حول الحملة الممنهجة على الدكتور بهجت سليمان

حول الحملة الممنهجة على الدكتور بهجت سليمان

الصحافي أبي حسن/ ناشر موقع فينيكس/ سوريا

شكّل السفير و اللواء الدكتور بهجت سليمان، و مايزال، ظاهرة ( قومية و وطنية ) ثقافية صحية و نبيلة عبر موقع التواصل الاجتماعي، و باتت صفحته المعروفة باسمه، مرجعاً مهماً لكل المهتمين بالشأن السوري. و يسجّل له إنّه من المسؤولين السوريين ( السابقين ) القلائل الذين انبروا للدفاع عن سوريا ( و هو خارج أي منصب رسمي ) في وجه أعتى و أقذر حرب يواجهها بلد في تاريخ العالم، لذا استحقّ و عن جدارة ، لقب ” سنديان سوريا “.

و لا داعي للقول إن مكتب الدكتور بهجت سليمان، عندما كان يرأس فرعاً أمنياً هامّاً في وطنه، كان موئل كبار المثقفين و المفكرين و الصحفيين السوريين و حتّى العرب الذين كانوا يزورون سوريا، إلى درجة أطلق عليه المفكّر السوري الراحل الدكتور صادق جلال العظم: ” صديق المثقفين ” و ألقاب أخرى تأتي في صالح الدكتور سليمان لستُ في وارد ذكرها..

و قبل الخروج من الماضي القريب، لا بأس أن أعيد هنا ما قاله لي مسؤول سوري ( ما زال على رأس عمله ): ” عندما رأينا كيف يحابي بهجت سليمان المثقفين و يتساهل معهم، نحن من قمنا باعتقالهم “، يقصد ذلك المسؤول الاعتقالات التي طالت بعض النشطاء و المثقفين بعد عام 2001، و قد ذكرتُ هذه المعلومة خلال حوارٍ لي مع الدكتور بهجت سليمان سبق أن نشره ” فينكس” قبل بضع سنوات.

حرب تشرين 73

و لا داعي هنا للتذكير بمشاركة الدكتور بهجت سليمان في حرب تشرين عام 1973، و قد كان ملازماً أوّل، و ماذا قال عنه بعض رفاق سلاحه عن استعداده للقيام بعملية استشهادية، كان في طريقه إليها، إلى أن أتته الأوامر من القيادة بالكفّ عنها، بحسب ما نقل أحد رفاقه الضبّاط في الحرب و ليس أحد العناصر التي خدمت تحت إمرته لاحقاً.

و ليس من قبيل المبالغة القول : إن الدكتور بهجت سليمان فعلَ خلال الحرب على سوريا، و ما يزال يفعل، على الصعيد الإعلامي ، ما تعجز عنه أربع وزارات إعلام.

إذاً، و الحال هذه ، ليس غريباً أن يتفرّغ بعض صبية الفيسبوك و غلمانه من مشبوهي السيرة و الانتماء ،  و ممن لا يتجاوز سقف معارف بعضهم و ثقافته مستوى الصف السادس الابتدائي ( لاحظ – على سبيل المثال – اللغة الركيكة، و المليئة بالأخطاء النحوية و الإملائية التي يكتب بها المدعو كمال رستم )، أقول : ليس غريباً على هؤلاء أن يتفرّغوا للهجوم على بهجت سليمان بما يمثّل، في الوقت الذي يحارب هو فيه أسيادَ أسيادهم و مُشغِّليهم ( بحسب تعبيره الصادق ).

حملة مسعورة

لفت انتباهي في الحملة المسعورة و المشبوهة من قبل صبية الفيسبوك و غلمانه، هو نشرهم لما يسمونه وثيقة مسرّبة من المخابرات العسكرية تتعلّق بالدكتور بهجت خلال وجوده في عمله الأمني. و الذي أثار انتباهي  أمور عدة، فإذا أخذنا الوثيقة المزعومة من حيث الشكل، ليس من الصعب إحداث المئات و الآلاف أمثالها بمعونة الفوتشوب، و قد سبق هؤلاء الصبية أحد أسياد أسيادهم، و أعني لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا الأسبق عندما عرض وثيقة مزعومة (عام 2012) عن سليمان الأسد جد الرئيس الراحل حافظ الأسد، مع العلم أنّ سليمان الأسد توفاه الله عام 1930 و كان طاعناً في السن و لم يسبق له أن انخرط في السياسة، برغم أنّه كان وجيهاً محترماً و معتبراً في قومه.

تلفيقات نزار نيوف

عدا أنّ عبارة تعلو الوثيقة المزعومة التي نحن بصددها، تنطوي على الجملة التالية: “مكتب سيادة القائد العام”، و ظني أن العرف البرتوكولي يقضي بالقول: “مكتب السيد القائد العام” و ليس “سيادة”. أما إذا نظرنا فيها من حيث المضمون، فهنا بضع ملاحظات، بعد التأكيد أن أوّل من نشرها هو المدعو نزار نيّوف، و اسمه مايزال ممهوراً عليها، بمعنى أن من يجترّون إعادة نشرها لم يأتوا بجديد سوى تأكيد عمالتهم و ضحالة “وعيهم”:

1 – الوثيقة المزعومة، و التي تحمل توقيع العماد علي دوبا، مؤرّخة في 12 تشرين الثاني عام 1999، فيما العماد علي دوبا نُحي من منصبه في أيلول عام 1999(؟) أي أن العماد علي دوبا كان خارج دائرة القرار و الفعل في الشعبة التي كان يرأسها، و قبل شهرين من تاريخ تلك المسماة “وثيقة”.

2 – اللغة المكتوبة فيها الوثيقة تخلو من أي خطأ نحوي أو املائي، إذ يخال أن من كتبها ضليع في اللغة العربية، و حسب حدود معرفتي المتواضعة أن العاملين في السلك الأمني ليسوا خريجي أدب عربي.

3 – مضمون الوثيقة، مكتوب بلغة تقرير صحفي بحت، كتلك التقارير التي يكتبها نزار نيّوف، و من سبق له أن قرأ تقارير صحفية (بمعزل عن مضمونها) لنزار نيّوف لن يجد جهداً في معرفة أن كاتب الوثيقة المزعومة هو نفسه كاتب التقارير الصحفية التي يدبّجها المدعو نزار نيّوف، مع فارق هو خلو الوثيقة المزعومة من ألفاظ الفحش التي يحفل بها ماخور نزار نيّوف، و أكاد أؤمن أن نزاراً وجد جهداً كبيراً كي يجعل “وثيقته” خالية من ألفاظ فاحشة تعكس مضمونه الحقيقي، كي يعطيها شيئاً من المصداقية بحسب ظنه.

4 – “احتفاء” الوثيقة المزعومة (و الأصح القول: التقرير الصحفي الذي أعدّه نزار نيّوف) بتفاصيل تخصّ معدّ التقرير و تعنيه، من قبيل ذكره لقائمة أسماء زعم أنّ الفرع الذي كان فيه بهجت سليمان وضع أسماءهم كعملاء و مندوبين للفرع الذي هو فيه كي يقبض هو مستحقاتهم المالية (؟) تصوروا : شخصاً رأس أحد أهم الأفرع الأمنية في سوريا، و قبلها بكثير كان ثاني أهم شخصية في سرايا الدفاع، سيفكّر بمثل هذا التفكير الذي لا يخطر إلّا في بال شخص موتور و غير متزن كنزار نيّوف ( و ثمة اتفاق و إجماع على وجود هاتين الصفتين لدى نيّوف ).
و لعل دوافع نزار في تأكيده على هذا الجانب في تقريره الصحفي الذي سمّاه وثيقة، هو إبعاد حقيقة تعامله الفعلي مع أفرع الأمن و منها الفرع الذي كان فيه الدكتور بهجت سليمان. و أفيد هنا إن المحامي مهند الحسني ( رئيس منظمة سواسية لحقوق الإنسان ) قال لي مرة، و نقلاً عن معتقلين سابقين (منهم كما أذكر: المعتقل السابق يعقوب موسى) إن نزار نيّوف لم يكن عميلاً للأمن فقط، بل كان ينقل حتى أخبار زملائه السجناء للأمن. و كانت طريقة نقله للأخبار تتم من خلال ادعائه المرض و حاجته “الماسة” لرؤية طبيب و هو  في السجن.

خاطف نفسه!

و كي لا أبدو متحاملاً على نزار نيّوف، أسرد الحادثة التالية التي رواها لي الصديق المحامي خليل معتوق فكّ الله أسره، ذات يوم من عام 2009،  و كنتُ عنده في مكتبه في “زقاق الجن” أبحث معه، في ما ورّطني و آخرين، به السيد نيّوف عندما حشر اسمي و آخرين بأننا خير سفراء لـ”اسرائيل” في العالم العربي؟، وفق ما قالت عنّا تسيبي ليفني رئيسة وزراء كيان العدو سنتذاك، وتناقلت بعض وسائل الاعلام الخبر، و لم “يتكرّم” السيد نيّوف بتصويب الخبر و التنويه أن موقعه تهكّر إلّا بعد  أيام عدة (؟), عندما كنت و زملائي نواجه حملة إعلامية في الداخل السوري في وقت كانت تقصف فيه اسرائيل غزة(؟).
المهم، قال لي خليل معتوق، و هو صديق مقرّب من نزار نيّوف، و بالحرف: “انتبه يا أُبي: نزار قبضاي و شهم و كريم، لكن أنصحك بعدم التعامل معه، إنّه شخص مدمّر، لديه طاقة مرعبة و مخيفة على التدمير، كن حذراً ان تعاملت معه”، و عندما سألته عما يقصده، قال لي: “في أيار عام 2002, ذهبت مع أخي (نسيت اسم شقيق خليل) إلى باريس بقصد علاجه من مرض كان يشكو منه، و هناك التقينا بنزار، فوبّخنا إذ كيف ننام في الفندق و منزله موجود. و طلب منا أخذ حقائبنا و الذهاب معه إلى منزله الذي كان عبارة عن غرفة واحدة، فأصرّ عليّ أن أنام أنا و شقيقي في السرير، فيما هو فرش و نام على الأرض، ثاني يوم تركنا نزاراً في الغرفة بعد أن ودعناه، و استقلينا السيارة قاصدين المطار.
في السيارة طلبت من السائق أن يضع مؤشّر الراديو على أخبار عربية، و كان لي ذلك، و فيما أنا أسمع الأخبار، أصعق لدى سماعي الخبر الأوّل المتعلّق بخطف نزار نيّوف، من قبل مجهولين, و رميّه في غابة كي “يحرموه” من المشاركة الرسمية في “القلم الذهبي للحرية” إذ سبق أن فاز في جائزتها عام 2000 و كان سجيناً. إذ كيف و متى خطفوا نزاراً، و أنا منذ أقل من نصف ساعة كنتُ عنده؟ و متى وجد الوقت الكافي (نزار) لتلفيق هذه القصة و فبركة هذا الخبر؟ لعل الكثير من السوريين ما زالوا يتذكّرون تلك القصة التي فبركها السيد نزار نيّوف عن اختطافه في أيار 2002، و شخصيّاً كنت أميل إلى تصديقها إلى أن وضّحها لي المحامي خليل معتوق إبّان تحذيره لي من الطاقات التخريبية المرعبة الكائنة لدى صديقه نزار.

سارق الادب

و كي أطوي صفحة نزار نيّوف، لا أجد غضاضة من التذكير بسرقته لدواوين الشاعر السوري هادي دانيال إضافة إلى مقالات عدة له و نسبتها لنفسه من دون أدنى رادع من ضمير. لا بل و اتهامه الدكتور و المترجم و الشاعر المحترم و المرموق نوفل نيّوف بهذا الفعل(؟) للمزيد من المعلومات حول هذا الجانب, يمكن متابعة هذا الرابط :
D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%91%D9%84.

عود على بدء، الحملة الجائرة و المنظمة على إحدى القامات السوريّة الشامخة، كالدكتور بهجت سليمان ليست بريئة على الإطلاق، و يكفي أن نتمعن بالأسماء التي تتزعّم هذه الحملة كي نتأكّد من صحة قولنا، و الأهم كي نثق بمواقف الدكتور بهجت سليمان الذي قد نختلف معه في بعض الجزئيات، لكننا نجمع على احترامه شخصاً و موقفاً و فكراً.

شاهد أيضاً

محمد سعيد الخنسا

دمعة فراق

دمعة فراق محمد سعيد الخنسا ودع لبنان والعالم الإسلامي عالماً جليلاً عاملاً عاملياً مجاهداً حجة …