اسباب العلاقة المتوترة بين جنبلاط والحريري وباسيل

افردت جريدة “الديار” صباح اليوم العديد من مقالاتها للحديث عن الازمة المستجدة بين النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.  في هذا الموضوع للزميل رضوان الذيب بعض من اسباب هذه الازمة وخلفياتها.

ويقول الزميل رضوان الذيب في جريدة “الديار”، ان من الطبيعي ان يستنفر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط جمهوره وحزبه ومشايخه وحلفاءه المحليين والاقليميين والدوليين، كون المنازلة والمواجهة باتت في قلب بيئة الشوفي والجبلي وعلى مسافة قريبة من المختارة، وهذه المعادلة تحصل للمرة الاولى منذ تسلم وليد جنبلاط دفة القيادة الاشتراكية والدرزية؟ وهل يعقل ان يسكت جنبلاط عن تعيين العوني غسان عطاالله ابن بلدة بطمة الشوفية والواقعة فوق المختارة وعلى تخومها وزيراً للمهجرين وصالح الغريب وزيراً لشؤون النازحين ابن بلدة كفرمتى وما تعنيه، وهل يعقل ان يكون الوزيران على تماس وخصومة سياسية معه ويتوليان وزارتين حساستين و«المهجرين» خدماتية بامتياز وبنفس حصته الوزارية، والوزير عطاالله يعرف حيثيات الملف وكيف تم التعامل؟ ومن خلال هذا الملف قادر على توسيع بيكار الخدمات على اهالي الجبل، وهذه المعادلة السياسية والوزارية تحصل للمرة الاولى منذ الاستقلال في الجبل لجهة عدم مراعاة الخصوصية الجنبلاطية حيث كان الدرزي الثالث المحسوب على ارسلان يسميه جنبلاط ويحدد وزارته، اما الاختيار اليوم فهو لرئيس الجمهورية اولاً وللوزير باسيل ثانياً ولارسلان ثالثا فجنبلاط تنازل عن الدرزي الثالث بعد وعود من بعبدا وباسيل بتمرير تعيينات للاشتراكي يبدو انها تبخرت حالياً، خصوصاً ان الحكومة ستواجه استحقاقاً داهماً بتعيين رئيس للاركان في الجيش اللبناني بعد شغور هذا المركز منذ اشهر، وطبيعي ان جنبلاط لن يحصل على ما يريده وربما كان الاسم الجديد المطروح مقبولاً من الجميع.

واللافت وحسب المعلومات، ان ما حصل وزارياً كان بقرار من الوزير باسيل وبتغطية من الرئيس الحريري للعوامل الآتية:

– لا شك ان الحريري خاض نقاشاً مع باسيل لإبعاد صالح الغريب عن وزارة النازحين، لكن باسيل تمكن من اقناع رئيس الحكومة الذي لم يراع الهواجس الجنبلاطية وربما اراد الحريري توجيه رسالة ايجابية للقيادة السورية التي عبرت عن ارتياحها لتسمية الغريب وامكانية البحث معه سياسياً في هذا الملف.

– حاول الرئيس الحريري اخفاء تعيين غسان عطاالله وزيراً للمهجرين عن جنبلاط، واوحى بأن الوزارة ستسند الى تيار المستقبل وتفاجأ جنبلاط بالتسمية بعد اعلان الوزارة.

– خاض الحريري نقاشاً حاداً مع جنبلاط لاقناعه بالتخلي عن وزارة الصناعة ومحاولة دق اسفين بينه وبين الرئيس بري الذي تفهم وجهة نظر جنبلاط وسانده بعكس الحريري.

– وضع العقيد وائل ملاعب بالتصرف ورفع الغطاء عنه تمهيداً لمحاكمته والحريري يعرف شخصياً موقف جنبلاط من هذه القضية وخصوصياتها الدرزية وبالتالي لم يراعه مطلقاً.

– اصرار الوزير باسيل وبموافقة الحريري على تعيين صالح الغريب في لجنة صياغة البيان الوزاري وكسر الاحادية الدرزية في موقع القرار ورسم سياسات البلد

اما الهاجس الاكبر لجنبلاط فهو خوفه من ثنائية سنية – مسيحية في الشوف ستأتي على حسابه كلياً، وكيف اذا كان لهذه الثنائية «شراكة» درزية تعيد معادلة «كميل – كمال» وما جرى عام 1958 لاقصاء الشهيد كمال جنبلاط، وتصدى الشهيد كمال جنبلاط يومها مع سوريا التي امنت السلاح والرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكان المد العربي في ذروته لكن الظروف مختلفة كلياً الآن، وبالتالي، فان جنبلاط يرى ان حلم جبران باسيل الجبلي للعب دور كميل شمعون يراوده، رغم ان الاخير وفي خضم المواجهة مع الشهيد كمال جنبلاط كان يحترم الخصوصية الدرزية والزعامات والبيوتات بعكس باسيل، وهذه المعادلة الجديدة موجهة حتماً ضد آل جنبلاط لإضعافهم في ظل معادلة: «من يحكم الجبل يحكم لبنان». و«عندما يتقدم حكم الموارنة يتراجع دور الدروز وبالعكس عندما يتقدم دور الدروز يتراجع حكم الموارنة»، وهذه هي المعادلة التاريخية، لذلك فان جنبلاط يريد «الشريك المسيحي» المعتدل وغير السياسي وليس «شراكة» الوزير باسيل وطموحاته واصراره على التوازن ومحاولة الاخلال به الذي مارسه بالانتخابات النيابية و«تشليح» جنبلاط كل النواب الموارنة، ولذلك فان جنبلاط سيبقى من الآن وصاعداً ومستقبلاً مع سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية لانه من خارج معادلة جبل لبنان والصراع مع آل جنبلاط.

وهذا الصراع الجنبلاطي مع رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر تزامن مع تطورات سورية لصالح الدولة السورية والجيش العربي السوري، ومن المستحيل عودة العلاقات بين سوريا وجنبلاط، واتصالات الاصدقاء المشتركين حسمت هذا الامر في ظل قرار سوري بعدم التعامل مع جنبلاط «الاب والابن والعائلة» لا اليوم ولا غداً «هوي بحالو ونحنا بحالنا» كما انها جاءت مع انقسامات درزية – درزية لاول مرة تأخذ هذا المنحي منذ تسلم جنبلاط مهامه السياسية وبالتالي فان رئيس التقدمي عندما واجه الاخرين كان يستند الى وحدة درزية شاملة، اما اليوم فالامور مختلفة كليا، وهذا ظاهر في حجم الخلافات والبيانات والتوترات على الارض «والله يستر»، لكن وعي المشايخ والفاعليات الدرزية تمكن حتى الان من الحد من اي «توتر» لان في لعبة «الدم» ليس هناك من «رابح وخاسر» وليس هناك من «قوي وضعيف» وبالتالي فإن جنبلاط حاسم لجهة تأكيده على أن كل ما يجري ضده «صناعة سورية» «بامتياز» وبغض نظر من رئيس الجمهورية وبدعم من الوزير باسيل، مع تأكيد جنبلاط ان حزب الله لا يتدخل مطلقاً في الموضوع الدرزي ويريد الهدوء وعدم حصول اي اشكال داخل الطائفة الدرزية، وهذا ما ابلغته قيادة حزب الله للاشتراكي رغم الحلف بين حزب الله وارسلان ووهاب لكن حزب الله يتعاطى بعقلانية كبيرة مع الوضع الدرزي.

وفي ظل هذه المعطيات وحسب المعلومات، فان من حق جنبلاط ان «ينقز» حيث نجح البعض بـ«خربطة» كل محاولات تطبيع علاقته مع العهد، وبالتالي فان «السهام الجنبلاطية» موجهة ضد باسيل لجهة اتهامه بتعطيل اي انفتاح في العلاقة بين الاشتراكي والعوني، ولذلك فإن جنبلاط سيدرك وربما يدرك الان الثمن الذي سيدفعه مع كل يوم نتيجة تراجع الدور السوري وضعفه ووقوفه ضد سوريا الذي آمنت له كل شيء ولا يمكن لاميركا وفرنسا وروسيا والسعودية والامارات ومصر وكل الزعامات في لبنان ان تعطي جنبلاط ما اعطته سوريا على حساب الجميع وتحديداً المسيحيين والموارنة في الجبل وبقوانين الانتخابات، وهذه العلاقة مع سوريا بدأت تتراجع عندما انحاز الرئيس الراحل حافظ الاسد الى الرئيس اميل لحود وحكم الرئيس المسيحي القوي فبدأت «العنعنات» الجنبلاطية ضد سوريا وسترتفع حدتها مع الدعم السوري اللامحدود لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون رغم كل التسريبات غير الصحيحة عن توتر بالعلاقة بين العهد وسوريا، وهذا غير صحيح مطلقا وسوريا تعرف ان حضورها قمة بيروت فوق طاقة الرئيس عون، والامر له حسابات عربية ودولية، ولن تتحقق العودة الا بعد الانتصار السوري القريب في ادلب.

وبالنتيجة وفي ظل عهد الرئيس ميشال عون القوي والتطبيع بين الرئاستين الاولى والثالثة، وعدم قدرة الرئيس بري على خوض المواجهة الشاملة الى جانب جنبلاط لالف سبب وسبب، فإن جنبلاط الذي يهوى الرقص على حافة الهاوية لن يهدأ ولن يستكين او يتراجع، وعنده القدرة و«الحنكة» و«الذكاء» لفرض شروطه ويتجه نحو المعارضة وربما الشارع ولكن ليس على حساب امتيازات الحكومة بل التوازن بين النهجين، وباعتقاد رئيس الاشتراكي انه من خلال النقابات والوضع الاقتصادي وتحريك الشارع وما يسود في البلاد من شلل وفساد وفضائح وعجز الحكومة عن المعالجة، سيقود الشارع ويملأ «الفراغ» في هذا الاطار عبر دور مباشر مع الناس خصوصا ان الحركة النقابية بحاجة الى من يحركها وكيف اذا كان بحجم جنبلاط. كما ان الرغبة الجنبلاطية بالعودة الى تراث الحركة الوطنية والبرنامج المرحلي للاحزاب الوطنية حلم يراوده ويضعه على الطاولة مع كل عاصفة، والجميع يعرف ان المعارضة افضل من الموالاة لجهة كسب التأييد الشعبي القادر على تأمين ما يريده والضرب على الطاولة والتشدد في كل الامور وتجربة «الجديد» خير دليل فقد حاول جنبلاط تسليم الجاني لكنه اصطدم برفض مطلق من المشايخ وتحديداً الشباب منهم وابلغوه رفضهم لتسليم مازن لمع، مهما كانت الاسباب. وهذا يؤكد مدى التوتر والقلق الذي يسود القرى الجبلية على خلفية الخلاف الدرزي – الدرزي لكن حكمة المشايخ وتدخلهم المباشر حالا دون حصول احتكاكات كثيرة كما ان رئيس تيار التوحيد وئام وهاب تدخل في موضوع الجديد لايجاد حل ترك ارتياحا لدى المشايخ، كما ان وهاب اعلن بوضوح رفض اي خلاف درزي – درزي ورفض اي فتنة ودعا الى تهدئة النفوس وان يبقى الخلاف في الاطار السياسي لان اي نقطة دم في الجبل اكبر من كل خلافاتنا وهذا الموقف قابله المشايخ وحتى الفريق الجنبلاطي بارتياح وخفف من هذه التشنجات. لكن الخلاف السياسي الدرزي ـ الدرزي سيتصاعد مع اتجاه المعارضين لتشكيل لقاء خلدة الذي يضم كل المعارضين لجنبلاط وسيطرح اسبوعياً موقفه من التطورات في البلد والطائفة الدرزية.

شاهد أيضاً

الشيخ مازن حبال يلقي كلمته

إحتفالات لـ”المشاريع” في بيروت وخلدة والناعمة إستقبالاً للحجاج والعام الهجري الجديد

إحتفالات لـ”المشاريع” في بيروت وخلدة والناعمة إستقبالاً للحجاج والعام الهجري الجديد استقبالًا لحجاج بيت الله …