لن تُسامحَ بيروتُ
الشيخ الدكتور أسامة شعبان
سنةٌ انصرمت.. وما زال الدم على الأرض.. يَغْلي.. من يجلب حقَّ المظلوم؟ من ينتصر لبيروت؟ نحن لم ننسَ حتى نتذكَّر.. الخوف لم يرحل من عيون أطفالنا.. والدموع لم تجفّ في مآقينا.. وفي كل بيت بيروتي قصة.. وفقيد..
وها هم مَصّاصو الدماء.. تجّار الموت.. يتنفَّسون.. يمشون فوق الأرض.. أين العدالة؟ من يقتصّ منهم؟! ماذا ننتظر؟!
ويأتي من يصبّرنا.. يهدّئ غَضْبَتَنا..
– ما ضاع حقّ غالبًا في الدنيا وراءه مطالب
– القيامةُ أمامَنا
– القصاص آتٍ.. والحقيقة ظاهرة
– الانتخابات ستعرّيهم
– سيأكلهم فسادُهُم ومغبّة أعمالهم
– الفرَج قريب
– الله عزيز ذو انتقام
مرور الوقت قد يحمل موت القضية.. وبيروت لن تُسامح.. ولن تستقيل..
انبذوهم.. افضحوهم.. اخرجوا من عباءاتهم.. ولا تُعطوهم فرصةً جديدة.. فهُم وأمثالُهم مَرَدُوا (تعوّدوا) على نفاق العمل.. وشُؤْم ما فعلوا سيُطاردُهم حتى يشنقهم… وما الله بغافل عنهم… يُمهلهم ولا يُهملهم.. فليترقّبوا البلاء الخاصّ بعدما شملنا البلاء العامّ…
تبرَّؤوا منهم.. وأسقطوا حصاناتهم.. وحاصروهم حيثما ثقفتموهم.. لا يمثّلونكم ولم يرحموكم.. بل قتلوكم وقسّموكم وخوّفوكم في الحرب.. وسرقوكم ونهبوكم وضيّعوكم في السّلم.. هم شِرار الناس ووحوشُهم.. بل أضلّ سبيلًا.. ويُتاجرون بأوجاعكم، ويحتكرون طعامكم ودواءكم، ويُوقفونكم في طوابير الذّلّ، ويهجّرون أولادكم، ويستدينون باسمكم وينهبونكم بأخبث الحِيَل، ويستولون على مدّخراتكم… والأنكى أنهم يحاضرون بالعفاف والأمانة.. ويوهمونكم أنهم سيعملون محاكم لاسترداد الأموال المنهوبة والمسلوبة، ولمحاكمة الفاسدين والمتسلّطين على المال العام.. ما أوقحَهم! وما أكذبَهم! وضعوا على وجوههم جلود مؤخّراتهم.. ولا يستحون ولا يرعوون ولا يشبعون.. ويُزايدون ويتحاملون ويدّعون ويتبجّحون.. وهم أنفسهم الفاسدون المُدلّسون الغشّاشون.. لكن لا يفضح بعضهم بعضًا.. لأنهم في عصابة مُساهِمون.. ألا لعنة الله عليهم واحدًا واحدًا؛ لعناتٍ تترى إلى يوم يُبعَثون.. ولا أستثني منهم أحدًا.. الله يُرينا فيهم يومًا قريبًا، يُبرّد غليلَنا، ويُروي أُوارَنا، ويُعوّض علينا مُرّ ما أذاقونا… والله يولّي علينا خِيارَنا، ويصرف عنّا شرارَنا، ويوسّع علينا، ويرزقنا، ويحفظنا، ويُعيننا على استئصال جَذْر الفساد من النفوس قبل النصوص.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا..
تأمَّلْ كيف أن الفساد يُعمي ويُصمّ عن رؤية وسماع الحقّ حقًّا.. تأمّل أن سبب فساد كثير من الحكام هو فساد محكوميهم الذين تواطؤوا معهم تحت عنوان حماية الكيان والطائفة والمآرب الخاصة.. تأمّل التكبّر، والتبذير، وعدم شُكْر النّعَم، وخيانة الأمانة، واللامبالاة في المحاباة، وقلة الخوف من الله، وعدم الأمر والنهي، وزجر الفاسق والفاجر والفاشل… إلى أين أوصلنا.. فهل فينا عاقل رشيد؟!