كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الاثنين 27 ايار 2019
تجاوزت الحكومة والقوى السياسية المشاركة فيها ولا سيما رئيس الحكومة سعد الحريري «قطوعاً» كبيراً تمثل في إنهاء مناقشات الموازنة داخل الحكومة في السراي رغم كل الاعتراضات ورفض الصيغة الحالية لها من قبل رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل، عبر تحويل «لغمها» الموقوت الى بعبدا لتصبح في عهدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي سيرأس جلسة نهائية للموازنة قبل ظهر اليوم. وتؤكد اوساط وزارية في تحالف 8 آذار ان الاتصالات التي جرت خلال الساعات الماضية افضت الى «تهدئة» و«صيغة وسطية» لتمرير بعض البنود من ورقة باسيل في جلسة السراي الجمعة ونقل الخلافي منها الى بعبدا اليوم ومن ثم تناقش فإما تقر او تتحول الى مجلس النواب والذي يتوقع ان لا تكون مداولاته سهلة لكن مهلة الشهر كافية لدراسة كل النقاط الخلافية و«تبريد» رؤوس اصحابها وتخفيف حدتها. وتتابع الاوساط المهم ان تقر الحكومة الموازنة بأقل قدر ممكن من الاختلاف وبأقصى حد ممكن من التوافق، وان تحال الى اللجان النيابية المختصة لتشريح بعض النقاط وخصوصاً التي تطال الطبقة الفقيرة والموظفين والمتقاعدين.
وتكشف الاوساط ان فريقنا السياسي وخصوصاً حزب الله لم يشأ الدخول في سجال او صراع مالي مع باسيل كون بعض النقاط التي يطرحها قد تطال بشكل مباشر او غير مباشر بعض الطبقات الفقيرة والموظفين، وهو امر يرفضه تحالف 8 آذار وحزب الله وحركة امل. وهذا التحالف رفع منذ اللحظة الاولى شعار نصرة الفقراء والدفاع عن مصالح العمال وقاتل حتى النهاية لاقرار سلسلة الرتب والرواتب، كما رفع اخيراً وعلى لسان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لواء مكافحة الفساد والهدر وسد منافذ التهرب الضريبي ورفع التخمين في الاملاك البحرية وزيادة الرسوم للاشغال وكذلك اشراك المصارف في تحمل عبء الدين العام.
ورغم بعض التباينات التي حصلت في الملف المالي بين توجهات باسيل و8 آذار بالاضافة الى تباينات مع تحالف الحريري- القوات، يعتبر الثنائي الشيعي ان النقاش في الموازنة والتشدد في التخفيض والتقشف الذي لا يطال الفقراء ومحدودي الدخل انجاز مالي ومطلوب ومن مهام الحكومة. ورغم التأخر واستهلاك بعض الوقت في النقاشات المالية يبدو ان كل الاطراف داخل الحكومة ترغب وتحاول ان تفرض بعض النقاط الاصلاحية في نص الموازنة وان تنسب اليها انها حققت انجازاً ما فيها وهذا امر ايجابي وضروري اذا ما اقترن برغبة عدم المزايدة الاعلامية والسياسية. وتشير الاوساط الى ان خلال الـ 72 ساعة الماضية رُصدت اتصالات بين الثنائي الشيعي وباسيل وبين الثنائي الشيعي والحريري وبين الحريري وبعبدا افضت الى التهدئة وهو ما تجلى في المؤتمر الصحافي لباسيل عندما اثنى على دور الحريري ووزير المال وانه لا يريد غبن جهدهما المشكور رغم تمسكه بمطالبه ورفعه لسقف الاصلاحات والتخفيضات، ونجحت هذه الاتصالات في نقل «لغم» الموازنة بكل تناقضاته الى بعبدا والى عهدة الرئيس عون لنقله بسلاسة الى مجلس النواب.
وتشير الاوساط الى ان الرئيس عون وفق ما نقل عنه «مُتشدد» اكثر من باسيل في ملف التخفيضات ويرغب في موازنة اصلاحية وبخفض العجز الى 7 في المئة وما دون اذا كانت الفرصة سانحة، وهو يعتبر ان بعض النقاشات الجدية في هذا السياق اذا ما افضت الى التخفيضات المطلوبة مفيدة ولو استغرقت بعض الوقت ولكن من دون تجاوز المهل وهذه الفرصة لن تتكرر ولانها تؤسس لتخفيض اكثر في موازنة 2020 والتي سيبدأ العمل عليها في حزيران المقبل.
وتؤكد الاوساط ان رغم كل «الهبات الساخنة» التي حصلت في الايام الماضية، فإننا سنشهد ايام «هدوء» و«تبريد» سياسي ومالي في الايام المقبلة وكي تتفرغ الحكومة الى قضايا هامة اخرى غير الموازنة ولملمة ذيول الخلاف المالي داخلها ومع الشارع والنقابات وكيفية تهدئة الشارع وايجاد حلول للاعتصامات المستمرة.