دار الأمير تنعى المناضل الكبير فيصل أيوب (1948-2022)
سنديانة بنت جبيل المقاومة .. المناضل الكبير فيصل أيوب الذي وافته المنية مساء 27/1/2022
كتب د. محمد حسين بزي
صباح بنت جبيل حزين يا أبا وسام، بل يتيم وهو على مرمى الحجر الفلسطيني الذي بقي يهدر في قلبك الكبير حتى توقف عن الخفقان، يا صاحب القبضة الوطنية التي ما انفكت عن زناد المقاومة بكلّ أصنافها حتى رمقك الأخير الخارج عنّا إلى لقاء شباب ربيتهم وصاروا علينا شهداء، يكفيك فخرًا أنك لم تأكل إلًا من عرق جبينك طيلة حياتك، ولم تساوم يومًا على مبادئك النضالية، ولم تعترف إلّا بعروبة لبنان الممتدة حتى آخر حبّة تراب في آخر شهقة وحدة من الوطن العربي.. حملت هموم الناس وقضاياهم، ودافعت عن العمال والفلاحين ومزارعي التبغ والفئات المحرومة المهمشة بعزيمة الثوار الذين لا يضحون بالحقيقة من أجل المصلحة مهما كانت الأثمان التي قد تُدفع، وقد دفعتها، لم تغرك المناصب التي عُرضت عليك، ولا المصالح ولا الجاه ولا ساسية عفنة مقابل أن تنصر مظلومًا مهما كان دينه أو منطقته أو حزبه، وإني على ذلك لمن الشاهدين.. كيف لا وأنت السنديانة البنتجبيلية الشامخة التي أصلها ثابت المبادئ والقيم وفروعها امتدت إلى كل سوح النضال في كل لبنان.. عرفتك المثقف الواعي الذي ينهض بالفكرة الخلّاقة بعلو الهمّة، ويبثها بمحبّة ورقيّ وتواضع، وعرفتك مقاومًا شرسًا للعدو الصهيوني ولعملائه بعيد الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، وعرفك من كان قبلي مقاومًا عنيدًا لاجتياح 1978، وعرفك الجيل الذي سبق مقاتلًا في دعم القضية الفلسطينية بشتى السبل منذ انطلاق العمل الفدائي.
لكن أهم ما عرفتك به هو الجار الجميل، صاحب الخلق الرفيع لحوالي 15 عامًا، الجار الإنسان بكل معاني الإنسانية والمحبّة والغيرة والإيثار، ولم أنسَ متابعتك لي في مراحل الدراسة الجامعية حتى الدكتوراه، أنا لا أنسى كلمتك المُحفِّزة وأنا بعمر 19 سنة، عندما قرأت عليك نصًا شعريًّا، قلت لي: “يجب أن تكمل فأنا مراهن عليك مع عمّك أبي سامي (الحاج سهيل أحمد بزي)، ها أنت الآن قد التقيت العم في رحمة الله، فأبلغه ما عرفت منا وعنا، وإنك وإياه قد كسبتما الرهان.. وإنني بفقدكما الخاسر الوحيد.
سيبقى المناضل الكبير فيصل حسن أيوب منارة نهتدي بضوئها في قلوبنا وعقولنا، وفي نضالنا الذي أسّس له فيصل أيوب والأخضر العربي وواصف شرارة وخالد بزي وأترابهم الكثير من شهداء بنت جبيل وشاهديها.
نمْ قرير العين أبا وسام في رحاب الله ولطفه ومغفرته، وإنّ أماناتك الوطنية، ونضالاتك المشهودة ستبقى المشهد الطالع مع كلّ صبح بنتجبيلي، مع كل طفل يولد ستكون قماطه وصوته وأغنياته، وهي محروسة بعيون ودماء المقاومين مهما تعدّدت مشاربهم الفكرية، حيث لا بوصلة إلّا فلسطين.