الشيخ الراحل عبد الامير قبلان
الشيخ الراحل عبد الامير قبلان

الى الشيخ قبلان في غيابه: كنتَ وطنًا يجمعُ أمّّةً في أَزَماتها وهمومها

الى الشيخ قبلان في غيابه: كنتَ وطنًا يجمعُ أمّّةً في أَزَماتها وهمومها

الدكتور محمد فريد عبدالله/ العميد السابق لكلية الآداب في الجامعة الإسلامية

الى الرجل الكبير الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان
               في لحظة الغياب
لك السلام أيها الراحل الكبير ..
لك السلام وانت في رحابة السلام  ..
لك السلام الذي كنت تُنشده إلفةً ومحبةً بين أبناء بلدك
لك السلام الذي اردتَه هواءً عليلًا ، نقيًّا يَحيا به العربُ والمسلمون أجمعون 
لك السلام  ونحن  تُمسِكنا بنا الغُصّصُ لغيابك ، كأَنَّ الزمنَ يقف على مشارف الخواتيم ..
أيها الأب ُ .. وأنتَ  لا تفارقُنا بسمةُ عينيك
ولا رضا حَنانيك
ولا صفاءُ سريرتِك ، ولا عذوبةُ شفتَيك ..
نشأنا ومنذ البواكير ، فقد كانت تتعهَّدنا عيونُ الأطهار الأَصفياء ، أَئِمَّةً يحملون ميراث الأَئمة..
فسَعَيْنا جاهدين في ميادين الطموحات التي رسَمَتْها آمالُ سماحة الإمام المغيَّب ، وتعهَّدها سماحةُ الإمام شمس الدين ، ورًعيتَ أنت  ثَمَّ رعيتَ  ، وتَعهَّدتَ مساربَ الجهاد حتى تأصَّل جُهدُنا وجهادُنا رضًى يملأ جنبتَيك بشموخ صرح الجامعة الإسلامية في لبنان  مشروع نهضة أمةٍ برعاية أئمة أصفياء أتقياء وتخطيطهم  ..
  ولن أنسى ..وعيناك  تُفيضانِ شوقًا واستشرافًا لذلك اليوم الذي ترى فيه الجامعةَ وقد شيَّدت صروحًا لها في عكار وفي البقاع الغربيِّ  لتكون سبَّاقةً في نشر الوعي العلميِّ والثقافيِّ ،  ورفْع الحرمان عن مناطق لبنانية عزيزة عليك وكريمة بأهلها وبخصائصها ..  وقد بلغتَ جهدَكَ حتى رأيتَ  فروع هذه المؤسسة في الجنوب الصامد المقاوم   والبقاع الواعد بديمومة الجهاد  وبذل التضحيات الجسام في سبيل التحرير  وسيادة لبنان وكرامة الإنسان فيه  ..
ومَن منا ، نحن العاملين فيها ، وسواءٌ أَكنَّا من رعيل التأسيس أم المتابعين مسيرة التطوير والإنماء ، لا  يَتلمَّس بركات جهودكم وحضوركم الدائم الفاعل في تنميتها وتطويرها وتثمير  قُدُراتها في رعاية أبنائك الذي يطمحون إلى متابعة دراستهم ولكن تمنعهم الحاجة أو قِصَرُ ذات باعهم ، وهم  هم من جميع الفئات والمشارب والمسارب اللبنانية التي يعرفها القاصي والداني ، إلا أنك لم تميِّز يومًا قطُّ  بين الأسماء ولا المناطق ولا المعتقدات ، فكنتَ نعم المقتدي بعليٍّ مولاك أمير المؤمنين في تقديم العَون إلى مَن يستحق ، وكلُّنا لآدم وآدم من تراب ..
  ومَنْ منَّا لم يكن يقرأُ في صفحة كفَّي قُنوتِكَ سماحةَ راحتيْكَ ونقاءَ سريرتِك وصِدقَ مناجاتِك !!
ومَنْ منَّا لم يتأَدَّب بأَدبِ أُنسِكَ ولُطفِكَ وقُربِ مودَّتك  !.. 
ومَن منَّا لم يخرج من مجلسِك وهو يشعر بأنه كان في حضرة كوثر العاطفة واللينِ والموادعةِ  ..
ومَنْ منَّا لم يجدكَ غوثًا له وغياثًا في أيِّ مِحنةٍ أو شِدَّة !!!
لقد كنتَ قريبًا منا كما كنتَ من سائرِ مَن يلقاك  ويقصدك قُربَ المرءِ من ذاتِه والحيِّ من أنفاسهِ ..
عرَفَكَ المجاهدون راعيًا وساهرا تحوطُهم بدعائك لهم بالنصر والإياب سالمين مظفَّرين ..
وعرفكَ العارفون  رأسَ طريقتهم ونِبراس مسالكهم ..
وعرفَكَ الكِبارُ كبيرَهم وحكيمهم..
وعرفَك السائلون باب حوائجهم. 
وعرفكَ طلبةُ العلمِ قِبلةَ طموحاتهم ورأسَ حوزتِهم ..
وعرفكَ المواطنون  بقضِّهم وقضيضِهم  غايةً لا تُضاهيها غايةٌ في صدقِ وطنيِّتها والتأييدِ لها والذَّودِ عنها  ..
لقد عرفَكَ كلُّ مَنْ عَرَفَك مصباحَ هدايةٍ ومحبةٍ يضيئُ على رأس كل طريقٍ وسبيلٍ ، فيه لله رضًا وللوطنِ عزَّةٌ وكرامةٌ ، وللمواطنين هدايةٌ وإصلاحُ حال ..
لقد كنتَ وطنًا يجمعُ أمّّةً في أَزَماتها وهمومها . 
وكنتَ كرامةً تدافعُ عن حدودِ الوطن..  
رحمكَ أرحمُ الراحمين أيها الراحلُ الكبيرُ  ..
فغيابُك غُصَصٌ وآلام ..
ومكانُك لا يقوم به إلا أصفياءُ  من نَسج فِكر الأئمة ..
فطوبى لك على نَقاء سريرتك…
وطوبى لك بلقاء من أحببتَ من الأنبياء والمرسلين والأئمة والصالحين  ..
وطوبى لك في دار السلام  .. ولك السلام

شاهد أيضاً

محمد سعيد الخنسا

دمعة فراق

دمعة فراق محمد سعيد الخنسا ودع لبنان والعالم الإسلامي عالماً جليلاً عاملاً عاملياً مجاهداً حجة …