عاشقٌ حافي القدمَين!
الدكتور عباس خامه يار *
إنه حافي القدمين …! بالمعنى الحقيقي؛ وليس مجازيًّا. قصدَ طهران من مدينة “لكهنؤ” الهنديّة حافيَ القدمَين.
لم أستطع أن أتجاهل موضوع قدميه الحافيتين في المطار، في الفندق، في المكتبة الوطنية، وفي شوارع مشهد وطهران، وحتى أثناء إلقاء كلمته على منبر صالة “سوره” التابعة لمؤسسة «الحوزة الفنیة»! لقد فاجأ الجميع في الواقع وأنا منهم.
وبعد الكثير من التردد، المصحوب باحترام كرامة الضيف وحفظها، سألته أخيرًا: “ما هذا الوضع؟!! لماذا أنت حافي القدمين هكذا؟!
ابتسم وأجاب بلطفٍ وهدوءٍ بالغين، مثل سائر أشقائه في بلاد الببغاوات: “لقد كنت حافي القدمين منذ سنوات. أريد أن أكونَ على علاقةٍ وثيقةٍ مع أم الوجود، أي الطبيعة، وأن أحافظ على هذه الوسيلة الوحيدة للتواصل المباشر بين الإنسان والأرض! الأحذية وأي حواجز أخرى لـ “القدم” ما هي إلا سببٌ لانقطاع تواصل الإنسان مع الطبيعة.
قدماي الحافيتان كانتا أول اتصالٍ لي بالأرض والتراب، ثم بجميع أجزاء الطبيعة وبكل الكائنات.
هو رجل دين هنديّ، مطلع على عاشوراء ونهضة كربلاء بشكلٍ كامل، وطالما نظم المراسم الحسينية، يعتبر أن العامل الثاني في حياته هو الاحترام والوفاء للحسين بن علي (ع) ويرى ذلك واجبًا أخلاقيًا وتعبيرًا عن الوفاء لأبي عبد الله.
هذه التصريحات ذكّرتني على الفور بجورج جرداق، الكاتب المسيحي الشهير ومؤلف سباعية “علي، صوت العدالة الإنسانية”؛ يوم استضفتُه في طهران، سألته لماذا لا تجرّب وجبة “الچلو کباب”، الطعام الشهيّ والمفضل عندنا نحن الإيرانيين؟!
أجاب: ما ذنب الحيوانات حتى تذبح وتكون أضحيةً لنا نحن البشر؟!”
نعم! إنه السيد سوامي سارانغ، الشخصية المعروفة والناشطة في مجال السلام العالمي والبيئة الهندية.
سوامي سارانغ، هندوسيٌّ مخمورٌ بعشقِ علي (ع) وأهل بيته، جاء إلى بلادنا بدعوةٍ من المؤسسة الفنية، للمشاركة في “مؤتمر “باران غدير – غیث الغدیر الدولي السادس”.
هو ينتمي إلى جماعة البراهمة الحسينيين، المشهورة في الهند بإخلاصها وحبها لسيد الشهداء الحسین بن علي(ع)، والتي تقيم تجمعاتٍ كبيرة لإحياء ذكرى عاشوراء في كل عام.
* نائب رئیس جامعة الأديان والمذاهب في الشؤون الثقافیة والإجتماعیة