كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الاحد 28 نيسان 2019
ليست هي المرة الاولى التي يختار فيها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط توقيتاً اقليمياً ودولياً حساساً، ليُطلق مواقفاً تثير جدلاً وتفتح النقاش في ملفات حساسة وحيوية واستراتيجية، كالعلاقة بين لبنان وسوريا، والعلاقة مع نظام الرئيس بشار الاسد، وموقع لبنان في الصراع العربي الاسرائيلي بالاضافة الى ملف مزارع شبعا وسلاح المقاومة. وما يجري من من مساع اميركية- إسرائيلية لتمرير صفقة القرن، وما يرافقها من “هدايا مجانية” من الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى صديقه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو. وتنطلق اوساط في تحالف حزب الله وحركة امل من هذه الاجواء لتقول، إن ما سمعناه من جنبلاط في مقابلته لقناة روسية متلفزة منذ يومين “بالغ السوء” وفي توقيت دقيق للغاية. واختار ملفات حساسة وحيوية واستراتيجية هامة كملف مزارع شبعا وسلاح المقاومة.
وتعتبر الاوساط ان “خطورة” كلام جنبلاط تتركز في نزع مشروعية بقاء سلاح المقاومة وإزالة وظيفة تحرير الاراضي اللبنانية المحتلة منه، عندما نزع الهوية اللبنانية عن مزارع شبعا ونسب ملكيتها الى الدولة السورية، في حين تؤكد كل المعطيات والخرائط وصكوك الملكية لبنانية المزارع الـ14 من دون ادنى شك.
وتقول الاوساط ان خطورة كلام جنبلاط في ايجاد صفة جديدة وهي “الاحتلال الافتراضي” لسلاح المقاومة، وهي مسّ جوهري بدور السلاح واهميته الاستراتيجية في التحرير ووظيفته الهجومية قبل العام 2000 ووظيفته الحالية الردعية والدفاعية بعد العام 2006، مع إبقاء دور التحرير بالتكامل مع الجيش والشعب والمقاومة ووفق اجندة المصلحة الوظنية وتقدير قيادة المقاومة.
وتشير الاوساط الى ان هناك حالة من الامتعاض والاستياء والغضب من كلام جنبلاط في اوساط 8 آذار وتحالف احزاب المقاومة لكون انسجام الكلام الجنبلاطي مع الهجمة الاميركية – الاسرائيلية- السعودية على ايران وسوريا وحزب الله وممارسة ابشع انواع الحصار الاقتصادي والمالي والسياسي والاعلامي. وشن حملة شعواء لا توفر اي سلاح لاسقاط المقاومة وإغراق محور المقاومة في مشاكله الداخلية والهائه بالحصار الاقتصادي والمالي وسياسة الخنق والتجويع لتمرير صفقة القرن الملعونة ولو اقتضى الامر “على الساخن”.
فنزع الهوية اللبنانية عن المزارع وتلال كفرشوبا والغجر يعني ضمها تلقائياً الى الجولان لتصبح من ضمن “الهبة الترامبية” وإعلانه “السيادة الصهيونية” على الجولان واعلان القدس عاصمة “دولة اسرائيل”، وهذا تجاوز للخطوط الحمر الداخلية وبالنسبة لحزب الله والمقاومة وللطائفة الشيعية خصوصاً والتي قدمت عشرات الالاف من الشهداء المقاومين والمدنيين في سبيل تحرير الارض وصد الاعتداءات الاسرائيلية.
وتشير الاوساط الى ان في كلام جنبلاط رسالة “تلاق” مع المحور الآخر وتقديم إعتمادات للطرف الآخر وتوجيه رسالة “زكزكة” داخلية لحزب الله وللرئيس ميشال عون ولوزير الدفاع الياس بو صعب الذي تحدث عن اهمية بقاء سلاح المقاومة لتأدية الادوار الدفاعية بالتنسيق مع الجيش والشعب منذ ايام من الجنوب . كما انقلب جنبلاط في كلامه على موافقته ومشاركته في كل الحكومات منذ العام 1992 والتي كرست حق لبنان في المقاومة وتحرير الارض وفي تكريس لبنانية المزارع وفي تشريع سلاح المقاومة وقدسية دورها في كل البيانات الوزارية منذ العام 1992 وحتى اليوم.
وتؤكد الاوساط ان حزب الله وحركة امل لن ينجرا الى حملة ردود وسجالات مع جنبلاط وكلامه والذي يمكن ان يؤدي الى صدام كبير بين مكونين اساسيين : الشيعة والدروز. ولا سيما ان حزب الله حريص على الوحدة الداخلية وتجنب اي احتكاك لا في الشارع ولا في المؤسسات. كما ان حزب الله لا يسعى الى قطيعة مع جنبلاط وما يُمثّل، لكن هذا الكلام الاخير وتجاوزه لكل “الخطوط الحمر” في ملف السلاح والاراضي المحتلة سيجمد العلاقة لفترة طويلة بين حزب الله والاشتراكي ما لم يتم إحتواء المفاعيل السلبية والخطيرة لهذا الكلام.