الحراك الشعبي بين الايجابيات والسقطات
علي ضاحي خاص takarir.net
وبطبيعتي ومع مرور الايام ومع تمرسي في مهنة الصحافة والاعلام بتُ اكثر واقعية وعمقاً واكثر فهماً لقراءة الاحداث وما بعدها. لذلك اعطيت نفسي بضعة ايام لادرس واحلل واجمع المعطيات اللازمة لاخرج بخلاصة عما يدور اليوم في لبنان من الجنوب وصولاً الى الشمال مروراً ببيروت والبقاع.
في اليوم الاول من التظاهرات الشعبية وخصوصاً من العاشرة من ليل الخميس الماضي وصعوداً الى الساعة الثالثة فجراً كان لدي عمل اقضيه في الشمال وكنت مساء الخميس في الجنوب فقررت التوجه نحو بيروت ليلاً على ان استعد في الصباح الباكر للذهاب الى طرابلس. وانا في طريقي عند الحادية عشرة والنصف ليل الخميس شاهدت بأم عيني الغوغائية والعبثية في التصرف وكيف تجمع 10 شبان من هنا و20 شاباً من هناك وقاموا بقطع الطريق من صور الى عدلون فالعدوسية وصيدا والناعمة والجية والسعديات وخلدة وطريق المطار وصولاً الى جبيل وطرابلس. كانت المشاهد فوضوية والاطارات المشتعلة ودخانها الاسود ورائحته الكريهة تعبق في انفي وما زادني حزناً وغضباً ان هؤلاء الشباب نزلوا من دون هدف ولا تنظيم لكنهم امعنوا في الاذية وتعطيل حركة سير وحركة المواطنين امثالهم، حتى انهم قطعوا كل الطرق الاتوسترادات والخط البحري وحتى المسارب الفرعية في القرى قطعوها، وهنا تبرز صفة الاذى وتوجيه اللوم لكل لبناني ولو كان مثل المتظاهر بائساً وفقيراً ومحروماً. وهنا سؤال لماذا لا يتظاهر هؤلاء امام بيوت السياسيين ولماذا لا يقطعون عليهم الطريق ويحاصرونهم في بيوتهم؟
في اليوم الثاني ومع طلوع شمس الصباح نجح المعتصمون في شل مفاصل البلد وحاصروا السرايا وحاولوا اقتحامها ليلاً ولكن الايجابية التي بدأت تظهر ان الناس بدأوا بتجاوبون مع الاعتصام والتظاهرات بايجابية وجمعت المصيبة كل اللبنانيين من دون استثناء ونسي الناس طوائفهم واحزابهم ومشاكلهم وخرجوا مُتحدين للمطالبة بالاصلاح ومكافحة الفساد والفقر والغلاء والضرائب الخ.
وفي اليوم الثالث توسعت حركة الاعتصامات وتحت شعار اللبنانيين يطالبون بحقوقهم ورغم شل كل البلد وعرقلة حياة المواطنين العاديين الا ان الايجابية بقيت في نبذ الاحزاب و”سرقة” الحراك حتى الساعة 12 ليلاً عندما اشتبك المتظاهرون مع القوى الامنية وحدثت اعمال شغب وتكسبر واعتقالات بحقهم وانتهى اليوم الثالث.
وامس وفي اليوم الرابع هناك من حاول ويحاول توظيف الحراك لاهداف سياسية وقام بإدارة بعض المجموعات والمتظاهرين نحو اهداف محددة ومعروفة وتردد ان مالاً دفع وجيئ بالصوتيات والواي فاي والوجبات الثلاث.
وهناك ايضاً من حاول شيطنة الحراك في صفوف السلطة وهنا يجب الانتباه جيداً الى اليوم (الاثنين) وبعد اجتماع مجلس الوزراء واعلان البنود الاصلاحية وهنا يتضح وفق ردة الفعل هل تستمر الاعتصامات للمطالبة برحيل السلطة ومحاكمة الفاسدين ام انها تستجيب للاصلاحات وتبني عليها كبداية صحيحة؟ سنرى.