عزوف سعد الحريري يخلط الاوراق ويعيدها الى نقطة الصفر
كتب الصحافي علي ضاحي في جريدة الديار ليوم الاربعاء 26 آب 2020
حتى ساعات من اعلان الرئيس سعد الحريري امس عزوفه عن القبول بأي تسمية لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، كانت الاتصالات تتركز على تبديد العقبات امام تسمية الحريري رغم وجود اجواء سلبية داخلية وخارجية.
وتقول اوساط واسعة الإطلاع في 8 آذار ان إعلان الحريري عزوفه رسالة سلبية للغاية وترجمة لواقع حكومي معقد ويمكن وصفه بأنه خلط الاوراق وقلب الامور رأساً على عقب.
وتشير الى انه يعكس ايضاً امرين: اولاً ان اميركا ومن ورائها السعودية لا يريدان حكومة وحدة وطنية جامعة ويصران على استبعاد “حزب الله” منها. وهذا امر لن يجعل اي حكومة تبصر النور ولو بعد 100 عام.
وثانياً: ان الفيتو على الحريري وعلى الحكومة معاً اي ان الشروط الموضوعة او الظروف التي تسمح بالتشكيل لا زالت في الخانة الحمراء وان الضوء الاخضر لم يأت بعد.
وتقول الاوساط ان زيارة السفير السعودي وليد البخاري الى بيت الوسط ولو اتت تحت عنوان “التضامن مع الحريري” بعد صدور قرار المحكمة الدولية، فإنها وفق المعلومات التي توردها الاوساط حملت رسالة سلبية من السعودية الى الحريري ان لا حكومة في لبنان في ظل غلبة “حزب الله” وهمينته على القرار السياسي والاكثرية النيابية في البلد وفق زعم السعودية وسفيرها.
وتلتف الاوساط الى ان هناك اسباباً شخصية للحريري وراء العزوف. وهو يشعر انه يخسر المزيد من الرصيد السياسي يومياً وان حكم المحكمة اتى ليشكل ضربة سنية لشعبيته وخصوصاً ان بعض الشخصيات السنية المتطرفة والتي تميل اكثر الى شقيقه بهاء تتهمه بالسعي لعقد صفقة جديدة مع “حزب الله” وان يكون رئيس حكومة مقابل تسهيلات من الحزب شرط ان يعود الى المطالبة بتسليم سليم عياش.
وتضيف ان الحريري اسر لمقربين منه انه يشعر ان المرحلة الصعبة في لبنان في ظل هذا الوضع وانسداد الافق الاقتصادي والمالي، ستجعل من اي رئيس حكومة بلا تسوية دولية كبرى مجرد كبش محرقة اكان هو الحريري نفسه او اي شخصية سنية على غرار الحكومة التي ترأسها حسان دياب والتي رآها البعض في بدايتها فرصة للخروج من الدوامة والنتيجة كانت مفجعة ومزيد من الغرق في المستنقع الداخلي والمالي والاقتصادي ليأتي تفجير مرفأ بيروت ليطلق “رصاصة الموت” الرحيم على الحكومة والبلد واقتصاده.
وتقول الاوساط ان التقييم الاولي لفريقنا السياسي ان عزوف الحريري اعادنا الى نقطة الصفر وخلط الاوراق مجدداً وردنا الى الليلة التي اعلن فيها الرئيس حسان دياب استقالته ووسط تخوف من مرحلة طويلة من تصريف الاعمال وتعثر التشكيل. وهذا يعني ان ما قيل عن تحديد لموعد الاستشارات الاثنين المقبل ليس الا مجرد خبر آخر لا يستحق تكذيبه ولا سيما ان عزوف الحريري يؤكد الحاجة الى بدء جولة جديدة من المشاورات بدأت امس باتصالات بين القوى الاساسية في الاكثرية للوقوف على حقيقة اسباب اعتذاره عن قبوله اي تكليف محتمل في ظل هذه الاوضاع.
وتشير الاوساط الى ان لا اسماء متداولة لتكون بديلة عن اسم الحريري، وان الاسماء المطروحة من نواف سلام الى محمد بعاصيري الى القاضيين حاتم ماضي وايمن عويدات وحتى خالد قباني ليست الا اسماء اعلامية وعلى المنابر السياسية، ولم تطرح للنقاش داخل المجالس الضيقة. والاسم الجدي الوحيد كان اسم سعد الحريري والذي كان يحصل على تأييد نواب “حزب الله” وحركة امل” و”تيار المستقبل” و”المردة” وكتلة نواب “اللقاء التشاوري” بطبيعة الحال.