علم اهل البيت لا ينضب
علم اهل البيت لا ينضب

القدرة والعظمة: نسق أهل البيت

القدرة والعظمة: نسق أهل البيت

علي ضاحي- خاص takarir.net

تنويه: هذه السلسلة من النصوص حول الفلسفة وعدة ابعاد فيها وارتباطها بين علم اهل البيت عليهم السلام ومقارنتها بالاساطير والثقافات القديمة، هي ثمرة تعاون بين موقع takarir.net ممثلاً بناشره الصحافي علي ضاحي ومؤسس ومدير ورشة السهروردي الكاتب والاديب والفيلسوف الكويتي محمد علي السعيد.

المقدمة

تُعَدّ دراسة أهل البيت (عليهم السلام) من منظور فلسفي–نسقي مجالًا خصبًا لإعادة اكتشاف جوهر الرسالة الإسلامية. فبدل النظر إليهم في سياق تاريخي أو سياسي فحسب، يمكن التعامل معهم كبنية معرفية–وجودية قائمة على ثنائية العظمة والقدرة.
العظمة هنا تُفهم باعتبارها ضيافة ورحمة شاملة، بينما القدرة تُفهم باعتبارها حماية وعدل وصيانة للرسالة. هذا التزاوج بين الضيافة والحماية يشكّل ما يمكن تسميته بـ نسق أهل البيت، الذي يربط بين محمد ﷺ (العظمة)، وعلي (ع) (القدرة)، والله تعالى (الاستجابة الجامعة).

إشكالية البحث

الإشكالية الرئيسة التي يعالجها هذا البحث:

كيف يمكن فهم أهل البيت كنسق جامع بين العظمة (الضيافة) والقدرة (الحماية)؟

وما هي تجليات هذا النسق في النصوص الإسلامية والتجربة التاريخية والفكر الفلسفي والبيئي المعاصر؟

المنهج

يعتمد البحث منهجًا تحليليًا–مقارنًا يقوم على:

1. التحليل النصي: دراسة الأدعية والأقوال المروية عن النبي ﷺ وأهل البيت لفهم مفهوم العظمة والقدرة.

2. المقاربة الفلسفية: توظيف أدوات البنيوية والتفكيكية لتوضيح العلاقة الجدلية بين الضيافة والحماية.

3. المقاربة البيئية: قراءة العظمة والقدرة بوصفهما امتدادًا لمفاهيم الضيافة والاستدامة والحماية في الفكر البيئي الحديث.

التحليل

1. العظمة = الضيافة

تتجلى العظمة في شخصية النبي محمد ﷺ، الذي وصفه القرآن بأنه «رحمة للعالمين».

هذه الرحمة هي ضيافة كونية تستوعب الآخر وتفتح المجال أمام الإنسانية جمعاء.

العظمة إذن هي قدرة على الاحتواء والرحابة، وليست هيمنة أو تسلّطًا.

2. القدرة = الحماية

القدرة تمثلت في شخصية الإمام علي (ع)، لكنها لم تكن مجرد قوة، بل قدرة عادلة.

جوهرها الحماية: حماية الرسالة من التحريف، وحماية المظلوم من الظلم.

علي (ع) جعل القدرة مرادفة للعدل، فقال: «العدل أساس الملك».

القدرة العلوية بهذا المعنى هي حراسة الضيافة النبوية من التفريغ.

3. اكتمال النسق في أهل البيت

أهل البيت جمعوا بين العظمة (الضيافة) والقدرة (الحماية).

في كربلاء، الحسين (ع) جسّد القدرة عبر التضحية، وزينب (ع) جسّدت العظمة عبر الكلمة.

الأئمة اللاحقون مارسوا هذا النسق عبر القدرة العلمية–الفكرية والعظمة الروحية–التربوية.

4. المقاربة الفلسفية

البنيوية: تكشف أن الضيافة والحماية هما بنيتان وظيفيتان متكاملتان، فلا وجود لواحدة دون الأخرى.

التفكيكية: تبيّن أن كل عنصر (قدرة/عظمة) يحمل توترًا لا يحسم إلا بالآخر، أي أن الرحمة بلا عدل تتحوّل إلى ضعف، والعدل بلا رحمة يتحوّل إلى قسوة.

5. المقاربة البيئية

العظمة = التنمية/الضيافة البيئية: الأرض بيت يتسع للجميع.

القدرة = الاستدامة/الحماية البيئية: ضمان بقاء البيت واستمراره.

الله = الرحمة الجامعة: المبدأ الذي يستجيب لاحتياجات الكون ويحفظ توازنه.

الخاتمة

يمكن القول إن نسق أهل البيت يقوم على تزاوج القدرة بالعظمة:

العظمة = الضيافة النبوية.

القدرة = الحماية العلوية.

الله = الاستجابة الجامعة التي تعطي للنسق معناه الكوني.

هذا النسق لا يقتصر على التاريخ الإسلامي، بل يمتد إلى الحقول الفلسفية والبيئية المعاصرة، حيث يظهر كمعادلة وجودية:
لا ضيافة بلا حماية، ولا حماية بلا ضيافة، وكلاهما لا معنى لهما إلا بالاستجابة الإلهية.

بذلك يصبح أهل البيت نموذجًا نسقيًا يجمع بين الرحمة والعدل، الضيافة والحماية، العظمة والقدرة، في مشروع روحي–إنساني متكامل.

الصحافي علي ضاحي

ناشر ورئيس تحرير موقع تقارير

شاهد أيضاً

النبي محمد والامام علي وتجليات الحكمة الالهية

المثلث المحمدي–العلوي–الإلهي

المثلث المحمدي–العلوي–الإلهي علي ضاحي- خاص takarir.net تنويه: هذه السلسلة من النصوص حول الفلسفة وعدة ابعاد …