الشذوذ الجِنْسِي فضيحةُ العَصْر
الشيخ الدكتور أسامة شعبان
بادئ ذي بدء، هو “الشذوذ الجنسي”، وليس “المِثْلِيّة الجنسية”؛ ولا ينبغي لنا أن نكون سطحيّين في ترداد ما يُشاع ويُذاع في بعض الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب؛ عَمْدًا أو خَطأً، تخطيطًا أو تسرُّعًا، خُبثًا أو جهلًا.. فما هذه التسميات إلّا لتخفيف وقْع الكلمة، وللمساعدة في تغلغلها في المجتمعات. لِنُسَمِّ الأشياء بأسمائها: لِواط، سِحاق، شذوذ، فاحشة، فضيحة، مهزلة،…
وهذا الموضوع الذي بين ظهرانَي المقالة مقارَبةٌ مُهمّة ومستجدّة، فهو فضيحة العصر بالنسبة للغرب المُتبجّح بالتمدُّن؛ هذا ولا حياء في التحذير من الشر وأهله، كما أنه لا يُثبّط عزائمَنا بحال أن بعض البلاد جعلت مثل هذا الشذوذ زواجًا قانونيًّا رسميًّا… حتى وصل بهم الأمر إلى التزاوج مع الكلاب والهررة ونَحْوها… نعوذ بالله من مقدّمات الجنون، وعجائب الحرام، وسوء الحال، وفساد المنقلَب، ومُسايرة الباطل وأهله طمعًا بمآرب دنيوية زائلة باطلة… وإنْ هي إلّا علامات الساعة الصغرى تظهر بقوة للعلَن…
وها هُم أنفسهم المطبّلون والمزمّرون لكل وافد أجنبي، وللتقليد الأعمى، يساهمون في هذا الانزياح الأخلاقي النفسي؛ فالزنا عندهم صار يسمى: العلاقات الحميمة، والاتصال الجسدي، والعلاقات العابرة. والزنا المدني أطلقوا عليه الزواج المدني. واستعملوا بحسَبهم: الانفتاح بدل التفلت. والحرية الشخصية بدل التهتك. وتحرر المرأة بدل فجور المرأة. والعلاقات العابرة بدل العلاقات الشهوانية. وبائعة الهوى بدل الزانية. وأقدم مهنة في التاريخ بدل الزنا. والعلاقات الحميمة بدل الزنا من غير بدل. والمُساكَنة بدل الزنا في المسكن المشترك. والقُبلة البريئة بدل القبلة المحرمة. والتلاقي بدل الاختلاط المحرم. ورسالة الجسد بدل الرقص الخليع. والميول للجنسين بدل الميول الشاذة والمرض النفسي. والمصاحبة بدل الانحلال في العلاقات. ومداعبة الذَّكَر والفَرْج بدل الاستمناء المحرَّم. والفنّانة الاستعراضية بدل الراقصة المتعرية… وهكذا دَوَالَيك.
إن حالات الشذوذ الجنسي في الوطن العربي والإسلامي قليلة بالنسبة لبلاد الغرب، لكنها تُنذر بالخطر، ولا يُسكت عنها، وكلّنا مسؤولون على حسب مواقعنا واستطاعتنا؛ فالشرع يحرّمها والعُرف والخُلُق والقانون الوضعي… وهي فضيحة كبيرة، يتكتّم عليها الأهل في حال وُجدت في بعض الأبناء، وهي مظِنّة العيب والعار في الأسرة حالَ فشوّ سرّها. فلا ينبغي للأهل تضييع الهُوّيّة الجنسية للذكر والأنثى ولا تمييعها، بل المطلوب تعزيز الذكورية في الذكر، والأنوثة في الأنثى، من غير إفراط ولا تفريط، ولا تهاون ولا طغيان.
إدعاءات غير صحيحة
وتعالَوْا نستحضرْ تدرّج الداعين للفاحشة في بلادنا لنشر أفكارهم، بُغيةَ الوصول إلى مرجوّاتهم وأهدافهم، وذلك بحسب رأيي:
أولًا: كانوا لا ينكرون أنها: هرمونات زائدة، واضطرابات نفسية، ومرض عضوي، وخلل نفسي، وطفولة منحرفة، فيقولون؛ مرضى، نصبر عليهم، نساعدهم، لا نعنّفهم، لا نعاقبهم، لا نفضحهم.
ثانيًا: ادّعاؤهم أنّه أمر فطري عادي، وطبيعة موروثة في الجينات البشرية، يولد بها الإنسان؛ ولذلك يمنعون معاقبتهم أو مقاطعتهم حتى لا يصابوا بالكآبة أو يفكّروا بالانتحار.
ثالثًا: تصويرهم للشاذين كمستضعَفين ومنبوذين، لاستدرار العاطفة تُجاههم. وإشاعة أنهم صاروا شريحة كبيرة في المجتمعات، لهم طُقُوسهم وعلَمُهم.
رابعًا: جعلهم أمرًا واقعًا يتعوّده الناس، من خلال استحضارهم في كل المظاهر الاجتماعية والفنية: حفلات، أفلام، كتب، رسوم متحركة، صور، مقابلات، وموضوعات…
خامسًا: إظهار شذوذ شخصيات عالمية مرغوبة عند الكثيرين، ومع ذلك فهي قوية في أعمالها ومؤثرة.
سادسًا: يدعون إلى احترام خصوصية الآخَر في هذا التحوُّل في اختيار الشريك في العلاقة الشهوانية.
سابعًا: الدعوة إلى التعبير عن هذه الحاجة الجسدية بالتحول والشذوذ، وإطلاق العنان لِما يسمّى حرية الجسد، والتصرف فيه، لأنه ملكية شخصية.
ثامنًا: إطلاقهم شعار التحرر من كل ضابط، ما دام لا يوجد فيه تعدّ على حرية الآخَرين.
تاسعًا: عمل قوانين خاصة دامجة لهم في المجتمع، وحامية لهم، وصلت إلى حدّ تقنين الشذوذ رسميًّا.
عاشرًا: مهاجمة من يهاجم الشذوذ، وتصويره بالعنصري والمنغلق والمتعدّي على حقوق الآخَرين المختلِفين (وليس الشاذين بنظرهم)، واعتداد الكلام في خانة خطاب الكراهية والتحريض، وربّما اقتصاص قوانينهم الوضعية منه، أو حظره على بعض وسائل التواصل الاجتماعي العالمية.
ما أخبثَهم! وما أوقحَهم! وما أجرأَهم! ولماذا يعم البلاء والمرض والزلازل؟! ألم يتعظوا بما حصل بقوم لوط عليه السلام؟! إذ أخذتهم صيحةُ الملَك جبريل عليه السلام، وتمّ تدمير قراهم بجعل عاليْها سافلَها، وإمطارهم بحجارة من سِجّيل منضود مُسَوَّم (قوية، بعضها فوق بعض، على كل حجر اسم مَن رُمي به، وهي لا تشاكل وتشابه حجارة الأرض)، وذلك على أيدي الملائكة بأمر الله، بعدما كانوا أول من يفعل فاحشة اللواط بإتيان الذكور للذكور، والعياذ بالله تعالى. وبقيت مواقعهم وآثارهم حينَها لمن أراد علامةً أو عبرةً… واسم نبي الله لوط عليه السلام أجنبيٌّ لنبيّ أعجمي، ولم يشتق فعل اللواط من اسمه، فهذا غير لائق في حق أسماء الأنبياء. واللغة في معجم العربية: لاطَ الشيءُ بالشيءِ: التصق به. والصّرف في العربية: لاط يَلُوطُ لَوِطًا ولِيطًا، فهو لائِط، وهو مَلُوط به، والاسم اللواط.. وليس في الفصيحة العربية: لِواطيّ ولا لُوطيّ.
لا صحة لوجود جبينات للواط!
تأمّل الحقّ والحقيقة والواقع في كون الذكر الحقيقي لا يتحول إلى أنثى حقيقية، والعكس كذلك.. تأمّل مرجعية كثير من هذا الشذوذ في الإلحاد وإنكار بعثة الأنبياء ووجود الحياة الأخروية والحساب والجنة والنار.. تأمَل أنّ أصل الشذوذ الجنسي هو سلوك مكتسَب، وخلل نفسي، وتربية منحرفة، مع ارتباط وثيق بعوامل محيطة ومتداخلة، اجتماعية وبيئية وسلوكية.. وأن الدراسات الرصينة العلمية الغربية تدحض الدراسات المشكوك في صدقيتها ونتائجها واختياراتها، وتؤكد أنه لا يوجد شيء يقال له “جين الشذوذ الجنسي” (Gay Gene).. تأمّل كيف أن التربية الصالحة، وتعلّم علم الدين من أهله الصادقين، والرفقة الطيّبة، وحضور الجماعات في المساجد، والمواظبة على الصلوات، وحفظ اللّسان والفَرْج من الحرام، ولزوم تقوى الله، واستدامة الخوف من الله… سلاح المؤمن وحصنه وأُنْسه وسفينة نجاته في مواجهة أعدائه الأربعة: النّفْس الأمّارة بالسُّوء، وشياطين الجنّ، وشياطين الإنس، والدّنيا الغرّارة الفتّانة المُؤْثَرة.