“حزب الله” وحلفاؤه يواجهون “الدولة العميقة” في النظام اللبناني!
كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الجمعة 10 نيسان 2020
ليس من باب الصدفة ان يخرج الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في خطابين متتاليين ليحث المصارف على الالتفات الى الوضع الداخلي، وان تساهم في حلحلة الوضع بدل تعقيده.
وليس خافياً على “حزب الله” وحلفائه، وخصوصاً الرئيس نبيه بري الذي عاين ويعاين يومياً حجم الضغوطات الاميركية التي تمارس على لبنان، عبر الامساك بـ”رقبة الطبقة” السياسية عبر ربط لبنان كله بواشنطن بمنظومة اقتصادية ومالية عنوانها الدولار الاميركي. حيث بات لبنان وكل دولار يتحرك في اي مجال خاضع للرقابة الاميركية ولسلطات اميركا النقدية تحت مسميات “محاربة الارهاب” وتبييض الاموال وصولاً الى الاتجار بالبشر ودعم المنظمات الارهابية ووضع عقوبات على كل فرد او كيان او دولة لا تخضع للاملاءات الاميركية.
هذه الاجواء تنقلها اوساط بارزة في 8 آذار، وهي حصيلة نقاشات وتداول بالازمة منذ ثورة 17 تشرين الاول وصولاً الى ازمة “كورونا” حيث تتكثف “إفتراضياً” حركة الاحزاب في 8 آذار والتشاور مستمر بينها وبين “الثنائي” “حركة امل” و”حزب الله” ولكن بالتواصل الافتراضي وليس الشخصي بسبب ازمة “كورونا”.
الصراع المفتوح مع الاميركيين: امني وسياسي واقتصادي
وتقول الاوساط ان القول بسيطرة “حزب الله” وحلفائه على الدولة امر مبالغ فيه، وتحميل “حزب الله” تحديداً مسؤولية ما يحصل احياناً من ضغط على الدولة، هدفه “تكبير الحجر” على الحزب ومسؤوليه ولا سيما السيد نصرالله.
وتكشف الاوساط ان في بعض المواقف الحرجة يشعر حلفاء “حزب الله”، جدياً بالغبن عندما ينتصر المحور الاميركي، وهو محور كبير في لبنان اقتصادي وسياسي ومالي ومصرفي ولديه لوبي اعلامي وسياسي واندية وجمعيات ولا يستهان به.
وتقول الاوساط بتنا في تحالف “حزب الله” و8 آذار، مقتنعين اننا نواجه “دولة عميقة”. وأحد مرتكزاتها الاساسية هي المصارف وشبكة من الشركات التجارية والوكالات الحصرية الكبيرة والتجار اللبنانيون- العالميون والذين يمسكون بمفاصل البلد ولديهم نفوذ امني وسياسي ايضاً.
وتكشف الاوساط ان توجه السيد نصرالله الى المصارف في مرة اولى، حاول ان يحاكي المسؤولية الانسانية والوطنية لاصحابها وفي المرة الثانية “نبّهم بلطف” الى خطورة الاستمرار بحجز ودائع اللبنانيين ولا سيما الصغار منهم. وتشير الى ان هناك فئة اخرى اكثر تضرراً من اصحاب ودائع الـ5 ملايين و3 الاف دولار، وهي الفئة بين 10 الاف و100 الف دولار وهي فئة يتوقع ان يكون لها تدبير جديد لاحقاً، بعد الانتهاء من التدبير الـ148 والذي يتم المماطلة بتنفيذه اليوم وهذا امر قيد المتابعة لتنفيذه سريعاً.
وتلمح الاوساط الى ان تسريع اجراء ارجاع الوادئع المسلوبة الى اصحابها من صغار المودعين والموظفين، هو شعور اللوبي القائم على المصارف ان هناك متغيرات آتية في المنطقة ولم تعد الامور كما كانت قبل “كورونا”. فاصحاب المصارف وجمعيتها لهم مصالح وشبكة مصالح في لبنان كما في الخارج، ولم يعد باستطاعتهم تهديد الرئاسات القائمة حالياً و”حزب الله” انهم يغادرون لبنان على متن طائراتهم الخاصة واموالهم خارجه ويبقون هناك وتقوم الادارة الاميركية باعلان لبنان ودولته ككيان ارهابي وتصادر الذهب اللبناني وكل موجودات لبنان خارجاً. فما بعد “كورونا” ليس كما قبله، وكل الكون متضرر ولم يعد هناك من مكان غير متضرر بأزمة “كورونا” الاقتصادية والمالية الصحية. كما ان الادارة الاميركية ستقوم لتلافي الخسائر الهائلة بفعل ازمة “كورونا” الاقتصادية والتي ستكون اقصى بمئة مرة من ازمة العام 2008، باحتجاز كل الاموال الموجودة في البنوك الاميركية . وقالها الرئيس الاميركي دونالد ترامب صراحة عندما لوح بمصادرة 35 مليار دولار في البنوك الاميركية لشخصيات عراقية حالية وسابقة.
وتشير الاوساط الى ان ما بعد ازمة “كورونا” وتداعياتها الاقتصادية الهائلة على لبنان ايضاً ليس كما قبلها، وخصوصاً ان الصراع مفتوح مع الاميركيين امنياً وسياسياً واقتصادياً. وتضيف : لا يبدو ان الادارة الاميركية في وارد تخفيف العقوبات عن ايران او سوريا او “حزب الله”، اذ يتضرر لبنان كله وشعبه من هذه العقوبات. وتترجم هذه العقوبات باحتجاز الاموال في البنوك وغلاء الاسعار ومعظم السلع. ومنع الادارة الاميركية منذ اشهر استيراد الدولار من الخارج يتم بطرق متعددة وباساليب واضحة او ملتوية وعبر بعض الوكلاء والحلفاء في لبنان.
وتتابع: الضغط الذي يمارسه “حزب الله” اليوم سيستمر خصوصاً بوجود رئيس جمهورية صلب كميشال عون، ورئيس مجلس نيابي صلب وعنيد كنبيه بري، ورئيس حكومة صلب ومتماسك كحسان دياب، اذ باتت تشعر هذه “الدولة العميقة” ان ايامها المقبلة لن تكون مريحة ولم تعد امورها كما كانت قبل “كورونا” وقبل 3 عقود من الزمن.