبَ والحممَ والأمواجَ والرياحَ وانشقاقاتٍ تبلعُهم فيغوصون فيها ولا يعودون…

هكذا هو كورونا… إنذارٌ علَّنا نفيقُ… شىءٌ صغيرٌ لا نراه بالعين المجردة سُلِّطَ علينا علّنا نخرجُ من غفلتنا… كورونا كثعبانِ الكوبرا أو شىءٍ من الزواحف الضخمة… أقعدنا في معازلنا كمن حُكِم عليه بالإقامة الجبرية أو كأننا في جُزرٍ متناثرة نُفِينا إليها…

ولكن صدّقوني ما أصعبَ الحياة بكورونا وبغيره…
قاسٍ مرضُ كورونا ونحن قساةٌ مثله!!!… يتقاتل الناسُ من أجل دنيا زائلة وبترولٍ وذهبٍ وألماسٍ وكنوزٍ أخرى يخطفُها في لحظةٍ شىءٌ صغيرٌ لا تطاله طائراتُهم ومدافعهم… يتقاتل البشرُ من أجل عرشِ مُلكٍ زائل ومن أجل شهوةِ تسلطٍ وحُكْمٍ ينقلب عليه حُكْمٌ ويهتفُ الناس: مات الملك عاش الملك!!!…

الفرقُ بيننا وبين كورونا أنه بلا عقل… أما نحن البشر فنتميّزُ عن الجمادات والبهائم بالعقل، وكم يشبِهُها منا من لا يستعملُ عقلَه ويجعلُه معطلًا خائبًا من أجل شهواتِ لحظاتٍ يعقبُها ندم!!!… كم نبتعدُ عن إنسانيتنا عندما نتصرفُ كوحوشِ الغابات يتناتشون لحومَ بعضِهم بعضًا!!!…
القوي يأكلُ الضعيف!!!… الحاكم يظلمُ المحكوم!!!… الغني يتكبرُ على الفقير!!!…
وأخطرُ شىءٍ أن يُلحِدَ الإنسانُ بربِّه وينكرَ وجودَه أو يصفَه بصفات الخلق أو يشتمَه وهو خالقُه وخالقُ كلِّ شىء…

كورونا شىءٌ خلقه اللهُ حتى لو كان من صنعِ سراديبِ المختبرات السرية… وكأن كورونا يقول لنا: أفيقوا فالآتي أعظم… فيا ليتنا نفيق… ويا ليت الحَجْرَ يقتصرُ على الحَجْرِ المكاني فلا تتحجّر عقولُنا ولا تقسو قلوبُنا… وكم أخافُ أن نصبحَ كالسباعِ التي تترقبُ فريستَها حين تنفردُ عن قطيعها أو تزلُّ بها القدمُ فتنقضُ عليها لتمزقها إربًا إربًا…وأذكّر نفسي وإياكم أننا بشرٌ ولسنا غيرَ ذلك…

ومن نافلةِ القولِ هنا إن من تداعياتِ كورونا أنه وسّع دائرةَ الفقرِ والفقراء… كنتُ وما زلتُ أظنُّ أن الفقراءَ في بلادي لا يموتون عند أبواب المستشفيات… الفقراءُ يموتون في بيوتهم بصمت… صمتٍ لا يُزعجُ المسؤولين ولا المترفين ولا المتخمين ولا المُرابين ولا جامعي الملياراتِ المنشغلين بالكنز والعَدّ!!!… صمتٍ لا يقضُّ مضاجِعَ من أشبعونا وعودًا وهميةً وأحلامًا وردية!!!… ومن مات فقيرا عند أعتابِ مستشفى فلأنه ظنَّ أنه سيجدُ رحمةً ما أو يسمعُ أنينَه مترفٌ أو مسؤولٌ له آذانٌ قلما يسمعُ بها أو هو لا يريدُ أن يستعملَها في سماع الأنين لانشغاله بتنشقِ رائحةِ المال!!!…

هل يعلمُ المترفُ الذي لا يشبعُ أن ثمةَ فقراءَ لا يشبعون لأنهم أصلا لا يجدون ما يأكلون؟؟؟
هل يعلمُ رماةُ بقايا طعامِ موائدِهم الفاخرةِ أن ما رموه يسدُّ رمقَ آلافٍ مؤلفةٍ من فقراءِ بيوتِ “التنك” والجائعين الذين يفترشون الأرصفةَ والباحثين عن لقيماتٍ في مزابل الطرقات؟؟؟

أنا على يقينٍ أن كثيرًا من الناس، أرجو أن لا أكونَ منهم، سيخرجُ من محنة كورونا دون أن تجد الموعظةُ طريقًا إلى قلبه ولا العبرةُ سبيلًا إلى نفسه!!!…

فعلًا… ما أكثرَ العِبَرَ وما أقلَّ المعتبرين…
ما أكثرَ المرضى في نفوسهم وهم لا يشعرون!!!…

فينا ألفُ كورونا وكورونا ولكن لن نفقدَ الأمل.

 

شاهد أيضاً

محمد سعيد الخنسا

دمعة فراق

دمعة فراق محمد سعيد الخنسا ودع لبنان والعالم الإسلامي عالماً جليلاً عاملاً عاملياً مجاهداً حجة …