كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الاثنين 6 ايار 2019
رغم “الكيمياء” الشخصية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري كما تصف اوساط نيابية مقربة من عون، الّا ان هناك تبايناً واضحاً في كيفية مقاربة الامور بين الرجلين وان هناك اختلافاً في النظرة الى كيفية إدارة الدولة ومؤسساتها. وهنا يدخل على الخط وفق الاوساط رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل ليكون “أشد” صرامة مع الحريري من عون. ولكن اوساط عون ترفض وجود “توزيع ادوار” بين عون وباسيل في التعاطي مع الحريري والقوات والمردة وآخرون. وفي هذا السياق يقول سياسيون يختلفون مع عون وباسيل في منهجية التعاطي السياسي انهما “يسايران” المكوّن الشيعي وخصوصاً حزب الله على إعتبار ان العلاقة الجيدة بين عون وباسيل والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هي “مظلة” لحماية العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والتي تبدو متينة ومتماسكة هذه الفترة مع التلاقي في ملفات مكافحة الفساد واعطاء دور للقضاء والضرب بيد من حديد في التقشف ووقف الهدر المالي وتثبيت الاصلاح الاقتصادي الحقيقي. كما يلتقي عون وبري ونصرالله على ضرورة وضع حد لـ”حيتان المال” ومنع النافذين من التهرب المالي والضريبي، بالاضافة الى منع المس بالفقراء وعدم فرض ضرائب جديدة وعدم المس بأي رواتب متدنية وخصوصاً العسكريين.
ووفق الاوساط المقربة من عون فإن الرئيس يتصرف من منطلق المسؤولية الدستورية والوطنية، ومن موقعه كراعي للمؤسسات والحكم النزيه والايجابي والفاعل. وتؤكد ان عون لا يقبل ان يكون حيادياً او سلبياً او ان يمارس صلاحياته منقوصة او مجردة من الروح والمسؤولية والانسانية.
وتؤكد الاوساط ان العلاقة بين عون والحريري جيدة وتسير في الاتجاه الصحيح ورغم الاختلاف في بعض الملفات، الا انهما متفقان على خطوات جريئة وجبارة في الملف الاقتصادي والاجتماعي على غرار قانون الانتخابات والذي مثل نقلة نوعية في الحياة السياسية اللبنانية.
في المقابل برزت في الآونة الاخيرة التباينات الواضحة بين الحريري وباسيل وفي اكثر من ملف قضائي وامني وسياسي واقتصادي. وتقول اوساط متابعة ان العلاقة الشخصية بين الرجلين جيدة وبناءة ولكن في السياسة هناك اختلاف واضح في كيفية بناء الدولة وإدارة مؤسساتها. وتقول الاوساط ان اتهام عون وكتلته والتيار بوضع اليد امنياً وقضائياَ ومحاولة التوازن مع تيار المستقبل بتفعيل دور جهاز امن الدولة ليكون نداً لفرع المعلومات وإطلاق يد القضاء العسكري عبر القاضي بيتر جرمانوس، فيه كثير من المبالغة لسبب بسيط وهو ان رئيس الجمهورية هو رئيس كل المؤسسات القضائية والامنية والدستورية وليس في حاجة الى ادوار ملتوية او غير مباشرة للامساك بزمام الامور. فله موقعه وصلاحياته الدستورية كما يمتلك كتلة نيابية ووزارية كبيرة وفاعلة الى درجة التقرير والمشاركة في القرار في مجلس الوزراء ولا يمكن لاحد ان يتجاهل دور عون وموقعه وما يمثله بالاضافة الى الكتلة الداعمة له. وتشير الاوساط الى ان ما يحكى عن “صراع” ، “المعلومات” والامن الداخلي ومديره اللواء عثمان مع القاضي جرمانوس يُحلّ بالمؤسسات ولا مجال لتسييس الامور ولا عون يسمح بتصفية الحسابات عبر الاجهزة والقضاء او التشفي او العقاب الجماعي لفريق او طائفة. فكما منع المس بجهاز امن الدولة ويثني على دوره لن يسمح بالمس بالقضاء او بالاجهزة الامنية الاخرى وهو رفض اخيراً المسّ بالتقديمات المخصصة للعسكريين والمتقاعدين في كل الاجهزة الامنية.
“إختلاف” ثلاثي الابعاد في الامن والقضاء والاقتصاد بين الحريري وباسيل
وتقول الاوساط الى ان الاختلاف واضح ايضاً في الملف المالي وخصوصاً في مسألة الرواتب وضرورة إشراك المصارف في تحمل اعباء الدين ورفع الضريبة على الودائع من 7 الى 10 في المئة وهو الامر الذي رفضه الحريري في جلسة الحكومة امس الاول واصطف مع القوات مع المصارف الرافضة لاية ضرائب تختص بها في مواجهة عون والتيار وحركة امل وحزب الله بالاضافة الى وجود تباينات في ملف الاملاك البحرية وحجم وسقف الرواتب التي سيصار الى الحسم منها ومن تقديماتها وتجميدها لثلاثة سنوات.
وفي حين تؤكد الاوساط ان عون سيبقى متمسكاً بالعلاقة الجدية والجيدة مع الحريري، وسيحافظ على المكتسبات للسنوات المنقضية من العهد والحفاظ على روحية التسوية الرئاسية لتحقيق الثبات الاقتصادي والاجتماعي، يسعى الى حلول إصلاحية وسطية بين الحريري وباسيل ومن دون تفجير العلاقة الجيدة او ان تكون على حساب الفقراء وعامة الناس.
في الموازاة تعكس بعض اوساط الحريري “نظرة” سلبية تجاه العهد وباسيل وخصوصاً النزوع نحو الامساك بالمفاصل القضائية والامنية والمؤسسات وبالسيطرة على البلد مالياً من خلال التحالف مع الثنائي الشيعي وإطلاق يد وزير المال علي حسن خليل وخصوصاً في ملف مصرف لبنان والمصارف الخاصة. ويعتقد الحريري انه بين “فكي” هذا التحالف الثلاثي وبين محاولة التوازن معه بنسج علاقة غير “مستقرة” مع كل من النائب السابق وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع والجهد الواضح للحفاظ مع الصداقة الجيدة مع الوزير السابق سليمان فرنجية.