المرحومة الحاجة شريفة صفا
المرحومة الحاجة شريفة صفا

موتُ الجدة…موتٌ مُوقّت للروح

موتُ الجدة…موتٌ موقت للروح

علي ضاحي خاص takarir.net

قبل 3 ايام غادرتنا الى عالم الخلود والبقاء، جدتي لأمي السيدة الشريفة الحاجة شريفة صفا عن عمر يلامس الـ86 -87 عاماً. والسبب في مقاربة العمر برقمين هو ان تسجيل الولادات لم يكن يتم في الماضي بشكل دقيق ولدى الولادة مباشرة.
مع وفاة جدتي لأمي اكون قد خسرت الاضلع الاربعة : جدي لوالدي علي ضاحي والذي توفي في العام بسمتة قلبية1979 وقبل ولادتي بعام. لم اعرفه ولم ارى وجهه سوى في صورة قديمة. وقبله ببضعة اعوام مات عمي الشاب حسين ولا اعرفه ايضاً سوى في صورة يتيمة ايضاً. وبعده بعشرة اعوام فقدت جدي لأمي حسن فرفور بحادثة دهس قرب بستانه في العباسية في العام 1989. وقبل وفاته بثلاثة اعوام استشهد خالي محمد في صفوف المقاومة الاسلامية في وجه العصابات العرفاتية في مغدوشة في العام 1986.
وبعد جدي توفيت خالتي قبل الصغرى ايمان بحادث غرق مؤسف في نهر جنوبي ايضاً.
وبعد وفاة خالتي بعشرات الاعوام، توفي عمي ابراهيم ضاحي في 10 كانون الاول 2020 بسكتة قلبية. وبعده بعشرة اشهر توفيت جدتي لأبي الحاجة أمينة عزالدين في 20 ايلول 2021 . وفي 18 آذار 2024 توفيت عمتي الحاجة نسيمة ضاحي.
وبوفاة جدتي لأمي الحاجة شريفة صفا، اكون قد فقدت اربعة من اضلعي ويبقى القلب والروح وهما والدي ووالدتي اطال الله بعمرهما.
الجد والجدة من ناحية الاب والام، اربعة اضلاع للمرء تعيش معه منذ الولادة وتبقى سنداً له طالما عاش هو وعاشوا هم معه.
وكل منا يذكر حوادث جرت معه ومناسبات وطرائف ولحظات جميلة عاشها مع جدته وجده. حيث يتلقى الطفل كل الغنج والدلال والاهتمام من الاجداد، وهو الحفيد. فكيف اذا كان البكر بين الأولاد. وبالتالي يصبح الاهتمام اكبر واهم، ويتعلق الولد اصلاً بالفطرة بأرحامه فكيف بمن يهتم به ويرعاه.
وكل منا ايضاً وممن عاش مع جده وجدته لفترة طويلة، يدرك ما اقول، ويدرك بعد خسارة احدهما بالوفاة وهي حق على كل بني آدم وكأس مرة يتجرعها كل من ولد في هذه الحياة الفانية، صعوبة المصاب وقساوته.
موت جدتي الحاجة شريفة، بعد موت جدتي امينة عزالدين وجداي علي ضاحي وحسن فرفور، جعلني اشعر وفي هذه الايام الثلاثة منذ تبلغي خبر الوفاة وحتى خلال الدفن وبعده واليوم في ذكرى الثالث، انني رجعت طفلاً صغيراً وانني اشعر بالحاجة الى جدتي وحنانها وعطفها. وجعلني استذكر طفولتي واكثر من 10 اعوام كنت اتردد فيها الى منزلها في العباسية وكنت اقضي العطل الاسبوعية والصيفية معها ومع جدي واخوالي وخالاتي قبل ان صبح شاباً واغادر الى بيروت للتعلم والعمل فيها لأكثر من 20 عاماً.
موت الجدة يوغل عميقاً في الروح، ويترك ندوباً قد لا تصلحها الذكرى والشوق والحنين. ولكن الموت حق وحق الموت علينا جميعاً. واصعب ما في الموت هو انه يأخذ من تحب على غفلة وبشكل خاطف ليترك الحزن والاسى والصدمة ومن ثم الصبر والسلوان والذكرى الطيبة والدمعة عند الذكرى.
موت الجدة موت موقت للروح، ولكن العبرة الجميلة في الموت، هو ان الارواح ستتلاقى يوماً ما في مكان جميل، وفي عليين ومع الانبياء والائمة والصالحين والشهداء والمقدسين.

الصحافي علي ضاحي

ناشر ورئيس تحرير موقع تقارير

شاهد أيضاً

الصحافي علي ضاحي

الصخرة لله والأشبال للمهدي

الصخرة لله والأشبال للمهدي علي ضاحي خاص takarir.net لم يعد بالإمكان بعد كل الذي جرى …