الصحافي والباحث نسيب شمس
الصحافي والباحث نسيب شمس

معهد شيلواح: مركز استخبارات في خدمة الكيان المؤقت

معهد شيلواح: مركز استخبارات في خدمة الكيان المؤقت

نسيب شمس/ موقع الخنادق

تأسس معهد شيلواح للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية برعاية “جمعية الاستشراق الإسرائيلية” ووزارتي الحرب والخارجية في الكيان المؤقت، وكان مرتبطاً بالجامعة العبرية أولاً عام 1959، ثم أُلحق بجامعة تل أبيب عام 1965. وقد حمل المعهد اسم مؤسسه ورؤوبين شيلواح؛ وهو أوائل المستشرقين الإسرائيليين وكان الرئيس الأول للموساد، والرجل الثاني في الوفد الإسرائيلي في مفاوضات الهدنة مع العرب عام 1949. كما أسهم الخبير الأمني يهوشفاط هركابي، ومعهما المستشرق وأحد كبار ضباط الجيش الإسرائيلي إسحاق اورون الذي تولى إدار المعهد بعد التأسيس، ونجح أورون بتوفر مادة أرشيفية نادرة للمعهد، وهي مجموعة من الصحف العربية منذ العام 1948.

إهتم “معهد شيلوح” بإعداد دراسات حول “أوضاع الشرق الأوسط” العادية، وحول التطورات التي يشهدها الوطن العربي بشكل أساسي. وذلك من خلال الاستعانة برصد وجمع الأعداد اليومية لأكثر من مائتي صحيفة كانت تصدر في الدول العربية وخاصة دول الجوار الجغرافي للكيان المؤقت. لدى المعهد مصادر وفيرة من المعلومات، ابتداء من الصحف وصولاً للنشرات الطبية، التي تصدر في العالم العربي، وانتهاء بما يرصده ويجمعه مما تبثُّه محطات الإذاعة العربية، الجدير بالذكر بأن “معهد شيلواح” حصل على الكثير من الوثائق المهمة، ونسخ غالبية المواد البحثية العائدة لمركز الأبحاث الفلسطيني بعد مداهمته من الجيش الإسرائيلي بعد غزوه لبنان ودخوله العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982، ونقله محتوياته إلى فلسطين المحتلة.

بداية انقسم المعهد الى ستة أقسام، يرأس كل قسم منها باحث يحمل درجة دكتوراة في العلوم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، مع مراعاة وضعه في القسم الذي يختص بالبلد الذي تناولته دراسته الجامعية، وأن يتقن رئيس القسم لغة هذا البلد، وله دراية باللهجات المختلفة المتداولة فيه، ويضم كل قسم مجموعة من الباحثين يتقنون اللغة العربية أيضاً. وكانت أقسام “معهد شيلواح” ومجموعة الإشراف في السبعينيات على الشكل التالي:

-دائرة مصر، يشرف عليها رئيس المعهد شمعون شامير.

-دائرة سوريا، أوبرمال وان (مؤلف كتاب “العراق في عهد عبد الكريم قاسم”).

-دائرة السودان، حاييم شاكيد (خريج الجامعة العبرية وحائزة شهداة دكتوراه من لندن عن تاريخ المهدية في السودان).

-دائرة إيران، ديفيد شموئيليفيتش (من مواليد فلسطين المحتلة، متخصص بالشؤون التركية والإيرانية).

-دائرة العلاقات العربية، ديفيد شيرون (متخصص بالعلاقات والتفاعلات الجارية بين الدول العربية ثنائياً وجماعياً).

طرأت تغييرات وتبدلات على الأشخاص المسؤولين عن المعهد ودوائره، وتعاقب على رئاسة المعهد عديدون، منهم ايتامار رابينوفيتش (المتخصص بالشؤون السورية واللبنانية، ورئيس الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع سوريا)، ومن العاملين في المعهد يوسي أولمرت (شؤون المشرق العربي)، آشر ساسر (شؤون الأردن) تمار ريجنس (الشؤون السعودية واليمنية) …الخ.

بدأ معهد شيلواح منذ عام 1960 على إصدار كتاب سنوي شامل عن الشرق الأوسط بعنوان “Middlle East Record” يتضمن معلومات وتقارير وتحليلات في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالمنطقة وعلاقاتها. وفي العام 1970 حل محله مشروع “نظرة عامة معاصرة على الشرق الأوسط MECS ” الذي يحتوي على استعراض شامل لمواضيع تتعلق بالمنطقة، وفصولاً عن العلاقات العربية الإسرائيلية، والشؤون العربية والإسلامية الداخلية، والاتجاهات الاقتصادية والشؤون الفلسطينية.

كشف تحقيق مهم نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في 18 أيار 2013 أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ومؤسس “إسرائيل” دافيد بن غوريون لم يكتف بالدعاية الإعلامية الإسرائيلية التي روّجت لأكذوبة مغادرة الفلسطينيين وطنهم سنة 1948 بمحض إرادتهم، وإنما طلب أيضًا من معهد شيلواح سنة 1961، في إثر ضغط الرئيس الأميركي جون كنيدي على إسرائيل بقبول عودة جزء من اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، القيام بفبركة “أبحاث أكاديمية” تثبت أن:

-“قيادات عربية في فلسطين وخارجها وهيئات عربية وفلسطينية شجعت العرب الفلسطينيين على الفرار من فلسطين في حرب 1948.

– الجيوش العربية والمتطوعون العرب ساعدوا الفلسطينيين في الهروب، أكان ذلك بإخلائها قرى عربية أم بعلاقاتها السيئة بالفلسطينيين.

– الجيش البريطاني ساعد العرب الفلسطينيين في الهرب في العديد من الأماكن.

-مؤسسات ومنظمات يهودية بذلت جهدًا لمنع الهروب”.

استجاب معهد شيلواح لطلب بن غوريون، وكلّف مجموعة من الباحثين الإسرائيليين القيام بما طلبه بدقة. وكان معهد شيلواح ملائمًا جدًا لتنفيذ ما أراده بن غوريون.

كما أصدر معهد شيلواح في السنوات الأولى لتأسيسه مجموعة كبيرة من الكتاب ألفها مستشرقون وباحثون؛ منها نذكر “سوريا تحت حكم البعث 1963-1966″ لإيتامار رابينوفيتش، الحركة الآفروآسيوية” لديفيد كيمحي، “مثقفون في العالم العربي” لشمعون شامير، و”المؤسسات الإسلامية في أوغندا” لأرييه عوديد.

ينشر معهد شيلواح كتبه ضمن سلاسل يختص كل منها بمجال معين مثل:

-سلسلة “عرض لوجهات نظر”: صدر ضمن السلسلة: “مؤسسات الدراسة العليا في مصر”، “حول شكل الحكم في إيران خلال السبعينيات”، “يقظة الإسلام ودوافع بروز العروبة والسلفية في مصر”، “منظمات المعارضة للحكم في جمهوريتي اليمن”…إلخ.

-سلسلة “أبحاث سياسية وشؤون إسلامية”: صدر ضمن السلسلة: “زوال الناصرية 1956 – 1970″، “حرب من الداخل – الصراع الداخلي في الحركة الوطنية الفلسطينية 1929-1936″…إلخ.

-سلسلة تعليم إضافي وأبحاث، منها: “مبادرة السلام المصرية الإسرائيلية – وثائق أساسية “، ” المفاوضات حول تطبيق الحكم الذاتي – وثائق أساسية”…إلخ.

كان معهد شيلواح هو من ضمن أكثر المراكز البحثية الإسرائيلية أهمية من زاوية انتفاع المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة بالخدمات البحثية والاستشارية التي يُقدمها المعهد إلى الأجهزة الرسمية، وخاصة وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات المتعددة لدى الكيان المؤقت.

وفي 1983 تمّ تحويل وحدة أبحاث متخصصة بشؤون المنطقة وأفريقيا في معهد شيلواح الى مؤسسة بحثية مستقلة أطلق عليها اسم “مركز موشي ديان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية” سنقوم باستعراض نشاط هذه المؤسسة الجديدة وإصدارتها في مقال لاحق.

شاهد أيضاً

محمد سعيد الخنسا

دمعة فراق

دمعة فراق محمد سعيد الخنسا ودع لبنان والعالم الإسلامي عالماً جليلاً عاملاً عاملياً مجاهداً حجة …