رفع الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصرالله، سقف التحدي السياسي في لبنان والإقليم، من دون أن يحيد في رسائله القوة المهيمنة في العالم. «إيران لن تكون وحدها عندما تشنّ أميركا عليها الحرب»، هي رسالته إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومعها العدو الإسرائيلي. وفي الداخل، إيران مستعدة لدعم لبنان على كافة المستويات، من الكهرباء إلى النقل والأدوية… وعلى المستوى الدفاعي، فإن حزب الله، ومن موقعه، «كصديق لإيران»، جاهز للمساعدة في الحصول منها على كلّ ما يحتاجه الجيش اللبناني، وبخاصة في مجال الدفاع الجوي!
الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، مُستعدّ «كصديقٍ لإيران»، أن يستورد سلاح دفاع جوّ للجيش اللبناني، «والذهاب إلى إيران للإتيان بكلّ ما يريده الجيش اللبناني ليُصبح أقوى جيش في المنطقة». أعلن نصرالله ذلك خلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله في الذكرى الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، تحت عنوان «أربعون ربيعاً»، مؤكّداً أنّ ما نحتاجه في لبنان هو «السيادة الحقيقية والجرأة». المُساعدة التي تبدو إيران جاهزة لتقديمها إلى لبنان، وتسمح له بأن يتحرّر من «سلطة» الولايات المتحدة الأميركية وما تقرره لنا، لا تقتصر على القطاع العسكري. فبحسب نصرالله، «أهمّ مشكلة ستواجهنا في مجلس الوزراء هي الكهرباء، وإيران جاهزة لحلّها في أقلّ من سنة، وبأسعارٍ متدنية جدّاً». الجمهورية الإسلامية قدّمت أيضاً، في فترة حكومة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، عرضاَ «كبيراً لبناء أنفاق تحلّ مشكلة السير في لبنان، لمدّة خمسين عاماً». وسأل نصرالله: «لماذا سنستمر باستيراد الدواء، ولماذا نبقى أتباعاً للآخرين؟»، طارحاً السؤال: «لماذا ندير ظهرنا لهذا الصديق ونعطي رقابنا للآخرين؟». وكان الحديث مناسبةً ليُعيد الأمين العام التذكير بأنّ حزب الله «شريك لإيران في المنطقة. ونحن سادة عند الولي الفقية. ونحن حزب الله اللبناني لدينا قرارنا الحرّ. الولي الفقيه لم يطلب منّي، أنا حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أي شيء أبداً، بأي يوم من الأيام».
نصرالله: حزب الله شريك لإيران في المنطقة
تحدّث نصرالله، خلال كلمته، عن الأوضاع الحالية في المنطقة، فأوضح أنّ ما يجري «ليست حرباً إيرانية – إسرائيلية، ولا صراعاً سعودياً – إيرانياً، بل هي حرب أميركية على الجمهورية الإسلامية منذ عام 1979 إلى اليوم، والسعودية وبعض دول الخليج أداة في هذه الحرب… «الدولة الإسلامية»، بنموذج «داعش» هي ما تريده أميركا وقامت السعودية بترويجه في العالم». واعتبر وجود إصرار أميركي على محاربة إيران، «لأنّها دولة مستقلة وصاحبة قرارها، وهي دولة لا شرقية ولا غربية، بل دولة وطنية غير خاضعة كغيرها لأميركا، ولأنّ موقفها الإقليمي إلى جانب المستضعفين والقدس وفلسطين ودعم المقاومة»، مع جزمه بأنّ الولايات المتحدة الأميركية «ستنهزم في حربها ضدّ إيران، لأنّ محور المقاومة أقوى مما مضى. أميركا إلى المزيد من الخروج من المنطقة، و«اسرائيل» إلى المزيد من الخوف والهلع». وقال نصرالله إنّ «البعض يستجرّ حرباً أميركية على إيران، وهذا بحاجة إلى كلام كبير، لأنّ المنطق والردع وتوازن القوة لا تسمح بالحرب»، مؤكّداً أنّ إيران لن تكون وحدها عندما تشنّ أميركا عليها الحرب، لأنّ كل منطقتنا مرتبطة بها». المراهنة على الخلافات الإيرانية الداخلية جزء من أدوات المعركة ضدّها، ولكن بالنسبة إلى نصرالله «إيران ستتجاوز كلّ الصعوبات. نحن أيضاً نتأثّر، لكنّنا سنصمد ونتخطى كل هذه الصعوبات ولدينا القدرة على ذلك». وتوجّه إلى الشعوب العربية بالقول إنّ طهران «لا تريد منكم شيئاً ولا تريد سلاحكم ولا مالكم، وهي جاهزة للعطاء من سلاحها ومالها وقدرتها».
من إنجازات الثورة الإيرانية، التي احتفل بذكراها حزب الله أمس، «الوقوف بوجه الهيمنة الأميركية بشكل جدّي، والوقوف بوجه الكيان الصهيوني حيث أعاد انتصار الثورة التوازن ووضع جداراً كبيراً بوجه المشروع الصهيوني، وإرساء الوحدة بين المسلمين ودعم المقاومة في المنطقة بوجه «إسرائيل»». فحين يدور الحديث «عن مصيرنا، وعن حقيقة المعركة الدائرة في المنطقة، فإنّ الجمهورية الإسلامية تُعدّ من أكبر العناوين، وهي الدولة الأكثر تأثيراً في المنطقة». حصل ذلك بعد أن جعل الشاه من إيران، «دولة تابعة لأميركا وتديرها واشنطن كيفما تريد وكان خادماً لها». وذكر نصرالله أنّ الإمام الخميني «كان قبل الستينيات يُحضّر البيئة ضدّ الشاه، وقد بدأت هذه الثورة برجلٍ واحد التفّ حوله عددٌ كبير من رجال الدين والعلماء وشرائح واسعة من الناس»، مُشدّداً على أنّ الثورة الإسلامية «كانت وطنية بامتياز، إذ إنّها ثورة الجياع والمحرومين والمستضعفين، من إنجازاتها إسقاط نظام الشاه الذي كان يُمثّل أعتى نظام دكتاتوري في المنطقة، وإخراج أميركا و»إسرائيل» من إيران».
نصرالله: لدينا قرارنا الحرّ، ولم يطلب مني الولي الفقيه يوماً تنفيذ أي أمر
وأكدّ نصرالله أنّ إيران، بعد 40 سنة على الثورة الإسلامية، «هي دولة المؤسسات والدستور والقانون والسيادة الشعبية، في ظلّ ولاية الفقيه». فأيضاً من إنجازات الثورة، «بقاء مؤسّسات الدولة وعدم تدمير المُقدّرات والحفاظ على الأقليات وعلى الوحدة الوطنية والصمود في وجه كلّ المؤامرات الداخلية التي أثيرت، وإقامة النظام الجديد على قاعدة السيادة الشعبية والاستفتاء الشعبي»، لافتاً إلى أنه منذ انتصار الثورة لا تزال الانتخابات تحصل «بشكل يُعبّر عن رأي الشعب حتى خلال الحرب المفروضة من صدام حسين». وفي هذا الإطار، لفت نصرالله إلى أنّه خلال 8 سنوات، «شُنّت حرب شرسة على إيران وكانت كلّ دول العالم مع صدام حسين باستثناء بعضها كسوريا وغيرها. وبعد انتهاء الحرب، بدأت عملية الإعمار وتثبيت بنية النظام وقواعد الدولة، وصولاً إلى التطور الكبير في الموقع الإقليمي». وحتى إنّ إيران أصبحت «الدولة الثانية في العالم بعد أميركا في (اختبارات) الخلايا الجذعية، وليست بحاجة لاستيراد الدواء، لأنّها تصنع 97% من حاجاتها الدوائية». وأصبحت إيران، خلال زمن الولي الفقيه، «الأولى في المنطقة بإنتاج العلم، والسابعة في العالم ببراءة الاختراع، والمرتبة 16 في العالم بإنتاج العلم. يوجد أكثر من 200 أستاذ ومفكر تنتشر مقالاتهم العلمية في العالم. وفي 1979، كان هناك 165 ألف طالب جامعي فقط، أما اليوم فهناك 4 ملايين و800 ألف طالب جامعي. في عام 1979، كان هناك 6% من النساء في الجامعات، أما اليوم فـ75% من طلاب الجامعات هم نساء. وقد تمّ القضاء خلال 40 سنة على الأمّية عند البالغين في إيران بشكل كامل، وعدد الكتب المطبوعة بعد الثورة الإيرانية مليون وأكثر من 200 ألف كتاب». الأرقام التي عدّدها نصرالله، «ليست صادرة عن الحكومة الإيرانية، بل مصادرها الأمم المتحدة ومنظمات دولية». وشدّد نصرالله على أنّ «الإنجازات ليست في دولة ملك أو شاه أو زعيم دكتاتوري، بل في دولة القانون والدستور والسيادة الشعبية».