كشفت تقارير إعلامية أن أجهزة الأمن الإسبانية التي تحقق في الهجوم العنيف على سفارة كوريا الشمالية بمدريد مؤخرا تشتبه بأن المخابرات الأمريكية والكورية الجنوبية ضالعتان فيه.
وذكرت صحيفة “إل باييس” الإسبانية أن الأمن الإسباني تمكن من تحديد هويات عشرة رجال مسلحين ملثمين اقتحموا مقر السفارة الكورية الشمالية يوم 22 فبراير الماضي وقاموا بضرب واستجواب ثمانية أشخاص، تواجدوا على أرض سفارة بيونغ يانغ في مدريد بينهم موظفون وطلاب من كوريا الشمالية.
واستبعد المحققون الفرضية أن يكون “الهجوم الغامض” نفذه مجرمون عاديون، لأن العملية كانت دقيقة ومحددة الأهداف بدليل أنهم لم يسرقوا أشياء ثمينة، وإنما استولوا على ملفات مسجلة في أجهزة إلكترونية وهواتف محمولة فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم على السفارة نفذ بطريقة عنيفة، إذ وضع المهاجمون أكياسا بلاستيكية على رؤوس الضحايا الـ8 وربطوا أيديهم وضربوهم واحتجزوهم رهائن داخل السفارة لمدة ساعتين.
وتمكنت امرأة من بين المحتجزين داخل مقر السفارة من الفرار عبر شباك في الطابق الثاني من مبنى السفارة، وصرخت طالبة المساعدة. وسمع رجل يعيش في منزل مجاور صراخها واستدعى الشرطة، وعلى الفور غادر المهاجمون السفارة على متن سيارتين تابعتين للبعثة الدبلوماسية الكورية الشمالية وتركوهما في شارع مجاور.
وأكدت الشرطة أن إصابات وقعت على يد المهاجمين اثنتان منها خطيرة واستدعت نقل صاحبيهما إلى المستشفى للعلاج.
وبعد مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة المثبة في السفارة واستجواب الضحايا وتفتيش السيارتين المسروقتين استنتج المحققون أن المهاجمين من أصل كوري، كما أن اثنين منهم كانا على الأقل على صلة بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، حسب “إل باييس”.
وأكدت مصادر على أن الأدلة على ضلوع CIA في الهجوم بالتعاون مع المخابرات الكورية الجنوبية كانت قوية لدرجة أن الجانب الإسباني طالب بالفعل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتقديم توضيح حول تورطها في الهجوم.
ونفت الـCIA ضلوعها في الهجوم، لكن ردها على طلب الجانب الإسباني لم يكن مقنعا، وفق الصحيفة.
ومن تفاصيل الهجوم الأخرى المثيرة للانتباه، ذكرت صحيفة “إل موندو” أن المهاجمين فصلوا القائم بأعمال رئيس البعثة الدبلوماسية الكورية الشمالية، سو يون سوك، عن باقي المحتجزين واستجوبوه في غرفة منفصلة.
ووفقا للصحيفة، فإن المهاجمين حاولوا التوصل إلى معلومات متعلقة بسفير كوريا الشمالية السابق لدى إسبانيا، كيم هيوك تشول، الذي قاد فريق العمل في المحادثات مع المبعوث النووي الأمريكي ستيفن بيغون، تمهيدا للقمة الأمريكية – الكورية الشمالية الثانية التي عقدت في هانوي يومي 27 و28 فبراير الماضي، أي قبل 5 أيام على بدء القمة.
وقال سو يون سوك للشرطة الإسبانية إن المهاجمين ينحدرون من كوريا الجنوبية، فيما نفى سفير سيئول في مدريد صلة بلاده بالهجوم.
وأكدت مصادر في الاستخبارات الإسبانية للصحيفة أن المعتدين “كانوا يبحثون عن شيء ما تركه السفير السابق كيم هيوك تشول في أحد أجهزة سفارة كوريا الشمالية في مدريد”.
وعثرت الشرطة على كمية كبيرة من الأسلحة النارية يفترض أنها كانت بحوزة المهاجمين.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن كيم هيوك مقرب من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ويحظى بثقته.
وطردت إسبانيا سفير كوريا الشمالية في سبتمبر 2017 ردا على قيامها بتجارب نووية وإطلاق صواريخ بالستية فوق اليابان.
وقالت “إل باييس” إن هذا الحادث قد يؤدي في النهاية إلى “احتكاك دبلوماسي” بين مدريد وواشنطن، مضيفة: “تعتقد مصادر في الحكومة الإسبانية، أنه إذا ثبت تورط وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الهجوم، فسيعتبر ذلك إجراء غير مقبول من قبل بلد حليف.. وهذا يعني أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية عملت في إسبانيا دون إذن وانتهكت الاتفاقيات الدولية التي تحمي البعثات الدبلوماسية”.
والتزمت وزارة الداخلية الإسبانية الصمت، ولم تصدر أي تعليقات على سير التحقيق كما لم تعلن عن أسماء المشبته بهم رسميا.