الناخب الطرابلسي يُقصي الأقطاب ويُعطي “نعم مشروطة” لـ “التغييريين”
كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الاثنين 23 ايار 2022
صحيح ان “بيوتات الاستقلال” في طرابلس، والمتمثلة بآل كرامي والنائب والوزير السابق فيصل كرامي، وفي الشمال وزغرتا وعكار والكورة المتمثلة بآل فرنجية والنائب السابق سليمان فرنجية ونجله طوني، تراجعت في الانتخابات الحالية، وصحيح ان كرامي وفرنجية هما حليفان لحzب الله وسوريا، لكن سوريا وحzب الله و 8 آذار صبّوا اصواتهم لمصلحة كرامي وطه ناجي والمرشح العلوي في طرابلس على لائحتهما، كما صبّت اصوات لمرشح فرنجية رفلي دياب، وبقيت سوريا حاضرة في طرابلس والشمال بعد غياب قسري منذ اندلاع الازمة السورية في العام 2011 وحتى العام 2016 .
واذا كانت هذه الخلاصة من مفارقات الانتخابات الاخيرة في طرابلس، فإن الناخب الطرابلسي ووفق اوساط طرابلسية بارزة، سجّل مفارقات اخرى عبر اقصائه الاقطاب الاساسيين: فيصل كرامي تراجع ليرسب ويخسر مقعده، وصولاً الى انكفاء الوزير السابق محمد الصفدي عن المشهد الطرابلسي النيابي منذ الانتخابات الماضية، كما لم يظهر حضور النائب السابق محمد كبارة كما كان عليه قبل الانتخابات الحالية، لينجح نجله كريم بأصوات لا تتجاوز الـ 5 آلاف صوت، رغم ان لكبارة الاب حضور طرابلسي وخدماتي مميز وكان يعد رافعة انتخابية للائحة “المستقبل” والرئيس سعد الحريري.
وصولاً الى الرئيس نجيب ميقاتي الذي لم يترشح مجاراة لقرار الرئيس سعد الحريري والرؤساء السابقين للحكومة بعدم الترشح، بالاضافة الى تعهّده بالحيادية وعدم تدخله بالانتخابات لاطراف داخلية وخارجية، وعليه لم يشارك وفق الاوساط بفعالية في الانتخابات ولم يكن له حضور فاعل في الترشيح والاقتراع، ولم تعمل ماكينته الانتخابية والمفاتيح والعائلات كما يجب ايضاً.
اما المفارقة الثالثة والتي سجلها الناخب الطرابلسي، هو بقاؤه على “وفائه” لنهج الرئيس رفيق الحريري وتأييده للحالة السياسية لنجله سعد، حيث مُني الاخير، ورغم عزوفه ترشيحاً واقتراعاً بحدود معينة بـ “نصف خسارة”، واثبت “المستقبل” حضوراً مقبولاً بفوز كريم كبارة والمحسوب على الحريري “ضمناً”، وكذلك فوز احمد الخير في المنية والمدعوم من امين عام تيار “المستقبل” احمد الحريري، كما يتردد ان عبد العزيز الصمد والذي فاز في الضنية كمستقل له صلات قربى بقياديين بـ “المستقبل”.
وتشير الاوساط الى ان كل من النواب السابقين والراسبين في الانتخابات الحالية: عثمان علم الدين ومصطفى علوش وسامي فتفت، رغم خروجهم على قرار سعد الحريري بالترشح وتحالفهم مع الرئيس فؤاد السنيورة، قد حققوا ارقاماً سنية عالية ولم تنزل تحت الـ5 آلاف صوت، وهذا يؤكد ان قاعدة “المستقبل”، صوّتت لهم في طرابلس والضنية.
اما المفارقة الرابعة، فتشير الاوساط نفسها، الى ان الناخب الطرابلسي منح “نعم مشروطة” للحراك و “التغييريين”، الذين استغلوا “آخر فرصة” لهم لاثبات حضورهم، فكان ان فازوا بأربعة مقاعد سنية مع اللواء اشرف ريفي وبمقعدين مسيحيين ومقعد علوي.
وتكشف الاوساط ان هناك سعياً من ريفي لجمع نواب طرابلس السُنّة الثلاثة معه (نواب الحراك) في تكتل سني مستقل عن كتلته النيابية المؤلفة منه ومن نائبين مسيحيين احدهما حليف لـ “القوات”. ويهدف ريفي من خلال هذا التكتل ، وفق ما يتردد في الاوساط النيابية الطرابلسية، الى مواجهة “اللقاء التشاوري” للنواب السُنّة في 8 آذار، والذين يصفهم ريفي بأنهم “سُنّة مشروع حzب الله وايران” في طرابلس والشمال ولبنان!
وتقول الاوساط نفسها ان “فترة السماح” لـ “التغييريين” ستكون لعام واحد فقط ، وحتى موعد الانتخابات البلدية والاختيارية في 31 ايار من العام 2023 . وتشير الى ان هذه المهلة كفيلة بإثبات حسن نوايا وشعارات ومشروعات “القوى التغييريية” والتي رفعتها خلال “ثورة 17 تشرين” وقبل الانتخابات الحالية، وقدرتها على ترجمتها من داخل البرلمان، وبعد وصولها اليه بـ “أصوات الجوعى والفقراء والمضطهدين والغاضبين في طرابلس”.