احمد قبلان مثل الامام قبلان في تخريج طلاب الجامعة الاسلامية:
إذا كان كل وزير ملكا على رأس وزارته فتوقعوا المزيد من النزيف والفشل
قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان: “لقد أكدنا مرارا وتكرارا أن أولوية هذا البلد تكمن بالمشاريع الإنتاجية، والنفقات الحكومية على البنية الأساسية التحتية، وخاصة العلم ونظام التعليم والقدرات السوقية وأدوات الرقابة، وبصراحة أكثر إذا كان كل وزير ملكا على رأس وزارته كما هو الحال بنظامنا السياسي الحالي فتوقعوا المزيد من النزيف والفشل، خاصة أن من يتقاسم السلطة مصر على تأكيد الحصص الطائفية والمواطن الطائفي والوظيفة الطائفية والموازنة الطائفية والوطن الطائفي، فيما خطابنا الديني منذ زمن الامام الصدر يؤكد على ضرورة أن يكون مشروع الدولة مشروع مواطنة لا مشروع طائفة، مشروع انسان لا مشروع حيتان، ودولة شعب بحقوقه وليس دولة طوائف تتقاسم البلد والسلطة”.
كلام المفتي قبلان جاء خلال رعايته حفل تخريج طلاب الجامعة الاسلامية، الدفعة الـ 21، ممثلاً رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى رئيس مجلس امناء الجامعة الاسلامية في لبنان الامام الشيخ عبد الامير قبلان ممثلا بالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، وبدعوة من رئيستها دينا المولى، وذلك في مجمع الجامعة في الوردانية، حضره مساعد رئيس مجلس الامناء ألامين العام للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى نزيه جمول، والامين العام الجامعة حسين بدران، ومدير فرع الوردانية عبد المنعم قبيسي واهالي الخريجين.
وبعد مرور موكبي الخريجين ورئيسة الجامعة والعمداء والاساتذة، وتلاوة آيات من الذكر الحكيم للمقرئ حسن موسى، والنشيد الوطني وتعريف من محمد الشامي الذي القى قصيدة مهداة الى الامام السيد موسى الصدر، القى كلمة الخريجين الطالب ابراهيم عز الدين، شكر فيها الجامعة على جهودها وذوي الطلاب على سهرهم وتفانيهم.
قبلان
والقى المفتي قبلان كلمة راعي الحفل، استهلها بتوجيه التبريكات للجامعة إدارة وأساتذة وخريجين على هذه الجهود وهذه النتائج المتوالية وقال: “الى المزيد من النجاحات والأمل ان شاء الله تعالى، وخاصة أننا نخوض معكم معركة انتاج الانسان والوطن، من باب القدرات العلمية، في بلد يعاني معاناة لم نر مثلها، يعاني من غياب الضمير، وفائض الفساد، وتقاسم الكعك السياسي والطائفي، ما يعني أننا بحاجة ماسة الى انتاج أجيال قادرة على ربح إنساننا”.
اضاف: “نحن مطالبون بتأكيد القيمة العلمية والمقعد الجامعي وتأمين المزيد من المساعدات الممكنة التي تساعد أجيالنا على اجتياز القدرات العلمية للارتباط بسوق المصالح التي تهم ناسنا وبلدنا ومجتمعنا، على قاعدة “أكبر العبادة ما كان خدمة للإنسان وتأكيدا لحاجاته المدنية”، وعلى طريقة “من يريد أن يربح وطنا عليه أن يربح نظام التعليم فيه وإلا لن يبقى وطن ولن تبقى أجيال”، بصراحة أكثر يجب أن نربح معركة العلم وهذه أمانة، لكن بالمقابل لا يجوز بأي شكل من الاشكال أن نخسر هويتنا وثقافاتنا، والاهم من هذا وذاك أن لا نخسر صلتنا بخالقنا، لأن صنع القنبلة النووية كان انجازا علميا هائلا، إلا أن من يملك ثقافة جزار حولها سلاح إبادة وقتل، وكذا الحال بالصناعات والتقنيات المختلفة منها الطب وصناعة الادوية لدرجة أن شركات براءة الاختراع ربحت معركة انتاجها الطبي على حساب مئات الملايين الذين تجرعوا الموت غصة وما زالوا، لأن من يملك الاسم التجاري همه المال وليس الانسان، وهذه وحشية مخيفة لا يجوز تمكينها من ناسنا ومجتمعنا وحاجات وطننا، خاصة ان التجربة أكدت أن المال اذا تمكن من السلطة أفسدها، وحول البلد وناسه سوقا للصفقات ولبنان خير نموذج لذلك الواقع القذر”.
وتابع: “من هنا فإن الانسان المتعلم بوعيه ونخوته وثقافته ضرورة علمية وحاجة إنسانية، لأنه ضمانة لتوظيف العلم بالمكان الصح والهدف الصح والالية الصح، يعني بحاجات الانسان وأولوياته وليس بالحروب والفظاعات وأسواق فئران التجارب البشرية، وجبهات حرب المال، التي خلفت وتخلف مئات الملايين من الضحايا المظلومين. وعليه بمنطق رسالات السماء، إن الانسان أولا وليس السلطة، الانسان بحاجاته ومصالحه وليس المال، الانسان كسبب لوجود الوطن والدولة وليس الدولة كبالوعة لناسها وأجيالها، الانسان بما هو انسان بعيدا عن دينه وعرقه ولغته، لكن على قاعدة الانسان بفطرته، وليس الانسان الوحش، الانسان المنتج للعلم، وليس المنتج للدمار الشامل، الانسان الضمانة لبلده وناسه وليس من يجير وطنه لناسه وعائلته، الانسان الذي يسخر الثروة والعلم لتأكيد مصالح الانسان وسلالته وليس من يجيرها للقتل وخراب البلاد والاوطان، وما أكثر من يمتهن لعبة البكاء على الانسان فيما عينه على نهب بلده واستنزاف ناسه ومرافق دولته وكيانات شعبه وموارد أمته، وما أكثرهم في هذه البلاد”.
وقال: “من هنا المفروض علينا التطوير وتوسيع الاختصاصات، وتأكيد الوفرة الاجتماعية كأساس لتوفير العلم، والمفروض عليكم تأكيد روح الانسان في ما تختصون به وتعملون فيه، لأنكم أيها الخريجون ستشكلون أنتم وبقية هذا الجيل تاريخ هذا البلد لخمسين سنة قادمة، وكما تكونون يولى عليكم، فانظروا ماذا ستورثون أبناءكم، لأننا الان نعيش ما كرسه الآباء من تاريخ خمسين سنة مضت. أرجو أن يكون لديكم الوعي والثقافة والقدرة للتأثير بعقل وثقافة ووعي مجتمعنا، بحيث يربح العلم ويخسر الجهل، ويتمكن الانسان وتخسر الغريزة، وتتحول معه السلطة مشروع برامج وخدمات إنسانية، لأن هذا البلد فيه كل شيء إلا حقوق الانسان، واذا بقينا كما نحن الان لن نربح تاريخ أولادنا، والمطلوب أن نربح أنفسنا وصلتنا بربنا وأخلاقياتنا كي نربح قدرتنا على التطوير”.
المولى
والقت رئيسة الجامعة المولى كلمة رحبت فيها بالحضور “في حفل أردناه عائليا بإمتياز، فلا بروتوكول ينظم ولا رسميون بمختلف فئاتهم سوى من هو اليوم معنا بصفته الوالد أو الوالدة أو الأخ، أخاطبكم بلغة العائلة الواحدة التي جمعتنا بكم طوال هذه السنوات، سنوات كانت تشكل أدق مرحلة في مسيرة أبنائكم، والحمد الله لم يخذلوكم وكانوا على قدر المسؤولية”.
وقالت: “نحن في هذه الأيام نعيش حالة فرح، وأيام نجاح وتخرج الطلاب من كافة فروع الجامعة الإسلامية في لبنان. لقد انطلقت رحلة النجاح منذ أسبوعين كنا خلالها نحمل الفرحة بالنجاح ونتنقل بها من مدينة ملكة البحر صور، المدينة التي اختزنت التاريخ منذ ما قبل الميلاد وعرفت الحضارات التاريخية المتعاقبة، هناك إحتفلنا بتخريج كوكبة من الطلاب حملوا شهادات نجاحهم بكل فخر. وغدوا منذ تلك اللحظات دفعة سترفد مجتمعها بكل ما استطاعت أن تكتسبه خلال السنوات، فاكتست صور يومها بثوب الفرح، فرح الأمل بالمستقبل، كان هذا الفرح هو المشترك بين طلاب مدينة الحرف صور وطلابنا في مدينة الشمس بعلبك. في بعلبك للحكاية عبق مختلف ورجال صنعوا التاريخ هناك حيث شموخ القلعة والإسم الذي يغوص في التاريخ، ترى الهيبة والعظمة في القلعة الشاهدة على بطولات وروايات من الماضي العريق وهي اليوم تسطع بأنوارها وبالإبداع المستمد من الماضي المختوم بالعز، وستبقى القمة التاريخية والحضارية دون منازع، لقد زرعناها منذ أسبوع بالبهجة والفرح في تخريج طلابها، طلاب جلسوا جنبا إلى جنب لبسوا ثوبا موحدا، ثوب كان كل طالب محروم من أبناء بعلبك- الهرمل يحلم به، لأن التعليم العالي كان حكرا على طبقة معينة، ذهبنا إليهم بمشروع الجامعة الإسلامية في لبنان، مشروع تعليم عال متميز ومتطور ومزين بالقيم والأخلاق، مشروع يستثمر بالإنسان، عقلا وسلوكا ومنهج حياة، لخلق مجتمع جديد، من شباب البقاع وشاباته، تخرجوا في مجالات الهندسة والعلوم والآداب والحقوق والصحة ونطمح إلى باقي الإختصاصات التي تضمها الجامعة والتي أضحت أكثر من 50 إختصاصا. من هناك من بعلبك علت صرخات الفرح وتعانقت مع صرخة الفرح في صور فكانت الأصوات من الجنوب إلى البقاع محل إفتخار وعز”.
واردفت: “اليوم نحط الرحال هنا في الرميلة- الوردانية، في مشروع الحلم، في هذه المنطقة التي جمعت الجنوب بالعاصمة، فهي الممر والمعبر والمقر، كان الجنوب الحاضن دائما للاقليم في عز الأزمات والشدة والشاهد على العيش الواحد، والعاصمة التي هي الحاضن للعمل والإرتزاق. وشكل الإقليم الخزان البشري في الأجهزة الحكومية في الإدارة والأمن والشريك القوي في إنماء القطاع الخاص. ومنذ خمسين عاما إختار الإمام المغيب السيد موسى الصدر هذه المنطقة الوسطية بجغرافيتها ونهجها مدينة العيش الواحد لتكون مقرا لمشروع الجامعة الإسلامية في لبنان، ” جامعة لكل الوطن “.
واكدت المولى ان “الجامعة الإسلامية في لبنان جامعة فتية مقارنة مع أقرانها من الجامعات العريقة، كان الرهان علينا بأننا لن نستطيع مجاراة الكبريات منها لا عددا ولا تطورا ولا نوعية سواء في التعليم والمناهج والبرامج. دعوني أقول لكم ان هذه المؤسسة قد بلغت مستوى رفيعا من الرقي والمكانة الوطنية والعربية والدولية وتميزت منذ تأسيسها بإختصاصات جديدة لم تكن موجودة في لبنان ولبت حاجة سوق العمل المتعطش لها”.
واشارت الى ان الجامعة “مشروع خيري لا يبتغي الربح، وغالبية الطلاب قد حصلوا على دعم مالي، نوزع المساعدات بكل فرح لأننا نساهم في إعداد أجيال تطمح أن تكون رائدة في عالمها ولأنها رسالتنا الأسمى”.
وتوجهت الرئيسة المولى الى الخريجين قائلة: “كونوا فخورين بما أنجزتموه، لقد أعددناكم لتكونوا قادة في مجتمعكم لأن ما تزودتم به هو أرقى العلوم وفق المعايير الدولية”.
وفي الختام، تم تسليم الشهادات للخريجين، واعلنت رئيسة الجامعة تثبيتهم في الباحة الخارجية، في جو من البهجة والسرور ارتسمت علاماته على الوجوه حيث زينت المفرقعات النارية سماء المنطقة.