العظمة المحمدية: الضيافة الكونية
علي ضاحي- خاص takarir.net
تنويه: هذه السلسلة من النصوص حول الفلسفة وعدة ابعاد فيها وارتباطها بين علم اهل البيت عليهم السلام ومقارنتها بالاساطير والثقافات القديمة، هي ثمرة تعاون بين موقع takarir.net ممثلاً بناشره الصحافي علي ضاحي ومؤسس ومدير ورشة السهروردي الكاتب والاديب والفيلسوف الكويتي محمد علي السعيد.
عندما نصف النبي محمدًا ﷺ بالعظمة، فإننا لا نقصد مجرد الهيبة أو السلطان، بل نقصد العظمة الرحيمة التي تجلّت في قوله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».
العظمة هنا هي الضيافة:
ضيافة الروح التي تستوعب الآخر مهما كان انتماؤه.
ضيافة القيم التي تفتح المجال أمام كل إنسان ليكون ضيفًا على رحمة الله.
ضيافة الكلمة التي احتضنت المختلفين في مجتمع المدينة، حتى الذين عاندوه.
إذن، الضيافة المحمدية هي الوجه العملي للعظمة؛ فهي لا تقصي، بل تحتضن وتربّي وتُرشد.
—
القدرة العلوية: الحماية والعدل
أما الإمام علي (ع)، فكان تجسيدًا للقدرة. لكن القدرة عنده لم تكن تسلّطًا أو غلبة، بل كانت حماية:
حماية الدين من التحريف.
حماية المظلوم من الظالم.
حماية الضيافة النبوية من أن تتحوّل إلى شعار بلا مضمون.
ولهذا نرى أن قدرته كانت قائمة على العدل، فهو القائل: «العدل أساس الملك». والعدل عنده حماية شاملة: حماية للفكرة، للإنسان، وللوجود.
فالقدرة العلوية ليست صراعًا على السلطة، بل ضمانة للرسالة، وصيانة لرحمة محمد ﷺ كي لا تُفرغ من محتواها.
—
العظمة = الضيافة
العظمة التي يمثلها النبي ﷺ يمكن تلخيصها بأنها ضيافة شاملة، تجعل الوجود بيتًا كبيرًا يتسع للجميع. إنها عظمة لا تُقصي الآخر، بل تفتح له الباب.
—
القدرة = الحماية
القدرة التي يمثلها علي (ع) هي الحماية المتواصلة لتلك الضيافة. فلا معنى لضيافة بلا حماية، كما لا معنى لحماية بلا ضيافة. إنهما متكاملان: الأولى تفتح الباب، والثانية تحرسه.
—
الله: الاستجابة الجامعة
لكن هذه الثنائية (الضيافة/الحماية) لا تكتمل بذاتها، بل تحتاج إلى مرجع أعلى. هنا يأتي الله بوصفه الاستجابة الجامعة:
الله هو من يستجيب للعبد حين يتوجه إليه.
الله هو من يجمع بين الرحمة المطلقة (العظمة) والعدل المطلق (القدرة).
الله هو الغاية التي تتحقق بها الضيافة والحماية معًا.
فالضيافة المحمدية والقدرة العلوية ليستا سوى انعكاس لرحمة الله وعدله.
—
القدرة نسق أهل البيت
عندما نقول إن القدرة هي نسق أهل البيت (ع)، فنحن نشير إلى مشروعهم التاريخي والروحي:
الحسين (ع) بقدرته حمى الرسالة من الانحراف بالتضحية.
زينب (ع) بقدرتها حفظت الوعي من الضياع بعد كربلاء.
الأئمة (ع) بقدرتهم واجهوا كل أشكال الانحراف الفكري والسياسي.
إنهم نسق واحد قائم على القدرة الحامية للضيافة المحمدية.
فالنبوة = الضيافة.
والإمامة = الحماية.
والله = الاستجابة الجامعة.
—
الخاتمة
يمكننا القول إننا أمام مثلث نسقي:
محمد ﷺ = الضيافة (العظمة).
علي (ع) = الحماية (القدرة).
الله = الاستجابة الجامعة.
بهذا المثلث، يصبح الوجود الإنساني محاطًا بالرحمة والعدل معًا:
رحمة تحتضن (الضيافة).
عدل يحمي (القدرة).
واستجابة مطلقة توحد بينهما (الله).