العربية هُوِّيَّتي
الشيخ الدكتور أسامة شعبان
بسم الله الرحمٰن الرحيم
1- العربية لغتي وهويتي ووجهتي وبيتي وذاكرتي.. العربية أُمّي ووطني وقضيتي وحلوتي.. العربية فرحتي ودمعتي وسلوتي وعزّتي.. العربية أنا..
2- العربية تجذّر في أصول.. لغة حيّة للمستقبل.. وعصية على الذوبان والاضمحلال.. أقوى من التحديات.. تملك عناصر البقاء والتجدد.. رغم المتخاذلين والمبالغين، غير المبالين والمتقعِّرين.
3- العربية فعلٌ وممارسة.. تكلَّمْ بها.. اكتُبْ بحرفها.. طالعْ جيّدَ كتبِها.. ادعُ إليها.. دافعْ عنها.. اعتزَّ بها.. لا تنعتْها بالصعبة.. لا تقلِ: العامية خيرٌ منها.. لا تُدِرْ لها ظهرَك.. أحبَّها بما استطعت.. عِشْها..
4- العربية أكثر من مجرد لغة.. إنها تاريخ وثقافة وحضارة.. إنها انتماء لأمة.. إنها لغة متوارثة من الإنسان الأول آدم عليه السلام، متراكمة متسلسلة، مخدومة متوّجة بكونها لغة الكتاب الخاتم.
5- العربية أعزّ من أن يقال: “خطأ مشهور خير من صحيح مهجور”.. فأسرع ما نكون إلى نشر الوعي اللغوي من خلال الإعلام ووسائله ووسائطه، والترجمة، والنص الفني (السيناريو) في المرئي والمسموع والمكتوب، والوثائقيات، والكتاب المدرسي، و…
6- العربية اليوم أمام تحديين كبيرين متعاظمين: تحدي تقدم اللغات الأجنبية القوية، وتحدي تمكّن اللهجات المَحْكية العربية.. فأين نحن من سباق اللغات العالمية؟ ومن لجم طغيان العامية التي بدأت بالعُقوق!
7- العربية سهلة إلى درجة أن عشرات آلاف الأطفال فضلًا عن الشباب والشيب في البلاد العربية والإسلامية اليوم يحفظون القرآن الكريم عن ظهر قلب، وقد يكون مِن النادر في الأديان الأخرى مَن يحفظ كتابه الديني بأيّ لغة!
8- العربية حلوة إلى درجة أن المرء المؤمن لا يملّ سماع القرآن الكريم تلاواتٍ مكررات كل العمر، وقد أضفى القرآن على العربية عنصر الهيبة بالتقديس، وخاصية التأبيد بالحفظ، مع جعلها مُعجِزة سلّم بعظيم بلاغتها ورونق نظمها الفصحاءُ الأدباء الشعراء الأقحاح السَّليقيُّون الأوائل.
9- العربية استعمال لكل مخارج الحروف، واحتفالية للأذن، وعون للنغم، ومتعة للعين بانسياب الحروف التي تتلوّى وتتداخل، ووَقْع للمنابر التي تضج بخطابتها وجماهريتها.
10- العربية مرآتُنا ورَجْع صدانا وحكايتُنا… فيا عزّ من نصرها بصدق! ويبدأ هذا بأن نكتب بها، ونتكلّمها، ونعوّد أولادَنا عليها.. ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.. ولنبدأ بأنفسنا إن أردنا فلاحًا ونجاحًا… فهل من ناصر؟!
11- العربية حبيبة.. فأحبَّها تُحبَّك.. ورِدْها تُرِدْك.. وأعطِها ترفعْك.. وغُصْ فيها تُغْنِك.. وكنْ بها تكنْ لك.. وطوّعْها تُطِعْك.. وانصُرْها تنصُرْك… فهل أسمعتُ سميعًا؟!
تأمّل حالنا اليوم مع اللغة العربية من خلال أبيات العميد الأستاذ الدكتور الأديب محمد توفيق أبو علي: [البسيط]
ما لِلنََخيلِ نأتْ عن قُضْبِهِ الرُّطَبُ
وما لِحُلْمٍ نأتْ عن دَرْبِهِ الهُدُبُ
القَحْطُ أيْبَسَ حَرْفًا في معاجمِنا
والغَيْثُ خُلَّبُ بَرْقٍ ماؤُهُ كَذِبُ
يا ضادُ إنّي لَأرجو اليومَ غادِيةً
على الحناجرِ حتّى يَنْطِقَ العَرَبُ