الدكتور محمد حسين بزي
الدكتور محمد حسين بزي

الحريري (البطل) مبادرة مفخخة

الحريري (البطل) مبادرة مفخخة

الدكتور محمد حسين بزي/ شاعر و روائي و كاتب لبناني

ما الذي تغيّر سياسياً في لبنان منذ مسرحية تكليف مصطفى أديب لرئاسة الحكومة؟ وما الذي تغيّر حتى يبادر سعد الحريري لترشيح نفسه بعد أن كان زاهداً في المنصب رغم “لبن العصفور” منذ استقالته الملتبسة بتاريخ 29/10/2019.
أيضاً، ما الذي تغيّر عند الفرقاء السياسيين حتى يسمّوا سعد الحريري لرئاسة حكومة من صلاحياتها إبرام أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وخصخصة القطاع العام ورفع الدعم عن معظم المتطلبات الأساسية للمواطن اللبناني؟
وهنا، سعد الحريري وتحت غطاء المبادرة الفرنسية يحاول الحصول على تفويض مسبق بالسياسة والاقتصاد من الفرقاء السياسيين على قاعدة أنّه المنقذ الوحيد في المشهد السياسي اللبناني بعد لعبة حرق الأسماء، وأنّ المبادرة الفرنسية هي آخر أمل للبنانيين قبل الانهيار التام للبلد، فما الذي تغيّر لينال الرجل كل هذه الثقة العمياء، وكل هذا الدعم المجاني؟
طبعاً لا شيء تغيّر ..
اليوم، سعد الذي يطالب بحكومة اختصاصيين من خارج الأحزاب اللبنانية، وكأن سعد الحريري قد استقال من تيار المستقبل قبل خمسة عشر عاماً، واعتنق الفكرة الماكرونية للإنقاذ عندما كان في كوكب آخر.

حتى الآن، من المؤكد أنّ وليد جنبلاط الذي اعترف بالأمس بافتعاله أحداث 7 آيار 2008 و سمير جعجع -الذي لديه 15 ألف مقاتل- لن يسميا سعد الحريري، وهذا يعني بشكل لا لبس فيه؛ أنّ السعودية لا تزال تعارض ترأس الحريري لأية حكومة إمعاناً منها في تأزيم الوضع اللبناني أكثر فأكثر حسب اعتقادها؛ وطبعاً بدعم أمريكي، كذلك التيار الوطني الحر لن يسمي الحريري، وربما لحقه حزب الكتائب وغيره من الأحزاب، وحتى من النواب المستقلين.

إذاً، ما الذي دعا سعد الحريري لخوض هذه المجازفة الواضحة؟
الجواب الوحيد، أنّ الحريري بدأً من مقابلته الأخيرة مع مرسيل غانم بتاريخ 8/10/2020 كان قد اتخذ قراره محاولاً تتويج نفسه بطلاً بالمجان، سيما أمام مناصريه، واللبنانيين عامة، وذلك بعد عدم حصوله على أغلبية نيابية جراء الاستشارات، فإنّه سيطل على اللبنانيين ليقول: أنا حاولت إنقاذ البلد ورئيس الجمهورية وحزب الله -عبر حلفائه- وووو منعوني من تحقيق تطلعاتكم للإنقاذ والإصلاح ومن ترجمة المبادرة الفرنسية بحكومة اختصاصيين غير حزبيين تقود مرحلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
أمّا إذا ما نجح الحريري وأحرز الأغلبية النيابية، وشكّل حكومة اختصاصيين حسب هواه، فعندها سيقدم البلد للسعودي (حلاوة الصُلحة) وللأمريكي من خلفه؛ تحت عباءة صندوق النقد الدولي ومعاهدات واتفاقيات لا يعلم إلّا الله ما هي، ومع من ستكون، والذي لم تحصل عليه أمريكا بالحصار والعقوبات فإنّها ستحصل عليه عبر حكومة الحريري -المرتقبة-، وهنا أيضاً يعود الحريري بطلاً عربياً ودولياً هذه المرة.

يقولون إنّ لبنان بلد العجائب، وكل شيء فيه قابل للتحوّل والتغيّر، لكن عودة سعد الحريري بهذه الطريقة (الترشيح قبل التكليف) وبالحكومة التي أفصح عنها؛ سيكون لبنان بلد المهازل، وسيكون الشعب اللبناني بـ “ثواره” أولاً، وبالبقية الباقية على تنوعها ثانياً، سنكون مُسْتَحْمَرين إلى أبد الآبدين .. فهل نقول: آمين؟!.

 

شاهد أيضاً

محمد سعيد الخنسا

دمعة فراق

دمعة فراق محمد سعيد الخنسا ودع لبنان والعالم الإسلامي عالماً جليلاً عاملاً عاملياً مجاهداً حجة …