كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الاثنين 29 نيسان 2019
تؤكد اوساط وزارية في تحالف حركة امل وحزب الله ان فتح ملفات الفساد كلها دفعة واحدة مترافقة مع سياسة مالية متشددة وموازنة “معصورة” الى الحد الاقصى، قد جعل القوى الاساسية والممثلة في الحكومة والبرلمان “تصطدم” ببعضها البعض سياسياً وتترنح امام قاعدتها الشعبية على مسافة شهر من انقضاء العام الاول من ولاية مجلس النواب الحالي.
وتشير الاوساط ان ما يجري في بعض المناطق هو عينة عن “إنتفاضة شعبية” في وجه النواب المنتخبين في برلمان ايار 2018 ومن يمثلون من قوى بارزة وكبيرة. وتؤكد ان الانتخابات الفرعية الاخيرة في طرابلس اثبتت وجود إحباط شعبي وإمتعاض من اداء القوى السياسية بالاضافة الى حالة الغليان المطلبية التي يعاني منها سكان عكار والشمال وطرابلس وجبل محسن. وتقول الاوساط ان الترجمة العملية للصدامات السياسية بين القوى الكبرى بدأت عملياً منذ الجلسة الاولى للحكومة الحالية وهي مستمرة على طاولة مجلس الوزراء، وتترجم في كل جلسة بسجال هنا، وإحتدام هناك. وما يُسّرب منها قليل بعد طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الوزراء عدم تسريب ما يجري داخل الجلسات واعتماد “التكتم” بعد الخروج من الجلسات وخصوصاً في التصريحات والمقابلات الاعلامية التي تضخم احياناً ويشوه مضمونها.
وتشير الاوساط الى ان تضارب المصالح السياسية ووجود مناخ من “عدم الثقة” بين القوى المتناقضة في الحكومة يعزز الهواجس ويُنمّي السجالات ويغذي سياسة المزايدة التي باتت تزعج الرؤساء الثلاثة وتخلق جو من عدم الارتياح لديهم مما يجري.
ومن ابرز التناقضات التي تترجم بشكل يومي تقريباً السجالات الجارية بين القوات والتيار الوطني الحر وبين القوات وفريق رئيس الجمهورية، حيث بات يشعر الرئيس عون ان القوات انضمت الى “جوقة” مستهدفي العهد رغم التعهد بدعمه ومساندته. ومن جهتها القوات تشعر ان الرئيس عون وكتلته ومع التيار الوطني الحر ينفذون “اجندة احادية” وبالتعاون مع المستقبل والثنائي الشيعي، اذ تُحّس انها خارج المعادلة وخصوصاً في ملف التعيينات وتسعى الى دور اكبر في الملفات الحيوية كالكهرباء والنفط. وما جرى اخيراً من سجالات بين وزراء ونواب القوات ووزير الدفاع الياس بو صعب حول سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية دليل الى سعي القوات ليكون لها دور متمايز مسيحياً ومتناقض مع التيار والرئيس عون.
في المقابل يؤكد كل من عون والتيار والقوات ان لا مصلحة مسيحية او مارونية بإستمرار الصدامات بين الطرفين او التخلي عن المصالحة، وان التباينات السياسية طبيعية اذا كانت محكومة بسقف المصالحة المسيحية وبتفاهم معراب والذي يبقى “محطة هامة” في وجدان الموارنة ولو لم يتم احترام حرفي لبنوده من الطرفين!
وتؤكد الاوساط ان اللقاء الاخير بين المردة ممثلاً برئيسه سليمان فرنجية والكتائب ممثلاً بالنائب سامي الجميل وقبلها اللقاء والمصالحة بين فرنجية والدكتور سمير جعجع قبل 5 اشهر ونصف الشهر هي محاولة مسيحية ومارونية من الاحزاب الثلاثة لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة بينها رغم حسابات كل طرف منها وتناقض استراتيجيته مع الآخر وخصوصاً بين المردة والقوات والكتائب والمردة. وقد يكون هناك تلاق بين الاطراف في ملفات سياسية محددة وضمن عمل مجلس الوزراء واللجان النيابية. واذ تلمح الاوساط الى وجود “همس” بتشكيل جبهة ثلاثية مارونية لكسر “آحادية” الرئيس – التيار ضد القوى المارونية والمسيحية الاخرى، تشير الى ان الاطراف الثلاثة لا يريدون مواجهة عون او غيره ولا ينوون تشكيل جبهة معارضة بالمعنى الحرفي، بل يسعوون الى ان يكون لهم رأي مما يجري وان يشاركوا في القرار بشكل فعلي وليس نظرياً، وخصوصاً ان القوات ممثلة حكومياً بشكل فاعل وفرنجية متحالف مع امل وحزب الله ومعهما يشكلون حلفاً نيابياً وحكومياً فاعلاً ورغم ذلك قد يختلف معهما او مع احدهما على ملفات خدماتية او سياسية محددة كما يجري حالياً في ملف المطار.
تقارب للقوى المتناقضة سياسياً “على القطعة” ولا بوادر “واضحة” لجبهة مارونية ثلاثية
وتلفت الاوساط الى هناك محاولات للتلاقي بين الكتائب وحزب الله وبين القوات وحزب الله ويجري التنسيق والتعاون في ملفات محددة على طاولة اللجان النيابية وهذا امر بديهي وتواصل طبيعي داخل المؤسسة الواحدة من دون ان يرتب التزامات محددة من حزب الله تجاه القوات والكتائب على حساب عون والتيار.
في المقابل يلتقي المستقبل ورئيسه رئيس الحكومة سعد الحريري مع الثنائي الشيعي في ملفات محددة ويختلفان معه في السياسة المالية وملفات سيادية اخرى وما برز من تناقضات في ملف الموازنة استدعى لقاءات ثنائية لـ”تشذيب” بعض بنودها وخصوصاً رفض الثنائي المس بالاجور وتعويضات المتقاعدين والذهاب نجو اجراءات مالية وتقشفية وخصومات من كبار الموظفين والنواب والوزراء والموازنات المضخمة لبعض المجالس الحكومية.
اما العلاقة بين عون والحريري فتحكمها الضرورات المؤسساتية والتسوية الرئاسية التي ما زالت مستمرة رغم بعض التباينات ومحاولة كل طرف اثبات صوابية عمله ووجهة نظره وخصوصاً عون الذي يريد ان يترك بصمة في السنة الثالثة من ولايته.