جاء في مانشيت اللواء صباح السبت 9 شباط 2019
يحتفل لبنان بعيد مار مارون، بمشاركة رئاسية في الجميزة، يغادر على اثرها الرئيس سعد الحريري إلى الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في «قمة الحكومات العالمية» على ان يلتقي ولي عهد دولة الإمارات الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان إيذاناً بإطلاق حركة باتجاه العواصم العربية والدولية، مقابل حركة إقليمية – دولية – عربية بإتجاه لبنان مع إطلاق حكومته، وعشية نيلها الثقة، إذ يصل الاثنين كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، كل على حدى، لنقل التهاني بتأليف الحكومة، ورؤية سلم الأولويات في الشق المتعلق بالملفات الإقليمية والداخلية.
ويستقبل الرؤساء الثلاثة أبو الغيط، وظريف كل على حدة، في إطار مهمة كل منهما في بيروت.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيستقبل ظريف في السراي الكبير.
حزب الله وفنزويلا
وبالتزامن، شملت الولايات المتحدة الأميركية إيران وحزب الله في حملتها على الرئيس الفنزويلي نيقولاس مادورو الذي وصفه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو «بالشرير»، متهماً حزب الله (أي بومبيو) بأن لديه «خلايا ناشطة» في فنزويلا، وفي جميع أنحاء أميركا الجنوبية.
بدوره، سارع مادورو إلى نفي وجود أي علاقات لسلطات بلاده مع «حزب الله»، مشددا على ان فنزويلا قادرة على الدفاع عن نفسها بقواتها.
وقال مادورو، ردا على سؤال من صحفي عقب كلمة ألقاها اليوم الجمعة حول التطورات الجارية في بلاده: «لا علاقة تربطنا بحزب الله، لكن فنزويلا تستضيف كثيرا من اللبنانيين الذين يقيمون هنا».
وأضاف مادورو: «ان فنزويلا قادرة على حماية نفسها بذاتها، وهي لا تحتاج إلى أي مجموعات مسلحة للدفاع عنها».
وتأتي الحملة عشية نيل الثقة الأربعاء المقبل، وانصراف الحكومة، بعد ذلك إلى العمل، لمعالجة الملفات المعقدة، سواء التي تتعلق بالفساد، ودور مؤسسات الرقابة، لا سيما التفتيش المركزي، في ظل «نزاعات» طائفية على المراكز في الوزارات والإدارات، من الزراعة إلى الطاقة وصولاً إلى الجامعة اللبنانية، أو الملفات التي تتعلق بدراسة قبل مجلس الوزراء، أو إعادة النظر بالتلزيم بالتراضي، عبر تشريعات قانونية جديدة، كما يطالب حزب الله.
استراحة بين محطتين
وبين الاستراحة السريعة لحكومة «الى العمل» ما بين محطة إقرار البيان الوزاري، وانطلاق جلسات الثقة النيابية في البرلمان يومي الثلاثاء والاربعاء، حيث يتوقع ان تنال ثقة قياسية تتجاوز المائة صوت، تطل الدولة اللبنانية بأركانها الثلاثة اليوم على اللبنانيين من كنيسة مار مارون لمناسبة عيد شفيعه، في مشهد يفترض ان يُعيد ما فقدته من ثقة شعبية وربما دولية وإقليمية، نتيجة التجاذبات السياسية التي رافقت مفاوضات تشكيل الحكومة، وكادت ان تُهدّد البلاد بانهيارات مالية واقتصادية.
وفيما باشرت الأمانة العامة لمجلس النواب توزيع نسخ من البيان الوزاري للحكومة على النواب، بواسطة البريد، أو عبر «الايميل» لتعويض يومي العطلة الرسمية اليوم وغداً، بحسب النظام الداخلي الذي يفرض ان يكون البيان في عهدة النواب قبل 48 ساعة من موعد جلسة التلاوة، ومن ثم مناقشته، توقعت مصادر نيابية ان تكون الثقة قياسية، وان تكون غير مسبوقة، حيث لن يحجبها أكثر من 8 نواب، في حال تمّ احتساب نواب كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي الثلاثة: أسعد حردان، سليم سعادة والبير منصور، إضافة إلى نواب حزب الكتائب الثلاثة: سامي الجميل، نديم الجميل والياس حنكش مع النائبين بولا يعقوبيان واسامة سعد.
لكن مصدراً قيادياً في الحزب القومي أبلغ «اللواء» ان الحزب لم يأخذ القرار بعد في شأن إعطاء الثقة أو حجبها أو حتى الامتناع عن التصويت، على الرغم من عتبه على عدم تمثيله في الحكومة، وهو الحزب اللبناني العريق الذي ينتشر على مساحة الوطن، إلا انه في الوقت نفسه يأخذ بالاعتبار انه طرف في منظومة سياسية هي فريق 8 آذار ولديه حلفاء ممثلين في الحكومة لا يجوز تجاهلهم.
تجدر الإشارة إلى ان حكومة الرئيس الحريري الأولى في عهد الرئيس ميشال عون والتي تشكّلت في العام 2016 فازت بـ87 صوتاً من أصل 92 نائبا حضروا الجلسة يومذاك في حين حجب الثقة 4 نواب وامتنع واحد.
حقيبة شؤون النازحين
وفي انتظار جلسات مناقشة البيان الوزاري وما قد يتخللها من «سوق عكاظ» نيابي، تفاعلت مسألة امتناع الوزير السابق لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي عن تسليم الوزارة إلى خلفه الوزير الجديد صالح الغريب، لأنه «لا يسمح لنفسه القيام بتسليم الوزارة لممثل النظام السوري في هذه الحكومة»، على حدّ ما أوضح لـ«اللواء» أمس، الأمر الذي استتبع ردان من الحزب الديموقراطي اللبناني، الذي ينتمي إليه الوزير الغريب، ومن حزب «التوحيد العربي» الذي اسسه الوزير السابق وئام وهّاب، اجتمعا على القول بأنه لا يشرفهما ان نستلم هذه الوزارة الإنسانية في الدرجة الأولى من وزير أصبح عنواناً «للتوطين والتآمر على النازحين ولبنان، ووزير سابق هاجم باستمرار الجيش اللبناني، الا ان بيان «الديموقراطي» لاحظ انه لا يوجد نص في الدستور يوجب اجراء عملية التسلم والتسليم في الوزارات.
ولفت الانتباه، في هذا السياق، ان كتلة «ضمانة الجبل» التي يرأسها النائب طلال أرسلان جمعت أمس في اجتماعها الدوري في خلدة وزيرين هما وزير المهجرين غسّان عطاالله إلى جانب الوزير الغريب، وهو ما يفسّر جانباً من «غضب» رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على إعطاء خصمه أرسلان وزيرين بمساواة الوزيرين اللذين اعطيا للحزب الاشتراكي.
ولم يخف المرعبي في حديثه لـ «اللواء» عتبه على الرئيس الحريري لتسليمه وزارة النازحين إلى فريق محسوب على النظام السوري، مشيرا إلى انه كان بالإمكان إعطاء الوزير الغريب أي وزارة أخرى، معرباً عن خشيته من ممارسات ملتبسة تجاه النازحين بعدما سلم الملف إلى مقرّب من النظام الذي قام بقتلهم وتهجيرهم.
تجمُّع مدني أمام وزارة التربية الإثنين تضامناً مع أسرة زريق.. والمرعبي يرفض تسليم وزارة النازحين
ظريف في بيروت غداً
تزامناً مع هذه المسألة الخلافية التي تعكس انقساماً بين اللبنانيين، ما زال يتكرس يومياً بينهم منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي يحتفل بذكرى استشهاده يوم الخميس المقبل، يفترض ان يواجه لبنان استحقاقاً يتمثل بزيارة وزير الخارجية الإيرانية محمّد جواد ظريف إلى بيروت غداً الأحد وتستمر حتى يوم الاثنين، حيث من المقرّر ان يلتقي الرئيسين عون ونبيه برّي بالإضافة إلى نظيره جبران باسيل، من دون ان يلتقي رئيس الحكومة سعد الحريري الذي سيصادف وجوده في دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في القمة العالمية للحكومات في دبي والتي يتوجه إليها اليوم.
وفيما لاحظت مصادر دبلوماسية ان زيارة ظريف كانت مقررة اصلاً قبل ولادة الحكومة، وان الهدف منها شرح موقف المحور الذي تقوده بلاده من الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية، وابلاغ المسؤولين اللبنانيين بأن أي هجوم أميركي على المواقع الإيرانية سيرد عليه بعنف، فإن هذه المصادر لا تستبعد ان يتطرق المسؤول الإيراني إلى العرض الذي سبق ان قدمه قبل أيام الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، بمساعدة الجيش اللبناني بمنظومة دفاع جوي إيراني، والذي اثار بدوره خلافاً لم يتسن له ان يأخذ ضجة، لاعتبارات تتصل بالعلاقة بين الحزب و«التيار الوطني الحر» بعد تسلمه حقيبة الدفاع بشخص الوزير الياس بو صعب الذي تجنّب التعليق على العرض رغم كونه المسؤول عن هذا الملف.
إلا ان الرئيس السابق ميشال سليمان ورداً على السيّد نصر الله بأن إيران عرضت على لبنان تسليح الجيش في عهده، «نفى ان يكون قد قدم له عرض جدي في هذا الشأن»، مؤكداً انه إذا كانت إيران تريد تسليح الجيش، فحرّي بها ان تطلب من حزب الله إعطاء سلاحه إلى الجيش، فنحل بذلك المشكلة، ويكون في مقدور الجيش الرد على إسرائيل عندما تعتدي عليه.
.. وأبو الغيط الإثنين
وفي تقدير المصادر الدبلوماسية، ان زيارة ظريف والتي تحمل الكثير من الدلالات السياسية، في ظل شد الحبال الإقليمي بين المحورين الأميركي والإيراني، وجاءت بمثابة ردّ على جولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المنطقة، ومن ضمنها زيارة مساعده لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل إلى بيروت، تختلف عن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، التي تقتصر على تقديم التهاني بالحكومة الجديدة، وتسليم رئيس الجمهورية دعوة لحضور القمة الاورو – المتوسطية، المقررة في 24 و25 شباط الحالي في شرم الشيخ، والتي يغيب عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لارتباطه بمسائل داخلية، من دون ان تتطرق إلى الملف السوري بسبب الفرملة الأميركية والأوروبية والعربية لإعادة العلاقات مع سوريا إلى سابق عهدها.
وبحسب المعلومات فإن لبنان لم يحسم بعد مشاركته في قمّة شرم الشيخ، ولم يُقرّر مستوى المشاركة فيها، اما بوفد برئاسة الرئيس عون أو وزير الخارجية، وعزت السبب إلى ان وزراء الخارجية الذين اجتمعوا في بروكسل الأسبوع الماضي للبحث في أزمة النزوح السوري وكيفية مساعدة الدول المضيفة ومنها لبنان، لم يتفقوا على مقاربة أزمة النزوح، خصوصاً حول مصطلحي «العودة الآمنة» التي يعتمدها لبنان الرسمي أو «العودة الطوعية» التي يعتمدها المجتمع الدولي.
في سياق متصل، اثار عضو كتلة «المستقبل» النائب بكر الحجيري، ما وصفه بـ«استباحة الجيش السوري لبلدة الطفيل الحدودية، كاشفاً عن تحرك ستقوم به الكتلة في اتجاه الحكومة لاصدار موقف رسمي يدين توغل الجيش السوري في البلدة، والمطالبة باستدعاء السفير السوري لابلاغه برفض لبنان لهذا الخرق للسيادة»، معتبراً ان «اي خرق للسيادة سواء اتى من جيش عدو أو صديق هو تعد واعتداء مباشر على البلد».
مؤتمر القضاء
الى ذلك، علمت «اللواء» ان القصر الجمهوري يستضيف قريبا مؤتمر القضاء الذي اشار اليه رئيس الجمهورية مؤخرا لكن موعده لم يحدد بعد.
وافادت مصادر مطلعة على التحضيرات لهذا المؤتمر ان قضاة ومحامين وحقوقيين وخبراء قانونيين وفاعليات مرتبطة بعمل القضاء والعدالة سيشاركون فيه، ويبحث المؤتمر وفق المصادر نفسها في تطوير عمل القضاء والقوانين الخاصة به لترسيخ العدالة وتسهيل العلاقة بين المواطن والدولة وكذلك تطوير قانون العقوبات وتسهيل الاجراءات القضائية ببت الدعاوى.
«بوعزيزي» لبنان
وسط هذه الأجواء، أحدث حادث إحراق المواطن جورج زريق نفسه أمس، احتجاجاً على رفض إدارة ثانوية بكفتين الأرثوذكسية في الكورة اعطاءه افادة مدرسية عن ابنته لتسجيلها في مدرسة أخرى، وتوفي نتيجة الحروق البليغة التي اصيب بها، حالة من الاحتضان الشعبي والسياسي لضحايا الوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه المواطن اللبناني، باعتبار ان مأساة زريق الذي وصف بـ«بوعزيزي اللبناني»، نسبة إلى التونسي «بوعزيزي» الذي احرق نفسه احتجاجاً على الوضع المعيشي الذي كان يعيشه، تتلاقى مع مأساة غالبية الآباء الذين باتوا عاجزين عن تأمين حياة كريمة لأبنائهم بسبب الضائقة المعيشية، وينظم تحرك مدني الاثنين أمام وزارة التربية تضامناً مع أسرة زريق.
وبغض النظر عن الملابسات التي رافقت حادث زريق وتحديد المسؤوليات والظروف المعيشية، وصفت بأنها «وصمة عار على جبين الوطن» احيطت بهالة كبيرة من التعليقات والمواقف السياسية أجمعت على ضرورة ان تشكّل حافزاً للحكومة الجديدة لأن تولي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة الأولوية في عملها، بحسب ما جاء في البيان الذي اذاعه وزير التربية اكرم شهيب الذي أوعز بفتح تحقيق لجلاء الملابسات، كاشفاً بأن الوزارة استوعبت هذا العام في المدارس الرسمية آلافاً من التلامذة الذين انتقلوا إليها من التعليم الخاص بسبب صعوبة الظروف المعيشية والاقتصادية. (التفاصيل ص 6)